للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيمَا مَرَّ: وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ

وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي تَصْوِيرِ الْبِسَاطِيِّ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ شَرِكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُحْجَبَ السَّارِقُ عَنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ الثَّانِي أَنْ يَسْرِقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا مِنْ جَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا إذَا كَانَ جُمْلَةُ الْمَالِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَسَرَقَ مِنْهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِمَّا سَرَقَ لَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ نِصَابٌ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ، أَوْ حُجِبَ عَنْهُ، وَسَرَقَ دُونَ حَقِّهِ، أَوْ فَوْقَهُ، لَكِنْ دُونَ رُبُعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ

. (ص) مُخْرَجٌ مِنْ حِرْزٍ بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ، أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا، أَوْ أَدْهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ، أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ، أَوْ اللَّحْدَ، أَوْ الْخِبَاءَ، أَوْ مَا فِيهِ، أَوْ فِي حَانُوتٍ، أَوْ فِنَائِهِمَا، أَوْ مَحْمِلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ وَإِنْ غُيِّبَ عَنْهُنَّ، أَوْ بِجَرِينٍ، أَوْ سَاحَةِ دَارٍ لِأَجْنَبِيٍّ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ كَالسَّفِينَةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَطْعِ أَنْ يُخْرِجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، وَفَسَّرَ الْحِرْزَ بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، فَلَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ شَرْعِيٌّ، بَلْ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَالْأَمْوَالِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ نَقَلَ النِّصَابَ دَاخِلَ الْحِرْزِ مِنْ مَكَان لِآخَرَ فِيهِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِ غَيْرِ مِثْلِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا إخْرَاجُ الْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَسَوَاءٌ بَقِيَ النِّصَابُ خَارِجَ الْحِرْزِ، أَوْ تَلِفَ بِسَبَبِ نَارٍ، أَوْ أَتْلَفَهُ حَيَوَانٌ، أَوْ كَانَ زُجَاجًا فَتَكَسَّرَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ السَّارِقِ الْحِرْزَ بَلْ لَوْ أَدْخَلَ عَصًا مَثَلًا، وَجَرَّ بِهَا نِصَابًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ ابْتَلَعَ دَاخِلَ الْحِرْزِ دُرًّا، أَوْ دِينَارًا، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ حَيْثُ خَرَجَ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ، لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ طَعَامًا دَاخِلَ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ، وَلَكِنْ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ كَمَا لَوْ حَرَقَ أَمْتِعَةً دَاخِلَ الْحِرْزِ، وَيُؤَدَّبُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَدْهَنَ دَاخِلَ الْحِرْزِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَا يُسَاوِي نِصَابًا إذَا سُلِتَ مِنْهُ كَالْمِسْكِ وَالزُّبْدِ وَنَحْوِهِمَا، وَمِثْلُ السَّلْتِ الْغَسْلُ، أَوْ الطَّفْيُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ وَنَحْوِهَا فَأَخْرَجَهَا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا، أَوْ إلَى صَبِيٍّ، أَوْ إلَى أَعْجَمِيٍّ حَتَّى أَخْرَجَهُ فَقَوْلُهُ: أَوْ أَشَارَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى لَمْ يُخْرِجْ أَيْ: وَإِنْ أَشَارَ إلَخْ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ نَفْسَ اللَّحْدِ، وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ الَّذِي يُسَدُّ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ، وَأَمَّا سَرِقَةُ مَا فِي الْقَبْرِ، وَهُوَ الْكَفَنُ فَسَيَأْتِي، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ الْخَيْمَةَ، أَوْ سَرَقَ مَا فِيهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَهْلُهُ فِيهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي تَصْوِيرِ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبِسَاطِيِّ فَإِنْ قُلْتَ: الْقَطْعُ يَرْجِعُ لِلْحُكَّامِ وَيَتْبَعُ فِيهِ الظَّاهِرَ فَكَيْفَ يُعْرَفُ أَنَّهُ جَاحِدٌ حَتَّى يُنْفَى عَنْهُ الْقَطْعُ؟ . قُلْتُ: قَدْ يَقُولُ بَعْدَ السَّرِقَةِ: أَنَا جَحَدْته ذَلِكَ وَيَرْجِعُ لِلْحَقِّ، وَظَاهِرُهُ كَأَنَّ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، أَوْ لَا وَقَيَّدَ بَعْضَ الشُّيُوخِ عَدَمَ الْقَطْعِ بِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ قَالَ: وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قُطِعَ وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ، وَحَاصِلُ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ تَصْوِيرَ الْبِسَاطِيِّ لَا يَسْلَمُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ السَّارِقُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمَالَ لَهُ وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ كُلَّهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَطْعِ.

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَنْ يُحْجَبَ السَّارِقُ) أَيْ: بِأَنْ أَوْدَعَاهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِ السَّارِقِ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ وَالْإِحْرَازِ وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَحْجُوبِ، أَوْ يُغْلِقَا عَلَيْهِ وَيُودِعَا الْمَفَاتِيحَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا، وَمِثْلُ جَعْلِ الْمَفَاتِيحِ عِنْدَ غَيْرِهِمَا جَعْلُهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ وَالْإِحْرَازِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقَوَّمًا إلَخْ) أَيْ: كَشَرِكَةٍ فِي عُرُوضٍ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ كَكُتُبٍ مُخْتَلِفَةٍ جُمْلَتُهَا تُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ فَسَرَقَ كِتَابًا مُعَيَّنًا يُسَاوِي سِتَّةً فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهِ نِصْفُهُ فَقَطْ فَقَدْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْهُ نِصَابًا، فَإِنْ سَرَقَ دُونَ حَقِّهِ فِيهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ كَانَ مَا سَرَقَهُ بَعْضُهُ حَظَّهُ، وَبَعْضُهُ حَظَّ صَاحِبِهِ، وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَمَّا كَانَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ غَالِبًا، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ قَدْرُ حَظِّهِ، أَوْ أَكْثَرَ بِدُونِ نِصَابٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ) أَيْ: السَّارِقُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِالضَّمِيرِ بَارِزًا لَتُوُهِّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُخْرَجِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعِبَارَةِ. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ اللَّحْدَ) مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: أَوْ سَرَقَ اللَّحْدَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْخَيْمَةَ، أَوْ مَا فِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي حَانُوتٍ مَعْطُوفٌ عَلَى فِيهِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ سَرَقَ مَا فِي حَانُوتٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِنَائِهِمَا إلَخْ أَيْ: أَوْ سَرَقَ مِنْ فِنَائِهِمَا فَفِيهِ حَذْفُ الْجَارِ وَإِبْقَاءِ مَجْرُورِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمِلٍ) أَيْ: وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ فِي سَرِقَةِ مَحْمِلٍ، أَوْ سَرِقَةٍ مِنْ مَحْمِلٍ فَالْمَحْمِلُ إمَّا مَسْرُوقٌ نَفْسُهُ، أَوْ مَسْرُوقٌ مِنْهُ، أَوْ مَا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ فَقَوْلُهُ: فِي سَرِقَةِ مَحْمِلٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِجَرِينٍ أَيْ: أَوْ سَرَقَ مَا بِجَرِينٍ أَوْ مَا بِسَاحَةِ دَارٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ بَعْدَ هَذَا مِنْ الرَّكَاكَةِ فِي لَفْظِ الْمُؤَلِّفِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَاحَةِ دَارٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّاحَةَ وَالْعَرْصَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ وَسَطُ الدَّارِ هَذَا إذَا قَيَّدْتَ السَّاحَةَ بِالدَّارِ، وَأَمَّا السَّاحَةُ الْمُطْلَقَةُ فَهِيَ مَا كَانَتْ خَارِجَ الْبُيُوتِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ السَّلْتِ الْغَسْلُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ أَيْ: غَسْلُ الدُّهْنِ مِنْ الْجَسَدِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الطَّفْيُ عَلَى الْمَاءِ أَيْ: بِدُونِ غَسْلٍ بِأَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَاءِ فَيَسْتَعْلِي الدُّهْنُ عَلَى الْمَاءِ، وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا أَدْهَنَ بِنِصَابٍ، وَلَكِنْ بِحَيْثُ إذَا سَلَتَ، أَوْ طَفَا عَلَى الْمَاءِ لَا يَحْصُلُ نِصَابٌ فَلَا قَطْعَ. (قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَهَا مِنْ حِرْزِهَا) وَهَلْ يُعْتَبَرُ أَخْذُهَا وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَوْ لَا؟ ، وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ النَّوَادِرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ اللَّحْدَ الشِّقُّ يَكُونُ فِي عَرْضِ الْقَبْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>