للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَضَرِ، أَوْ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الْخِبَاءَ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ، وَلِمَا فِيهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْخِبَاءِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ اتَّخَذَهُ الْإِنْسَانُ مَنْزِلًا وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ مَثَلًا فَسَرَقَهُ إنْسَانٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَانُوتٍ نِصَابًا، أَوْ مِنْ فِنَاءِ الْخِبَاءِ، أَوْ مِنْ فِنَاءِ الْحَانُوتِ، أَوْ مِنْ تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ يَقُومُ، وَيَتْرُكُهُ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا مَبْنِيًّا، أَوْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْقَلِبُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَلَا قَطْعَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَحْمِلِ، أَوْ مَا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً، أَوْ نَازِلَةً فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، وَبِعِبَارَةِ أَوْ مَحْمِلٍ كَالزَّامِلَةِ، وَالشُّقْدُفِ، وَالْمِحَفَّةِ إذَا سَرَقَ الْمَحْمِلَ، أَوْ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مَا بَعْدَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي عَنْهُنَّ يَرْجِعُ لِلْخِبَاءِ، وَلِلْحَانُوتِ، وَلِلْمَحْمِلِ وَلِلدَّابَّةِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ تَمْرًا، أَوْ زَرْعًا مِنْ الْجَرِينِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَ مِنْ الْبُيُوتِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَلَوْ حَمَلَ الزَّرْعَ إلَى الْجَرِينِ فَسَرَقَ فِي الطَّرِيقِ لَقُطِعَ السَّارِقِ لِأَجْلِ مَنْ مَعَهُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَاحَةٍ، أَوْ عَرْصَةِ دَارٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ لَهُمَا، وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الشَّرِيكِ فِي السُّكْنَى، فَيُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَهُ مِنْ السَّاحَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُوضَعُ فِيهَا أَمْ لَا كَالثَّوْبِ

وَأَمَّا غَيْرُ الْأَجْنَبِيِّ فَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ مِنْ السَّاحَةِ مَا يُوضَعُ فِيهَا كَالدَّابَّةِ لَا غَيْرُهُ، وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ لِسَاحَتِهَا سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَمْ أَجْنَبِيًّا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَقَالَ الشَّارِحُ: اُخْتُلِفَ فِيهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ، وَعَزَا الْمَوَّاقُ هَذَا الثَّانِيَ لِسَحْنُونٍ، وَعَزَا الْأَوَّلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَهَذَا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ، فَلَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا، أَوْ مِنْ سَاحَتِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَ مِنْ سَاحَتِهَا مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ السَّفِينَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ قُطِعَ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا أَمْ لَا كَانَ مِمَّنْ بِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ رَبِّهِ، فَإِنْ كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا قُطِعَ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّكَّابِ فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ الْخُنِّ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا

. (ص) أَوْ خَانٍ لِلْأَثْقَالِ، أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ، أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْرٍ، أَوْ بَحْرٍ لِمَنْ رَمَى بِهِ لِكَفَنٍ، أَوْ سَفِينَةٍ بِمِرْسَاةٍ، أَوْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ مِطْمَرٍ قَرُبَ، أَوْ قِطَارٍ وَنَحْوِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَانَ يَكُونُ حِرْزًا لِلْأَشْيَاءِ الثَّقِيلَةِ كَالزِّلَعِ، وَالْحَمُولِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَبِمُجَرَّدِ إزَالَتِهَا عَنْ مَوْضِعِهَا يُقْطَعُ، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا إذَا كَانَتْ تُبَاعُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ حَتَّى يُخْرِجَهَا، وَلَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا خَفِيفًا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ فِي مَكَان مَحْجُورٍ عَنْ السَّارِقِ أَنْ يَدْخُلَهُ، أَمَّا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَكَان يَدْخُلُهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، وَحُكْمُ أَمَةِ الزَّوْجَةِ حُكْمُهَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ، وَحُكْمُ عَبْدِ الزَّوْجِ حُكْمُهُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ، وَأَتَى بِضَمِيرِ الزَّوْجِ مُذَكَّرًا مُرَاعَاةً لِلَفْظِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ دَابَّةً مِنْ مَوْقِفِهَا الَّتِي أُوقِفَتْ فِيهِ لِلْبَيْعِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ السَّاحَةِ، وَإِخْرَاجَهَا خَارِجَ الدَّارِ إمَّا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَفِيهِ الْقَطْعُ مُطْلَقًا، وَإِمَّا مِنْ شَرِيكٍ فَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِي السَّاحَةِ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي السَّاحَةِ، وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ الْبُيُوتِ وَإِخْرَاجُهَا لِلسَّاحَةِ فَيُقْطَعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَالْأَجْنَبِيِّ، أَمَّا الشَّرِيكُ فَبِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا أَوْ مِنْ سَاحَتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ سَاحَتِهَا مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ) لَمَّا عَمَّمَ وَقَالَ: سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا أَفَادَك أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِيهِ الْخِلَافُ. (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا) الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ نِسْبَةِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ نُسِبَ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِيَ نُسِبَ لِلْحَمْلِ عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ الْأَمْرِ الثَّانِي الْعَزْوَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ مَعْزُوٌّ لِلْإِمَامِ، وَالثَّانِي مَعْزُوٌّ لِسَحْنُونٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ لَكَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَقْوَى مِنْ تَأْوِيلِهَا وَقَوْلُ الْإِمَامِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ كَسَحْنُونٍ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ السَّفِينَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ فِي الْخُنِّ فِيهَا الْقَطْعُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ السَّفِينَةِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا مِنْ الرُّكَّابِ أَمْ لَا، وَثَمَانِيَةٌ فِي غَيْرِ الْخُنِّ فَنَقُولُ: إنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ قُطِعَ خَرَجَ أَمْ لَا كَانَ مِنْ الرُّكَّابِ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الرُّكَّابِ خَرَجَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الرُّكَّابِ قُطِعَ إنْ خَرَجَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَا قَطْعَ

. (قَوْلُهُ: أَوْ خَانٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ أَيْ: أَوْ سَاحَةِ خَانٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ سُكَّانِهِ، أَوْ أَجْنَبِيًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجٍ) اُنْظُرْ عَلَى مَاذَا يُعْطَفُ قَالَ الشَّارِحُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُرَاعِ فِي هَذِهِ الْمَعَاطِيفِ صِنَاعَةَ أَهْلِ النَّحْوِ الْمَعْهُودَةَ بَلْ، يُقَدَّرُ لِكُلِّ مَعْطُوفٍ مِنْهَا مَا يُنَاسِبُهُ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ) بِإِزَالَتِهِ عَنْ مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْحَجْرُ بِغَلْقٍ لَا بِمُجَرَّدِ حَجْرٍ بِالْكَلَامِ.

(قَوْلُهُ: لِكَفَنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِحِرْزٍ وَالتَّقْدِيرُ هُمَا حِرْزٌ لِكَفَنٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِكَفَنٍ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا دَامَ بِهِ الْمَيِّتُ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ فَرَّقَهُ الْمَوْجُ عَنْهُ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ كُفِّنَ بِهِ، أَوْ رُؤْيَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي التَّفْرِيقِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ الْبَحْرُ حِرْزًا لَهُ أَمْ لَا؟ ، وَأَمَّا الْقَبْرُ بِالْبَرِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْعُمْرَانِ، أَوْ الْبَعِيدِ فَحِرْزٌ لِلْكَفَنِ وَلَوْ فَنَى الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>