للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْإِنَاثِ وَأُمَّتُهُ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ حِينِ بُعِثَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَطَفَ أَصْحَابَهُ عَلَى آلِهِ الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ بَاقِيَهُمْ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَحَابِيٌّ وَآلٌ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ آلٌ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ بِالْعَكْسِ وَعَطْفُ الْأَزْوَاجِ بَعْدَ الْأَصْحَابِ الشَّامِلُ لَهُنَّ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى إرَادَةِ دُخُولِهِ فِيهِ وَوَصَفَ أُمَّتَهُ الْمَذْكُورِينَ بِمَا هُوَ شَأْنُهُمْ بِقَوْلِهِ أَفْضَلِ الْأُمَمِ أَيْ أَكْثَرُهَا ثَوَابًا أَوْ مَنَاقِبَ أَيْ مَفَاخِرَ وَكَمَالَاتٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ أَكْثَرِيَّةُ الْمَنَاقِبِ.

(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ الرُّسُلِ آدَم وَأَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ إدْرِيسُ وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ مُوسَى وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَمَّا آدَم أَرْسَلَهُ اللَّهُ إلَى أَوْلَادِهِ لَيُعَلِّمَهُمْ وَيَهْدِيَهُمْ إلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ، وَأَمَّا نُوحٌ فَهُوَ أَوَّلُ رَسُولٍ إلَى الْكُفَّارِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي وَرَدَ الْحَثُّ عَلَى الِافْتِتَاحِ بِهَا فِي الْآثَارِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا الْأُمُورُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالتَّأْلِيفِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ وَاجِبَةٌ الْبَسْمَلَةُ وَالْحَمْدَلَةُ وَالصَّلَاةُ وَأَرْبَعَةٌ جَائِزَةٌ مَدْحُ الْفَنِّ

ــ

[حاشية العدوي]

أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا اسْمُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِهِ إلَخْ) لِلْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ لَا الْجَمِيعِيِّ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ أَيْ وَلَوْ عُصَاةً وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أُمَّتُهُ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، وَأَمَّا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ، فَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ الْمَبْعُوثُ لِسَائِرِ الْأُمَمِ فَلَا تُرَادُ هُنَا لِدُخُولِ الْكُفَّارِ فِيهَا وَلَا يَتَنَاوَلُهُمْ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ بُعِثَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أَيْ إلَى قُرْبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْ إلَى رِيحٍ لَيِّنَةٍ تَأْتِي قَبْلَ النَّفْخَةِ الْأُولَى تَذْهَبُ بِهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَتَذْهَبُ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ) فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ أَيْ مِنْ ذِكْرِ الْكُلِّ بَعْدَ الْجُزْءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْآلِ وَالْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمَا جُزْءٌ مِنْ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ مَنْ آمَنَ وَقُلْنَا مِنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ الَّذِي هُوَ الْآلُ (قَوْلُهُ الشَّامِلِ) أَيْ الْآلِ وَقَوْلُهُ لِبَعْضِهِمْ أَيْ الصَّحْبِ (قَوْلُهُ بَاقِيَهُمْ) أَيْ بَاقِيَ الصَّحْبِ (قَوْلُهُ وَآلٌ) أَيْ مِنْ الْآلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْأَصْحَابِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَصْحَابَ لَيْسَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِلتَّنْصِيصِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ يَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ فَبَيَّنَ تِلْكَ النُّكْتَةَ، وَأَمَّا عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَا يَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى إرَادَةِ دُخُولِهِ) أَيْ الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْعَامِّ أَيْ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ خُرُوجِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ لَا يَشْمَلُ الْأَفْرَادَ نَصًّا بَلْ ظَاهِرًا وَلَكِنَّ الْأَحْسَنَ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ سَابِقًا (قَوْلُهُ أَوْ مَنَاقِبَ) مَعْطُوفٌ عَلَى ثَوَابًا أَيْ أَكْثَرُهَا مَنَاقِبَ جَمْعُ مَنْقَبَةٍ وَالْمَفَاخِرُ جَمْعُ مَفْخَرَةٍ وَعَطْفُ الْكَمَالَاتِ تَفْسِيرٌ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَكْثَرِيَّةِ الثَّوَابِ أَكْثَرِيَّةُ الْمَنَاقِبِ أَيْ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ كَالْكَرَمِ وَالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَكَثْرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُثَابُ عَلَى الْقَلِيلِ الْكَثِيرُ فَإِذَنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَكْثَرِيَّةِ الْمَنَاقِبِ أَكْثَرِيَّةُ الثَّوَابِ فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَكْثَرِيَّةَ الثَّوَابِ حَالَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ وَأَكْثَرِيَّةَ الْمَنَاقِبِ حَالَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ آدَم) لَا يَخْفَى أَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَجَاءَ بَعْدَهُ شِيثُ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَبَعْدَهُ إدْرِيسُ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَبَعْدَهُ نُوحٌ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ بِأَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَكَذَا شِيثُ وَإِدْرِيسُ وَهُمْ قَبْلَ نُوحٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ آدَم أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ أَيْ بَعْدَ شِيثَ وَالتَّعْبِيرُ بِنَبِيٍّ فِي هَذَا وَرَسُولٍ فِي غَيْرِهِ تَفَنُّنٌ وَقَوْلُهُ فِي الْأَرْضِ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمَ وَشِيثَ فَإِنَّهُمَا مَبْعُوثَانِ فِي الْأَرْضِ وَوِلَادَةُ حَوَّاءَ لَمْ تَكُنْ إلَّا فِي الْأَرْضِ بَلْ صَرَّحَ الْكَمَالُ الْهِنْدِيُّ فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ «أَنَّ آدَمَ لَمْ يُجَامِعْ امْرَأَتَهُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى هَبَطَ مِنْهَا لِلْخَطِيئَةِ الَّتِي أَصَابَهَا بِأَكْلِ الشَّجَرَةِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ يَنَامُ أَحَدُهُمَا فِي الْبَطْحَاءِ وَالْآخَرُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ وَعَلَّمَهُ كَيْفَ يَأْتِيهَا فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيلُ قَالَ لَهُ كَيْفَ وَجَدْت امْرَأَتَك قَالَ صَالِحَةً» رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ أَيْ بَعْدَ إدْرِيسَ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَلَمْ أَفْهَمْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ إدْرِيسَ مَعَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَقَدْ قَالَ فِيهِ وَأَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ إدْرِيسُ وَأَيْضًا فَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ الْخَازِنُ وَالْخَطِيبُ أَنَّ إدْرِيسَ أَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ الْكُفَّارَ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَاتَلَهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ فَإِذَنْ يَكُونُ مُرْسَلًا إلَيْهِمْ فَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ مَا قُلْنَا أَخَذْته مِنْ قَوْلِ الْقَسْطَلَّانِيِّ فِي شَأْنِ إدْرِيسَ وَكَانَ إدْرِيسُ أَوَّلَ نَبِيٍّ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ بَعْدَ آدَمَ وَشِيثَ وَفِي شَأْنِ نُوحٍ، وَهُوَ أَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ بَعْدَ إدْرِيسَ أَوْ نَقُولُ وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ أَيْ بِتَحْرِيمِ الْبَنَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ نَقَلَهُ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ وَسُمِّيَ نُوحًا لِكَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَقِيلَ لِدَعْوَتِهِ عَلَى قَوْمِهِ بِالْهَلَاكِ وَقِيلَ لِمُرَاجَعَتِهِ رَبَّهُ فِي شَأْنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ وَقِيلَ يَشْكُرُ وَسُمِّيَ إدْرِيسُ إدْرِيسَ لِكَثْرَةِ دِرَاسَتِهِ الصُّحُفَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ وَاسْمُهُ أَخْنُوخُ (قَوْلُهُ مُوسَى) ، وَأَمَّا يُوسُفُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَرَسُولًا فَلَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَيْهِمْ بَلْ لِغَيْرِهِمْ كَأَهْلِ السِّجْنِ أَيْ وَآخِرُ أَنْبِيَاءَ بَنِي إسْرَائِيلَ عِيسَى.

(قَوْلُهُ الْوَاجِبَةِ) أَيْ الْمُتَأَكِّدَةِ لَا الَّذِي يُعَاقِبُ الْمُكَلَّفُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابُ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ وَالشَّأْنُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالتَّأْلِيفِ) أَيْ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالْجَمْعِ أَيْ عَلَى الْمَقْصُودِ جَمْعُهُ أَوْ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّأْلِيفِ أَيْ الْأَلْفَاظِ الْمُؤَلَّفَةِ (قَوْلُهُ وَأَرْبَعَةٌ جَائِزَةٌ) أَيْ بِرُجْحَانٍ لَا يَصِلُ لِرُجْحَانِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ مَدْحُ الْفَنِّ) أَيْ لِيَكُونَ بَاعِثًا عَلَى تَعَاطِيهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>