إذَا كَانَتْ مَرْبُوطَةً فِي الزُّقَاقِ دَائِمًا، ثُمَّ سَرَقَهَا مِنْ مَوْقِفِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِرْزُهَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبْرُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ، أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ كَفَنَ الْمَيِّتِ الْمَرْمِيِّ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْبَحْرَ حِينَئِذٍ صَارَ حِرْزًا لَهُ، وَظَاهِرُهُ رُمِيَ بِالْبَحْرِ مُثَقَّلًا أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: رُمِيَ بِهِ، مِنْ الْغَرِيقِ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَوَائِجِ، وَشَرْطُ الْكَفَنِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا، وَلَوْ مَنْدُوبًا، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا قَطْعَ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ السَّفِينَةَ نَفْسَهَا، وَهِيَ وَاقِفَةٌ فِي الْمِرْسَاةِ، أَوْ عَلَى قَرْيَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْمِرْسَاةِ الْمَحَلُّ الَّذِي رَسَتْ فِيهِ، وَهُوَ صَالِحٌ لِلْإِرْسَاءِ كَانَ مُعَدًّا لَهُمَا أَمْ لَا، كَانَ بَقَرِيَّةٍ أَمْ لَا، كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا، وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ، وَلَوْ كَانَ فِي فَلَاةٍ وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ غِلَالِ الْمَطَامِيرِ الَّتِي يُخَزَّنُ فِيهَا الْقَمْحُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَطْمُورُ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْكَنِ بِحَيْثُ يَكُونُ حِسُّ رَبِّهِ عَلَيْهِ، فَلَوْ بَعُدَ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِزْ طَعَامَهُ بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْقِطَارِ، وَهُوَ الْإِبِلُ الْمَرْبُوطَةُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ سَائِرَةً، أَوْ نَازِلَةً، فَإِذَا حَلَّ السَّارِقُ وَاحِدًا مِنْهَا، وَأَخَذَهُ قُطِعَ، وَلَوْ لَمْ يَبِنْ بِهِ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبَانَ بِهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَنَحْوُ الْقِطَارِ الْإِبِلُ، أَوْ الدَّوَابُّ الْمَسُوقَةُ إلَى الْمَرْعَى غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ أَيْ: غَيْرَ مَقْطُورَةٍ
. (ص) أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ، أَوْ حُصُرَهُ، أَوْ بُسُطَهُ إنْ تُرِكَتْ بِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَهُ عَنْ حِرْزِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَزَالَ سَقْفَ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ، لِأَنَّهُ أَزَالَهُ عَنْ حِرْزِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ بَلَاطَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ سَرَقَ حُصُرَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْبَلَاطَ لَا يَتَقَيَّدُ غَالِبًا بِوَضْعِهِ فِي مَحَلِّ حِرْزِهِ بِخِلَافِ الْحُصُرِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَسْجِدِ، بَلْ غَيْرُهُ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلْقٌ، أَوْ لَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ حُصُرَهُ، وَأَخْرَجَهَا، وَمِثْلُهَا الْبُسُطُ إذَا كَانَتْ تُتْرَكُ بِهِ مِثْلَ مَا تُتْرَكُ الْحُصُرُ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ، فَالْقَيْدُ يَرْجِعُ لِلْبُسُطِ فَقَطْ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي اشْتِرَاطِ الْإِخْرَاجِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ الْإِزَالَةُ كَافِيَةٌ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقَنَادِيلُ مُسَمَّرَةً، وَإِلَّا قُطِعَ بِالْإِزَالَةِ اتِّفَاقًا
. (ص) أَوْ حَمَّامٍ إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ، أَوْ بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ فِي تَقْلِيبٍ، وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ، أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ، أَوْ خَدَعَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ لِأَجْلِ السَّرِقَةِ، وَسَرَقَ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا فَدَخَلَهَا، وَسَرَقَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ نَقَبَ الْحَمَّامَ، أَوْ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا، وَنَزَلَ إلَيْهَا، وَسَرَقَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إذَا أُخِذَ خَارِجَ الْحَمَّامِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ النَّقْبِ لَا قَطْعَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ مِنْ ثِيَابِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَارِسِ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ فَأَخَذَ غَيْرَ ثِيَابِهِ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ
ــ
[حاشية العدوي]
بِغَيْرِ الْكَفَنِ. (قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ: اُخْتُلِفَ إذَا أُرْسِيَتْ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ وَذَهَبُوا وَتَرَكُوهَا فَنَزَلَهَا سَارِقٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ، وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فَإِنْ تَرَكُوا مَنْ يَحْرُسُهَا قُطِعَ سَارِقُهَا يَعْنِي بِاتِّفَاقِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ بِمِرْسَاةٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا قُطِعَ سَارِقُهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي مِرْسَاةٍ مَعْرُوفَةٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي قَطْعِ سَارِقِهَا فَالضَّعْفُ الَّذِي لَحِقَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) أَيْ: الْحَيِّ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ نَائِمًا فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ لَا مَيِّتًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ الشَّيْءَ بِصَاحِبِهِ لَا يُقْطَعُ كَمَا إذَا سَرَقَ الدَّابَّةَ وَرَاكِبَهَا وَكَذَا السَّفِينَةُ يَسْرِقُهَا وَأَهْلُهَا فِيهَا نِيَامٌ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُصَنِّفِ الْغَنَمُ بِالْمَرْعَى فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا، وَمِثْلُ الْغَنَمِ فِي الْمَرْعَى الثِّيَابُ يَنْشُرُهَا الْغَسَّالُ، وَتُسْرَقُ بِحَضْرَتِهِ فَلَا قَطْعَ وَكَأَنَّ وَجْهَ اسْتِثْنَاءِ الْغَنَمِ فِي الْمَرْعَى وَالثِّيَابِ فِي النَّشْرِ تَشْتِيتُ الْغَنَمِ وَعَدَمُ ضَبْطِهَا وَنَشْرُ الثِّيَابِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ فَصَارَ الْآخِذُ خَائِنًا أَوْ مُخْتَلِسًا. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَطْمُورُ إلَخْ) الْمَطْمُورُ هُوَ حُفْرَةٌ تُجْعَلُ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ، وَيُهَالُ عَلَيْهَا التُّرَابُ حَتَّى تُسَاوِي الْأَرْضَ فَيُقْطَعُ.
(قَوْلُهُ: الْقِطَارِ) هُوَ رَبْطُ الْإِبِلِ أَوْ غَيْرِهَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ
. (قَوْلُهُ: أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ) وَبَابُ غَيْرِهِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ تُتْرَكُ بِهِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُنْقَلُ مِنْهُ بِاللَّيْلِ وَتُبْسَطُ بِالنَّهَارِ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا وَكَذَا إنْ تُرِكَتْ بِهِ مَرَّةً، وَنُسِيَتْ فَسُرِقَتْ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ الْإِزَالَةُ كَافِيَةٌ) أَيْ: فِي الْقَنَادِيلِ وَالْحُصْرِ وَالْبُسُطِ
. (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ) بِاعْتِرَافِهِ بِدُخُولِهِ لَهَا وَسَرَقَ، فَيُقْطَعُ وَإِنْ أَخَذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهُ، وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ لِغَيْرِ السَّرِقَةِ، بَلْ لِلتَّحْمِيمِ، وَسَرَقَ فَإِنَّمَا يُقْطَعُ إذَا خَرَجَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الْحَمَّامِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ لِلتَّحْمِيمِ؟ ، وَادَّعَى الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِحَارِسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ حَمَّامٍ بِغَيْرِ حَارِسٍ إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ، أَوْ دَخَلَ مُلْتَبِسًا بِحَارِسٍ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ لَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا) أَيْ: لَا لِلتَّحْمِيمِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ لِحَاجَةِ غَيْرِ التَّحْمِيمِ وَقَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ أَيْ: مُطْلَقًا وَلَوْ خَرَجَ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَهَا لِلتَّحْمِيمِ، وَسَرَقَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ خَرَجَ كَمَا قَدَّمْنَا. (قَوْلُهُ: إذَا أَخَذَ خَارِجَ الْحَمَّامِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ مِنْ ثِيَابِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَارِسِ إلَخْ) قَالَ فِي ك: وَلَا يُقْطَعُ مَعَ الْحَارِسِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ السَّارِقُ قَدْ دَخَلَ لِلتَّحْمِيمِ، وَأَمَّا إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ يَسْرِقُ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ السَّاكِنِينَ عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute