الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أُمَّتَهُ بَقِيَّةُ الْأُمَمِ أَيْ الطَّوَائِفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى قَبْلَهَا.
(ص) وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ أَفْضَلِ الْأُمَمِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُحَمَّدٍ جَرْيًا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا، وَأَمَّا اسْتِقْلَالًا فَقِيلَ خِلَافُ الْأُولَى وَقِيلَ يُمْنَعُ وَثَالِثُهَا تُكْرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَآلُ الرَّجُلِ أَهْلُهُ وَعِيَالُهُ وَآلُهُ أَيْضًا أَتْبَاعُهُ وَأَصْلُهُ أَوَّلٌ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ بَعْدَ فَتْحَةٍ فَقُلِبَتْ أَلِفًا وَقِيلَ أَهَلٌ قُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً، ثُمَّ الْهَمْزَةُ أَلِفًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُفْرَدٌ فِي اللَّفْظِ جَمْعٌ فِي الْمَعْنَى وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِعَلَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى آلِهِ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَرَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آلِهِ بِعَلَى، وَهُوَ مَذْهَبُ الرَّافِضَةِ وَالْأَصْحَابُ جَمْعُ صَاحِبٍ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ كَمَا عِنْدَ الْأَخْفَشِ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ، وَهُوَ مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ مُوَاصَلَةٌ، وَإِنْ قُلْت بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الصَّاحِبِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ
ــ
[حاشية العدوي]
جَمْعُ جَمَاعَةٍ فَأَفَادَ بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْقَائِلِينَ وَلَوْ عَبَّرَ بِجَمَاعَةٍ لَمَا اقْتَضَى ذَلِكَ لِتَحَقُّقِهَا فِي ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى) أَيْ بَقِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأُمَمِ جَمِيعَ الطَّوَائِفِ أَيْ الْأُمَمَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَأُمَّةُ هَذَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَّةُ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أُمَّةُ نَبِيِّنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَصْدُوقَ الطَّائِفَةِ الَّتِي هِيَ مُفْرَدُ الطَّوَائِفِ أُمَّةُ النَّبِيِّ أَيْ أَيِّ نَبِيٍّ فَالطَّوَائِفُ أُمَمُ الْأَنْبِيَاءِ الشَّامِلِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَقُولُ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ أُرْسِلَ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ السَّابِقَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ نُوَّابُهُ فِي تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ الشَّارِحِ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ بِاعْتِبَارِ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ عَالَمِ الْأَجْسَادِ (فَائِدَةٌ) الْأُمَمُ الْمَاضِيَةُ قَبْلَ أُمَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعُونَ أُمَّةً بِأُمَّةِ النَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ إلَخْ) كَرَّرَ الصَّلَاةَ جَمْعًا بَيْنَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلثَّبَاتِ وَبَيْنَ الْفِعْلِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ.
(قَوْلُهُ وَأَصْحَابِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَصَحَابَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْقِلَّةِ فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ مَجَازًا وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَصَاحِبُ لَهُ جَمْعُ كَثْرَةٍ صِحَابٌ وَصَحْبٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَيَأْتِي الِاعْتِرَاضُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَأَزْوَاجِهِ بِأَنَّهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةٍ، وَإِنْ تُوُفِّيَ عَنْ تِسْعٍ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ الْأُمَمِ) أَيْ الِاتِّبَاعُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ الْجَمَاعَاتُ أَيْ الطَّوَائِفُ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ أَيْ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ فِي كَلَامِهِ تَوَافُقُ الْفَاصِلَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَهُوَ مَعِيبٌ فِي السَّجْعِ كَالْإِيطَاءِ فِي النَّظْمِ، وَهُوَ تَكْرَارُ الْقَافِيَّةِ بَلْ فِي كَلَامِهِ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ الْجِنَاسُ التَّامُّ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ جَرْيًا عَلَى جَوَازِ) أَيْ جَرْيًا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَوْلَانِ قَوْلٌ بِالْمَنْعِ وَقَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ وَهِيَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ فَنَقَلَهَا الشَّارِحُ بِالْحَرْفِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فَزَادَ عَلَى هَامِشِ النُّسْخَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ تَبَعًا، وَأَمَّا اسْتِقْلَالًا إلَخْ وَأَبْقَى قَوْلَهُ عَلَى جَوَازِ فَلَمْ يُغَيِّرْهَا مَعَ أَنَّهَا مُؤْذِنَةٌ بِالْخِلَافِ وَمَعَ أَنَّ الصَّوَابَ كَمَا يُفِيدُهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ وَآلُ الرَّجُلِ إلَخْ) نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الصِّحَاحِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ اطِّلَاقَيْنِ فَقَطْ وَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالسُّرِّيَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ فَعَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْآلُ فِي مَقَامِ الزَّكَاةِ وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ اطِّلَاقَاتٍ ثَلَاثَةٍ فَقَدْ قَالَ وَالْآلُ أَهْلُ الشَّخْصِ وَهُمْ ذُو قَرَابَتِهِ وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَعَلَى الْأَتْبَاعِ.
(تَنْبِيهٌ) : أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْآلِ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ وَعِيَالُهُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَأُمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ أَوَّلٌ) أَيْ مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يُنْطَقُ بِهِ أَوَّلًا كَذَا، ثُمَّ غُيِّرَ مِنْ آلَ يَئُولُ إلَى كَذَا رَجَعَ بِقَرَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ قُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً) لَا يُقَالُ هَلَّا قُلِبَتْ الْهَاءُ ابْتِدَاءً أَلِفًا؛ لِأَنَّ قَلْبَهَا أَلِفًا يَجِيءُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَتَّى يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهَا هَمْزَةً فَشَائِعٌ وَقُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً لِلتَّوَصُّلِ إلَى إبْدَالِهَا أَلِفًا وَهِيَ أَخَفُّ.
(تَنْبِيهٌ) : تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي التَّصْغِيرِ عَلَى أُهَيْلٌ أَوْ أُوَيْلٌ وَكِلَاهُمَا مَسْمُوعٌ (قَوْلُهُ اسْمُ جِنْسٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ انْتَهَى.
قَلْت، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الرَّافِضَةِ) هُمْ فِرْقَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ تَابَعُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ، ثُمَّ قَالُوا تَبَرَّأْ مِنْ الشَّيْخَيْنِ فَأَبَى وَقَالَ كَانَا وَزِيرَيْ جَدِّي فَتَرَكُوهُ وَرَفَضُوهُ فَلِذَلِكَ سُمُّوا رَافِضَةً، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ هَذَا اللَّقَبُ فِي كُلٍّ مَنْ غَلَا فِي هَذَا الْمَذْهَبِ وَأَجَازَ الطَّعْنَ فِي الصَّحَابَةِ كَمَا أَفَادَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ؛ لِأَنَّ الصَّاحِبَ فِي اللُّغَةِ مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ صُحْبَةٌ، وَإِنْ قُلْت (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْأَخْفَشِ) الَّذِي فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الْأَخْفَشَ يَقُولُ إنَّ صَحْبَ جَمْعُ صَاحِبٍ (فَائِدَةٌ) رَوَى أَبُو زُرْعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا كُلٌّ مِنْهُمْ صَحِبَهُ وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَعَنْهُ فِي مِرْآةِ الزَّمَانِ أَيْضًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُبِضَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَرَآهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْهُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ) فِيهِ تَسَاهُلٌ لَمْ يَقُلْ الْجَوْهَرِيُّ ذَلِكَ بَلْ إنَّمَا قَالَ أَصْحَابُ جَمْعُ صَحْبٍ كَفَرْخٍ وَأَفْرَاخٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَبِهِ جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ الْجَوْهَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ) أَيْ إنَّ أَصْحَابَ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبِ الْمَنْقُولِ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ أَصْحَابَ جَمْعُ صَاحِبٍ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ فَاعِلَ يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ وَمَثَّلَ بِصَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ وَارْتَضَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالرَّضِيُّ