للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْقَتْلِ وَبِغَيْرِهِ. (ص) فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ. (ش) أَيْ: فَبِسَبَبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْلِيفِ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ كَمَا مَرَّ يُقْطَعُ الْحُرُّ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ حُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ عَبْدٍ مِثْلِهِ، أَوْ مِنْ حُرٍّ، أَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَالْمُعَاهَدُ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ مُعَاهَدٍ مِثْلِهِ، أَوْ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَالْحَدُّ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا حَقَّ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَفِي الْمُبَالَغَةِ شَيْءٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ مِنْ مِثْلِهِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْقَطْعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ الْمُعَاهَدِ، وَالْعَبْدِ، وَبِعِبَارَةِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ بِتَمَامِهَا مَا يُتَوَهَّمُ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَنَا سِوَى أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّرِقَةِ إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا عِلْمُ الْإِمَامِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَقَطْعُ الْحُرِّ لِلْحُرِّ، وَالْعَبْدِ لِلْعَبْدِ وَالْمُعَاهَدِ لِلْمُعَاهَدِ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: فَيُقْطَعُ حَتَّى أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ أَيْ: الشَّخْصُ الْحَرُّ إلَخْ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى. (ص) إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، أَوْ مِنْ رَقِيقٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ مَا فِيهِ النِّصَابُ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ سَرَقَ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ لَا لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ذَهَابُ مَالِهِ، وَقَطْعُ يَدِ غُلَامِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ: فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْ: وَلَا يَضْمَنُ لِلسَّيِّدِ الْمَالَ، وَلَوْ خَرَجَ حُرًّا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ بِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ أَصْلِ سَيِّدِهِ كَأَبِيهِ، أَوْ فَرْعِهِ كَابْنِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ

. (ص) وَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ إنْ طَاعَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ عَيَّنَ لِسَرِقَةٍ، أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ، وَقَبْلَ رُجُوعِهِ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِإِقْرَارِ السَّارِقِ عَلَى نَفْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِقْرَارِ طَائِعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَائِعًا، بَلْ كَانَ مُكْرَهًا، فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهِ، وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ، أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي حَالَ التَّهْدِيدِ، فَلَا يُقْتَلُ، وَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُقِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَيُقْبَلُ رُجُوعُ السَّارِقِ عَنْ إقْرَارِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَى شُبْهَةٍ كَقَوْلِهِ: أَخَذْتُ مَالِي الْمَغْصُوبَ، أَوْ الْمُعَارَ، وَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ سَرِقَةٌ، أَوْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ، وَمِثْلُهُ الزَّانِي وَالشَّارِبُ وَالْمُحَارِبُ، وَمَنْ أَقَرَّتْ بِالْإِحْصَانِ، ثُمَّ رَجَعَتْ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا

. (ص) وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ فَحَلَفَ الطَّالِبُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ وَحَلَفَ، أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ، فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مُتَّهَمٍ بِالسَّرِقَةِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ، فَإِنْ نَكَلَ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ، فَحَلَفَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْغُرْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَالْيَمِينِ، وَلَا يَثْبُتُ الْقَطْعُ، وَإِنْ ادَّعَى السَّرِقَةَ عَلَى شَخْصٍ صَالِحٍ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُؤَدَّبُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ، أَمَّا دَعْوَى الِاتِّهَامِ، فَبِمُجَرَّدِ النُّكُولِ يَغْرَمُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تُرَدُّ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الْغُرْمُ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ دُونَ الْقَطْعِ، وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُهَا، وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ

ــ

[حاشية العدوي]

اُكْتُفِيَ بِهِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَرُدُّ الْعِبَارَةَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَنَا سِوَى أَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ الْمُؤَلِّفُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَقُطِعَ إلَخْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُنَا وَلَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ بِأَنْ قُلْنَا بِالتَّوَهُّمِ فِي غَيْرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ قَطْعَ الْحُرِّ إلَخْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعَاهَدَ مِثْلُ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَالُهُ يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ) ذِكْرُ الْحُرِّ تَسَامُحٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ لِلسَّيِّدِ الْمَالَ وَلَوْ خَرَجَ حُرًّا) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا خَرَجَ حُرًّا بِإِعْتَاقِهِ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَالِهِ عِنْدَ عِتْقِهِ وَتَرْكَهُ دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ لَهُ مِنْهُ.

(تَنْبِيهٌ) : لَا يُقْطَعُ الْأَبُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَ ابْنِهِ لَهُ

. (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِإِقْرَارِ السَّارِقِ) أَيْ وَبِالْبَيِّنَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ فَلَوْ قَالَ قَبْلَ الْقَطْعِ وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ مُكْرَهًا) أَيْ مِنْ قَاضٍ أَوْ وَالٍ أَوْ نَائِبِ سُلْطَانٍ بِوَعِيدٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ ضَرْبٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهِ) أَيْ مُتَّهَمًا أَمْ لَا (٨٢) . (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ إلَخْ) بَلْ وَلَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ أَيْ لِاحْتِمَالِ وُصُولِ الْمَسْرُوقِ مِنْ غَيْرِهِ وَاحْتِمَال أَنَّ غَيْرَهُ قَتَلَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِ الْمُتَّهَمِ بِإِكْرَاهِهِ بِسِجْنٍ وَبِهِ الْحُكْمُ وَكَذَا فِي الْمُعِينِ قَصَرَ الْعَمَلَ بِإِقْرَارِهِ مُكْرَهًا عَلَى كَوْنِهِ بِالْحَبْسِ وَفِي رَجَزِ ابْنِ عَاصِمٍ زِيَادَةَ الضَّرْبِ وَنَسَبَهُ لِمَالِكٍ فَقَالَ

وَإِنْ يَكُنْ مُطَالَبٌ مَنْ يُتَّهَمْ ... فَمَالِكٌ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ حَكَمْ

وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ... مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ

وَذَاعِرٌ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَائِفُ وَبِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مُفْسِدٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِزَايِ أَيْ شَرِسٌ وَاعْتَمَدَ مَا لِسَحْنُونٍ وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ رُجُوعُ السَّارِقِ إلَخْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ أَيْ وَلَوْ قُطِعَ وَيَغْرَمُ الْمَالَ لِرَبِّهِ

. (قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ مُتَّهَمٍ بِالسَّرِقَةِ) أَيْ سَرِقَةِ نِصَابٍ وَكَذَا عَلَى مَجْهُولِ حَالٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ قَدَّمَهُمَا فِي الْغَصْبِ إذْ حَقُّ السَّرِقَةِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُهَا وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ) فِي شَرْحِ عب أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ أَيْ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ الْيَمِينَ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ مُقْتَضَى كَلَامِ عب

<<  <  ج: ص:  >  >>