للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَمْعًا لِصَاحِبٍ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالصَّحَابِيُّ عُرْفًا مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِمُحَمَّدٍ فِي حَيَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لِيَخْرُجَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مُؤْمِنًا، ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ زِيَادَةَ ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنْ لَا تَتَحَقَّقَ الصُّحْبَةُ لِأَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حِينَئِذٍ قَيْدٌ فَتَنْتِفِي الْحَقِيقَةُ بِانْتِفَائِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَعَدَمُ وَصْفِ الْمُرْتَدِّ بِهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ أَحْبَطَتْهَا بَعْدَ وُجُودِهَا كَالْإِيمَانِ سَوَاءٌ وَفِي التَّعْرِيفِ أُمُورٌ مَذْكُورَةٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

وَالْأَزْوَاجُ جَمْعُ زَوْجٍ أَيْ نِسَاؤُهُ وَتَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ سَرَارِيُّهُ وَالذُّرِّيَّةُ النَّسْلُ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَاعِلَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الَّذِي هُوَ النَّفْيُ لَا الْمَنْفِيُّ وَقَوْلُهُ فَاعِلَ بِدُونِ أَلِفٍ كَذَا بِخَطِّهِ كَعَادَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْخَطِّ مِنْ تَرْكِهِمْ الْأَلِفَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَنْصُوبِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ، ثُمَّ نَقُولُ قَدْ عَلِمْت مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَوَافَقَهُ الرَّضِيُّ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَيْ أَصْحَابَ جَمْعُ صَحْبٍ بِالسُّكُونِ اسْمُ جَمْعٍ أَيْ لِصَاحِبٍ أَوْ بِالْكَسْرِ مُخَفَّفُ صَاحِبٍ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ عَدَمِ تَصَفُّحِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ أَصْحَابَ جَمْعُ صَاحِبٍ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالصَّحَابِيُّ عُرْفًا) أَيْ لَا الصَّحَابِيُّ لُغَةً فِيهِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَمَعْنًى عُرْفِيٌّ بَلْ مَا لَهُ إلَّا مَعْنًى عُرْفِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا) أَيْ بَعْدَ الْبَعْثَةِ فَيَخْرُجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤْمِنًا بِأَنَّهُ سَيُبْعَثُ وَلَمْ يُدْرِكْ الْبَعْثَةَ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَعَدَّهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَيَخْرُجُ مَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَرَسُولِ قَيْصَرَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَيَخْرُجُ مَنْ لَقِيَهُ بَعْدُ كَأَبِي ذُؤَيْبٍ خُوَيْلِدِ بْنِ خَالِدٍ الْهُذَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ أُخْبِرَ بِمَرَضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَافَرَ نَحْوَهُ فَقُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وُصُولِهِ الْمَدِينَةَ بِيَسِيرٍ وَحَضَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَرَآهُ مُسَجًّى وَشَهِدَ دَفْنَهُ ثُمَّ نَقُولُ يَدْخُلُ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ اجْتَمَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَيَدْخُلُ مَنْ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ الِاجْتِمَاعُ الْعَادِيُّ، وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ بِالْأَبْدَانِ فِي ظَاهِرِ الْمِلْكِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ فَيَخْرُجُ الْأَنْبِيَاءُ الْمُجْتَمِعُونَ بِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ فِي السَّمَاءِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْخِضْرُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ فِي الْأَرْضِ كَذَا فِي ك بَلْ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ التَّصْرِيحَ بِاجْتِمَاعِهِ بِهِ لَكِنْ لَا أَعْرِفُ مَرْتَبَتَهُ وَجَزَمَ الْجَلَالُ بِعَدِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ بِهِ فِي الْمَطَافِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا طَافَ وَقَفَ هُنَيْهَةً فَمَرَّ بِهِ شَخْصٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا أَخِي عِيسَى انْتَظَرْته حَتَّى سَلَّمْت عَلَيْهِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ عَدُّ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ مِنْهُمْ وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ فِي الْأَرْضِ وَخُلَاصَةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَادِيِّ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ.

وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ كَالِاجْتِمَاعِ بِعِيسَى وَالْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ وَفِي كَلَامِ آخَرِينَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَعَارَفًا بِمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ أَيْضًا فَيَخْرُجُ مَنْ ذَكَرَ مِنْ عِيسَى وَغَيْرِهِ مِمَّا كَانَ الِاجْتِمَاعُ بِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ وَشَمَلَ التَّعْرِيفُ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ هُوَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَشْعُرْ وَاحِدٌ بِالْآخَرِ أَوْ لَمْ يَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَمَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ سَتْرٍ رَقِيقٍ كَثَوْبٍ وَعَلِمَ بِهِ وَخَاطَبَهُ أَوَّلًا وَمَنْ لَقِيَهُ مَارًّا مَعَ مُرُورِهِ أَيْضًا إلَى غَيْرِ جِهَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُكْثِهِ عِنْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَعَلِمَ بِهِ وَخَاطَبَهُ أَوَّلًا وَلَوْ رَآهُ مِنْ كَوَّةٍ فِي جِدَارٍ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُعَدُّ اجْتِمَاعًا فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ إنْ خَاطَبَهُ مَعَ رُؤْيَتِهِ مِنْ الْكَوَّةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ اجْتِمَاعٌ أَوْ فِي حُكْمِهِ فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ وَيَخْرُجُ مَنْ رَآهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَعْدُ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ وَذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ ثَبَتَ الْتَزَمَ صِدْقَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الرُّؤْيَةِ مِنْ بَعْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَشَمَلَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مُؤْمِنًا مِنْ الْجِنِّ ذَكَرَهُ الشَّنَوَانِيُّ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ هَلْ يَدْخُلُ فِي الصَّحَابِيِّ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْكُفْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لِكُفْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ذَكَرَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى النَّاصِرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ارْتَدَّ إلَخْ) كَابْنِ خَطَلٍ فَإِنَّهُ مَاتَ مُرْتَدًّا قَالَ تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ رِدَّتِهِ وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْإِسْلَامِ غَيْرُ صَحَابِيٍّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الرِّدَّةَ مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ بِمُجَرَّدِهَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ) وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِمَنْ يُسَمَّى بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَابِيًّا لَا تَعْرِيفٌ لِمُطْلَقِ الصَّحَابِيِّ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ أَوْ لَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ عَرَّفَ نَوْعًا خَاصًّا مِنْ الصَّحَابِيِّ وَالْجَوَابُ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى احْتِمَالٍ قَالَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ وَصْفِ الْمُرْتَدِّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَوْ كَانَ يُسَمَّى صَحَابِيًّا لَوُصِفَ الْمُرْتَدُّ بِهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ (قَوْلُهُ وَفِي التَّعْرِيفِ أُمُورٌ) قَدْ عَلِمْتهَا (قَوْلُهُ جَمْعُ زَوْجٍ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥] وَيُقَالُ أَيْضًا زَوْجَةٌ وَذِكْرُهُنَّ بَعْدَ الْأَصْحَابِ الشَّامِلِ لَهُنَّ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِنَّ لِشِدَّةِ اتِّصَالِهِنَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَتَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ سَرَارِيُّهُ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ جَمْعُ سُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ وَالذُّرِّيَّةُ النَّسْلُ) وَضَمُّ الذَّالِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا قِيلَ مِنْ الذَّرِّ وَهِيَ صِغَارُ النَّمْلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِ أَبِيهِمْ كَالذَّرِّ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَقِيلَ مِنْ الذَّرِّ، وَهُوَ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ذَرَّهُمْ فِي الْأَرْضِ أَيْ فَرَّقَهُمْ وَنَشَرَهُمْ وَقِيلَ مِنْ ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ لَكِنْ تُرِكَتْ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>