للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ كَمَا لَوْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَيَأْتِي بِهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ، ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ سَحْنُونَ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ: الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُعِيدُهَا إنَّمَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ قَطْعُ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ بَلْ يُنْدَبُ تَمَادِيهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ وَصَلَّاهَا أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِسَنَدٍ وَإِنْ كَانَ إمَامًا فَهَلْ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا أَوْ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ رِوَايَتَانِ. وَلَوْ ذَكَرَ الْوِتْرَ فِي الْفَجْرِ فَهَلْ يَقْطَعُهَا؟ لَهُ قَوْلَانِ لِابْنِ نَاجِي وَشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ. وَإِنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ أَتَى بِهِ وَأَعَادَ الْفَجْرَ.

(ص) وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَهُ لَا لِثَلَاثٍ وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَلَوْ قَدَّمَ وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ. (ش) الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ وَنَامَ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِقْدَارُ مَا يُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ وَهُوَ رَكْعَتَانِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْوِتْرَ وَالشَّفْعَ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُؤَخِّرُ الْفَجْرَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْوِتْرِ فَقَطْ مَعَ الصُّبْحِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَيْ: وَكَذَا الْأَرْبَعُ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ فَقَالَ أَصْبَغُ: يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ أَيْضًا وَيَتْرُكُ الْفَجْرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَ أَيْ: صَلَّى الشَّفْعَ وَتَرَكَ الْفَجْرَ وَلَوْ قَدَّمَ نَفْلًا بَعْدَ الْعِشَاءِ أَيْ: أَوَّلَ اللَّيْلِ لِانْفِصَالِهِ وَالْمَطْلُوبُ اتِّصَالُهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: إنْ قَدَّمَ أَشْفَاعًا فَلَا يُعِيدُ الشَّفْعَ بَلْ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَدَلَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُمَا وَهُمَا تَابِعَتَانِ لِلْفَرْضِ، وَالشَّفْعُ مِنْ تَوَابِعِ الْوِتْرِ وَإِذَا كَانَ الصُّبْحُ أَوْلَى عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ كَانَ تَابِعُهُ أَوْلَى. وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ اللَّائِقُ بِالْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لَكِنْ نُوزِعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الِاتِّفَاقِ انْتَهَى. وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِسَبْعٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالصُّبْحَ، وَمَفْهُومُ لِسَبْعٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِسِتٍّ لَا يَزِيدُ الْفَجْرَ بَلْ يَفْعَلُ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ وَيَقْضِي بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَتَبْقَى رَكْعَةٌ ضَائِعَةٌ. وَقَوْلُنَا " الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ " يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ فَيُصَلِّي هَذِهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ لِلطُّلُوعِ، هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّاذِلِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ

. (ص) وَهِيَ رَغِيبَةٌ. (ش) الضَّمِيرُ فِي هِيَ رَاجِعٌ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ أَيْ: وَصَلَاةُ الْفَجْرِ رَغِيبَةٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ بِقَوْلِهِ " وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مِنْ الرَّغَائِبِ " وَقِيلَ: مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْقَوْلَيْنِ عَنْ أَصْبَغَ وَأَشْهَبَ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا. (ص) تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى نِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ تُمَيِّزُهَا عَنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ كَافْتِقَارِ السُّنَنِ لِذَلِكَ. قَالَ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ) أَيْ: وَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: لَا يُعِيدُهَا) أَيْ: الْفَجْرَ. الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ بِمَنْزِلَةِ أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ مِنْ الصُّبْحِ فَالْخَلَلُ فِي الصُّبْحِ خَلَلٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ) وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَنَدٍ) فَإِنْ قَالَ: مَحَلُّ كَوْنِ الْمَأْمُومِ لَا يَقْطَعُ إذَا كَانَ بِقَطْعِهِ وَوِتْرِهِ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْجَمْعِ فَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَانَ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهَا قَطَعَ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا) أَيْ: بِحَيْثُ يُخْشَى أَنْ يُوقِعَهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا خَارِجَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ خِلَافًا لعب. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ) أَيْ: بَلْ يَجُوزُ لَهُ. (قَوْلُهُ: رِوَايَتَانِ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ تَرْجِيحُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ عَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَعَزَا الثَّانِيَةَ لِلْبَاجِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِابْنِ نَاجِي وَشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ) قَالَ ابْنُ نَاجِي كُنْت أَقُولُ إنَّهُ يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقْطَعُ الصُّبْحَ فِي قَوْلٍ فَأَحْرَى أَنْ يَقْطَعَ هُنَا وَكَانَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ لَا يَرْتَضِي ذَلِكَ وَيَعْتَلُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْطَعْ فِي الصُّبْحِ فَاتَ الْوِتْرُ وَهَا هُنَا إذَا تَمَادَى عَلَى الْفَجْرِ لَا يَفُوتُ بَلْ يُعِيدُهُ. (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِأَصْبَغَ يَأْتِي بِالْوِتْرِ وَيُصَلِّي رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَرَكْعَةً بَعْدَهَا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بَعْضَ الْفَرْضِ لِأَجْلِ سُنَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَرْبَعُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَمُقَابِلُهُ يَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ فَاتَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الصُّبْحِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " وَلَوْ قَدَّمَ " لَيْسَ عَائِدًا عَلَى الشَّفْعِ الْمَخْصُوصِ بَلْ عَائِدٌ عَلَيْهِ لَا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ بِمَعْنَى النَّفْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَفْرُوضٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا قَدَّمَ النَّفَلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ أَيْ: أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نُوزِعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الِاتِّفَاقِ) أَقُولُ: أَقَلُّ مَا هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ الْحَطَّابَ قَدْ قَالَ: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَوْ ذَكَرَهُ مَعَ ذِكْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُرَاعَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يُتْرَكُ لِأَجْلِ الشَّفْعِ مَثَلًا؟ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ قَدْ رُجِّحَ أَوْ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ مُقَابِلِهِ

. (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَغِيبَةٌ) بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ: مُرَغَّبٌ فِيهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينَا وَمَا فِيهَا» فَإِنْ قُلْت: قَدْ رُغِّبَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا قُلْت: كَانَ التَّرْغِيبُ فِيهَا أَشَدَّ وَبَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا. وَالرَّغِيبَةُ مَرْتَبَتُهَا دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ الْفَضِيلَةِ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>