فِي بَيْتِهِ وَمِنْهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ فَمَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى ذَلِكَ. وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ رَأَى عُمَرُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ عَلَى إمَامٍ فَأَمَرَ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يُصَلِّيَا بِهِمْ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ يَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ فَخُفِّفَ فِي الْقِيَامِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ فَكَانُوا يَقُومُونَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ وَكَانَ يَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَرُبَّمَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَقِيلَ: كَانَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً إلَى عِشْرِينَ إلَى يَوْمِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ طُولُ الْقِيَامِ فَنَقَصُوا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ فَجُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرُ بِثَلَاثٍ، فَمَضَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ جُعِلَتْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ جُعِلَتْ إلَخْ وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْدَادِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَزِدْ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ، وَحِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ أَنَّهُ الْبَاقِي مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لِاكْتِنَافِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ فَنَاسَبَ أَنْ يُحَاكِيَ مَا عَدَاهُمَا.
(ص) وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مُخَفَّفَةً وَيَلْحَقَ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلِابْنِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِي مَا وَقَعَ فِيهِ السَّبْقُ وَلَوْ الْأَخِيرَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ حِينَئِذٍ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ
. (ص) وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ وَالْكَافِرُونَ وَوِتْرٍ بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ قِرَاءَةُ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي أُولَى الشَّفْعِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى
ــ
[حاشية العدوي]
جَمْعُ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَاحِدُ أَوَّلُ الْعَدَدِ وَالْجَمْعُ وُحْدَانٌ كَشَابٍّ وَشُبَّانٍ وَرَاعٍ وَرُعْيَانٍ. اهـ. وَأَرَادَ بِالْوُحْدَانِ مَعْنَى الْأَوْزَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ: وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (قَوْلُهُ: وَصَدْرًا إلَخْ) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ " فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ " وَالْمَعْنَى فَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي صَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ أُبَيًّا) أَيْ: أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ اخْتَارَ أُبَيًّا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ» أَيْ: أَمَرَ أُبَيًّا أَنْ يُصَلِّيَ بِالرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: وَتَمِيمًا) هُوَ ابْنُ أَوْسِ بْنِ خَارِجَةَ. (قَوْلُهُ: الدَّارِيَّ) نِسْبَةٌ إلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى الدَّارِ بْنِ هَانِئٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ: إلَى دَارِينَ مَكَان عِنْدَ الْبَحْرَيْنِ أَيْ: أَنْ يُصَلِّيَ بِالنِّسَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَجُمِعَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قَالَ الْبَاجِيُّ: لَعَلَّ عُمَرَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِي حَدِيثِ «عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ صَلَاتِهِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» .
(قَوْلُهُ: فِي ثَمَانِيِ رَكَعَاتٍ) لِحَدِيثِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقِيَامِ» . (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا قَامَ إلَخْ) وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي مَبْلَغِ الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ كَانَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً) أَيْ: فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي هَذَا تَبْيِينُ مَا يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ) أَيْ: فِي زَمَنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَالْحَرَّةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ وَالْجَمْعُ حِرَارٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى " وَالْحَرَّةُ " بِفَتْحِ الْحَاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْعَقِيقِ وَقِصَّتُهَا أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَيْعَةَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَخْرَجُوا عَامِلَهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَجَهَّزَ إلَيْهِمْ الْيَزِيدُ جَيْشًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَلَمَّا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ نَادَاهُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مَا تَصْنَعُونَ أَتُسَلِّمُونَ أَمْ تُحَارِبُونَ قَالُوا: بَلْ نُحَارِبُ فَوَقَعَ الْقِتَالُ بِالْحَرَّةِ وَكَانَتْ الْهَزِيمَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبَاحَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ لِيَزِيدَ عَلَى أَنَّهُمْ عَبِيدٌ لَهُ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ. اُنْظُرْ تَمَامَ الْقِصَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَجُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّكَعَاتِ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ كُلُّ تَرْوِيحَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَفْرَادًا وَكَانُوا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالتَّرَاوِيحِ وَلَا بَيْنَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنْ يُسَاوُوهُمْ فِي الْفَضِيلَةِ فَجَعَلُوا مَكَانَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً فَحَصَلَ أَرْبَعُ تَرْوِيحَاتٍ وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً تُضَمُّ إلَى الْعِشْرِينَ تَصِيرُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَمَعَ رَكَعَاتِ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ الثَّلَاثِ تَصِيرُ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْدَةِ وَالْجَاعِلُ لَهُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقِيلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ أَقْوَالٌ. (قَوْلُهُ: لِاكْتِنَافِهِمَا) أَيْ: لِإِحَاطَتِهِمَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، عِلَّةٌ لِلْإِسْقَاطِ أَيْ: فَلَمْ يُعْتَبَرَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ. (قَوْلُهُ: فَنَاسَبَ أَنْ يُحَاكَى مَا عَدَاهُمَا) وَهُوَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي اللَّيْلَةِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً لِأَجْلِ أَنْ تُحَاكَى بِالْفَرَائِضِ وَأَسْقَطَ مِنْ ذَلِكَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ لِاكْتِنَافِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ أَيْ: فَلَمْ يَكُونَا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ مِنْ النَّهَارِيَّاتِ.
(تَنْبِيهٌ) : الَّذِي صَارَ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَاسْتَمَرَّ إلَى زَمَانِنَا فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ هُوَ مَا جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ النَّاسَ وَهُوَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ) هَذَا مُرْتَضَى عج، وَالْأَوَّلُ مُرْتَضَى اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ تت فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَحِقَ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ فَالتَّرْوِيحَةُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ
. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُصَلَّى بَعْدَهُ الْوِتْرُ لَا مُطْلَقُ شَفْعٍ فَلَا يُنْدَبُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ. (قَوْلُهُ: بِسَبِّحْ) أَدْخَلَ حَرْفَ الْجَرِّ عَلَى سَبِّحْ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ التِّلَاوَةِ فِعْلًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ اسْمٌ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ لَفْظُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْكَافِرُونَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute