للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّعْبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُنْظَرُ لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي الْبَوْلِ بِكَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ بَلْ بِالنَّظَرِ لِتَكَرُّرِ خُرُوجِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِبَارَ بِالْبَوْلِ إنَّمَا يَجْرِي فِي حَالِ صِغَرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَبُولَ إلَى حَائِطٍ، أَوْ عَلَى حَائِطٍ، فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ فِي الْحَائِطِ، أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْحَائِطِ فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ بَالَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَهُوَ أُنْثَى وَقِيلَ تُنْصَبُ لَهُ مِرْآةٌ أَمَامَهُ وَيُنْظَرُ فِيهَا إلَى مَبَالِهِ بِأَنْ يَجْلِسَ أَمَامَهُ يَنْظُرُ مِنْهَا لَهُ وَتُعُقِّبَ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِصُورَةِ الْعَوْرَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَظَاهِرُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ مَنِيٌّ مِنْ ذَكَرٍ وَحَيْضٌ مِنْ فَرَجٍ فَهُوَ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّعْبِيُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ هُوَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ مُجْتَهِدٌ نِسْبَةً لِشَعْبٍ حَيٍّ مِنْ الْيَمَنِ.

(قَوْلُهُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ) أَمَّا الْكَيْلُ بِأَنْ يُقَالَ إذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ مِلْءَ مُدٍّ وَبَالَ مِنْ الْفَرْجِ نِصْفَهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَأَمَّا الْوَزْنُ فَبِأَنْ يُقَالَ إذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ قَدْرَ رِطْلٍ وَمِنْ الْفَرْجِ قَدْرَ نِصْفِ رِطْلٍ يُحْكَمُ لَهُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَقَوْلُهُ بَلْ بِالنَّظَرِ لِتَكَرُّرِ خُرُوجِهِ فَإِذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ مَرَّتَيْنِ وَمِنْ الْفَرْجِ مَرَّةً فِي الْيَوْمِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَقُولُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَتَى فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ يَزِيدُ عَلَى الْمَرَّتَيْنِ بِأَضْعَافٍ هَكَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِعَجِّ وَلَكِنَّ النَّقْلَ فِي الْحَطَّابِ إنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِهِمَا وَذَكَرَ كَلَامَ الشَّعْبِيِّ مُقَابِلَهُ وَنَصَّ الْحَطَّابُ فَلَوْ بَالَ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ وَالْأَسْبَقُ وَأَنْكَرَ الشَّعْبِيُّ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ وَرَآهُ مُتَعَذِّرًا وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا فَمِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْأَكْثَرُ وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمِنْ أَيِّهِمَا سَبَقَ قَالَ أَيُّوبُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْظَرُ مِنْ أَيِّهِمَا خَرَجَ أَكْثَرَ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا عَتِيقٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ وَالْأَوْلَى مَا قَالَتْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ اهـ.

وَلَفْظُ الْجَوَاهِرِ إذَا كَانَ ذَا فَرْجَيْنِ فَيُعْطَى الْحُكْمَ لِمَا بَالَ مِنْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِنْ اسْتَوَتْ اُعْتُبِرَ السَّبْقُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَتْ اللِّحْيَةُ أَوْ كِبَرُ الثَّدْيَيْنِ وَمُشَابَهَتُهَا لِثَدْيِ النِّسَاءِ فَإِنْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ اُعْتُبِرَ الْحَالُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَيْضُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ وُجِدَ الِاحْتِلَامُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَا فَمُشْكِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجُ الرِّجَالِ وَلَا النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ اهـ.

وَانْظُرْ قَوْلَ الْحَطَّابِ، وَلَوْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً وَالْآخَرُ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ اهـ.

فَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْ تَقْدِيرًا وَلَا الْتِفَاتَ لِاعْتِبَارِ تَكْرَارِ الْخُرُوجِ وَفِي جَعْلِ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ مُقَابِلًا الَّذِي هُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ فَالْعَجَبُ مِنْ عج وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ اعْتَمَدُوا كَلَامَ الشَّعْبِيِّ الْخَارِجَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَرَكُوامَا هُوَ صَرِيحُ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ) قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَاهَزَ الْحُلُمَ أَيْ رَاهَقَ يَصِيرُ كَالْبَالِغِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ وَغُسْلِ امْرَأَةِ ابْنِ كَسَبْعٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْكَبِيرُ أَيْ: وَهُوَ الْمُرَاهِقُ وَمَا فَوْقَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ، إلَخْ أَيْ: فَقَدْ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ إلَى الْحَائِطِ أَيْ، فَيَكُونُ فِي حَالَةِ بَوْلِهِ مُتَوَجِّهًا لِلْحَائِطِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى حَائِطٍ أَيْ بِأَنْ يَجْلِسَ فَوْقَ الْحَائِطِ وَيَبُولَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ فِي الْحَائِطِ عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْحَائِطِ أَيْ تَبَاعَدَ عَنْهَا عَائِدٌ عَلَى الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَالَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ أَمَامَهُ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّاظِرُ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ يَجْلِسَ خَلْفَ الْخُنْثَى.

(قَوْلُهُ لِصُورَةِ الْعَوْرَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْعَوْرَةِ مَا قَامَ بِالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الشَّيْءِ مَا قَامَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ مِثْلُ صُورَةِ الْعَوْرَةِ وَقَوْلُهُ وَتُعُقِّبَ هَذَا إلَخْ أَقُولُ إنْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ مَنْصُوصًا فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صُورَةُ الْعَوْرَةِ مِمَّا هُوَ مُسْتَنِدٌ لِلْعَوْرَةِ وَإِلَّا فَلَوْ وُجِدَتْ صُورَةُ الْعَوْرَةِ فِي قِطْعَةِ طِينٍ مُصَوَّرَةً بِصُورَةِ الذَّكَرِ فَلَا حُرْمَةَ فِي النَّظَرِ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إلَى مَبَالِهِ أَيْ: مَحَلِّ بَوْلِهِ أَيْ الْمَوْضِعِ الْخَارِجِ مِنْهُ الْبَوْلُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ إلَخْ مَفْهُومُهُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَمُتْ بَلْ حَيَّ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَالَ مِنْ الثَّانِي لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ أَرَادَ بِالْمَبَالِ الْبَوْلَ وَأَرَادَ بِصَاحِبِهِ الذَّكَرَ أَوْ الْفَرْجَ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ إذَا حُكِمَ لَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ ثُمَّ حَدَثَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَقْتَضِي ضِدَّ الْأُولَى فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ إلَّا مَا رَأَيْته لِبَعْضِ أَشْيَاخِي وَنَصُّهُ إنْ حُكِمَ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ لِعَلَامَةٍ ظَهَرَتْ فِيهِ ثُمَّ جَاءَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يُنْقَلْ عَمَّا حُكِمَ لَهُ بِهِ أَوَّلًا كَانَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ ثُمَّ جَاءَ الْحَيْضُ أَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ ثُمَّ جَاءَتْ اللِّحْيَةُ اهـ.

قَالَ عج قُلْت الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ الْعَلَامَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ كَانَتْ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى سَبْقَ الْبَوْلِ أَوْ أَكْثَرِيَّتَهُ وَالثَّانِيَةُ الْحَمْلَ اهـ.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ وَلَدَ مِنْ بَطْنِهِ أَوْ ظَهْرِهِ فَأَمْرُهُ وَاضِحٌ وَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَمُشْكِلٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضٌ وَقَالَ الْحَطَّابُ فَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ لِوِلَادَةِ الْبَطْنِ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ لَكِنَّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِنَا فَالْخُنْثَى بَاقٍ عَلَى إشْكَالِهِ اهـ.

وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِمَا إذَا كَانَتْ وِلَادَتُهُ مِنْ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ بِالْمُتَقَدِّمِ وَيَمْتَنِعُ بَيْنَ مَا وُلِدَ لَهُ مِنْ بَطْنِهِ الْإِرْثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُمَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ، وَكَذَا يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ مَا خُلِقَ مِنْ مَائِهِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ فِي النِّكَاحِ وَهَلْ لَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِذَلِكَ أَيْ لِقَوْلِنَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا إلَخْ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ فَرْجَهُ بِذَكَرِهِ غَلَطًا وَوَلَدَ فَمُشْكِلٌ وَيَرِثُهُ أَوْلَادُهُ بِالْأُبُوَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>