كَانَتْ جُمُعَةً أَمْ لَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَتَى عَمِلَ عَمَلًا بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدَثِ تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانَ الْعَمَلُ السَّلَامَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. فَقَوْلُهُ " أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ " أَيْ: عَلِمَ بِحَدَثِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِمَامُ غَيْرُ عَالِمٍ؛ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ. وَأَمَّا عِلْمُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَا يَضُرُّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ عِلْمَ الْمَأْمُومِ يُبْطِلُ صَلَاتَهُ وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا لِتَفْرِيطِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فَلَيْسَ هَذَا كَالنَّجَاسَةِ إذَا عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسِيَهَا حِينَ الدُّخُولِ فِيهَا
. (ص) وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ. (ش) أَيْ: وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءِ الْقَادِرِ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا مِنْ فَاتِحَةٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودِهِ، فَالْجَالِسُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ اخْتِيَارًا أَوْ لِعَجْزٍ لَا يَأْتَمُّ بِهِ مُفْتَرِضٌ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لَا قَائِمًا وَلَا جَالِسًا وَلَا مُتَنَفِّلٌ قَائِمًا، وَيَأْتَمُّ بِهِ الْمُنْتَفِلُ جَالِسًا فَإِنْ عَرَضَ لِإِمَامٍ مَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ فَلْيَسْتَخْلِفْ مَنْ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَيَرْجِعُ هُوَ إلَى الصَّفِّ فَيُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ.
(ص) أَوْ عَلِمَ. (ش) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ قَوْلِهِ " وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ " عَنْ هَذَا لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَالْمَعْنَى: وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِجَاهِلٍ يَعْلَمُ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ وَمَا تَبْطُلُ الْمَازِرِيُّ. مِنْ مَوَانِعِ الْإِمَامَةِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِمَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَفِقْهٍ، وَلَا يُرَادُ بِالْفِقْهِ هُنَا مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ السَّهْوِ فَإِنَّ صَلَاةَ مَنْ جَهِلَ أَحْكَامَ السَّهْوِ صَحِيحَةٌ إذَا سَلِمَتْ لَهُ مِمَّا يُفْسِدُهَا وَإِنَّمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ. (ص) إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ الِاقْتِدَاءِ بِالْعَاجِزِ مَا لَمْ يُسَاوِ الْمَأْمُومَ فِي الْعَجْزِ فَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْعَجْزِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ وَيَشْمَلُ الْمُومِئَ بِمِثْلِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى وَشُهِرَ، ثُمَّ إنَّ مُفَادَ الِاسْتِثْنَاءِ الصِّحَّةُ، فَقَوْلُهُ فَجَائِزٌ قَيْدٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: إلَّا كُلَّ شَخْصٍ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ وَمُمَاثَلَةِ شَخْصٍ آخَرَ فِي الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ الرُّكْنِ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَمَاثَلَا فِي الرُّكْنِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ كَعَجْزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْقِيَامِ وَالْآخَرِ عَنْ الْجُلُوسِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. وَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: كَانَتْ جُمُعَةً أَمْ لَا) خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَتَمَادَى حَتَّى سَلَّمَ مُتَعَمِّدًا أَرَى أَنْ تُجْزِئَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَأْمُومَ مُحْدِثٌ فَهَلْ يُعِيدُ الْإِمَامُ فِي جَمَاعَةٍ أَيْ: نَظَرًا لِمَا تَبَيَّنَ أَوْ لَا أَيْ: نَظَرًا لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَإِنْ نَوَاهَا فَقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ أَوْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ مُحْدِثًا وَمِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ السَّلَامُ
. (قَوْلُهُ: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ) ظَاهِرُهُ شَامِلٌ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ لَكِنْ يَقُومُ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا أَوْ لِعَجْزٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نَفْلٍ. (قَوْلُهُ: لَا يَأْتَمُّ بِهِ مُفْتَرِضٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَالْجَالِسُ فِي فَرْضٍ. وَقَوْلُهُ: وَلَا مُتَنَفِّلٌ. رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نَفْلٍ أَيْ: وَلَا يَأْتَمُّ بِهِ الْمُتَنَفِّلُ قَائِمًا. (قَوْلُهُ: وَفِقْهٍ) أَيْ: كَمَعْرِفَةِ مَفْرُوضِهَا مِنْ مَسْنُونِهَا وَمَعْرِفَةِ شُرُوطِ صِحَّتِهَا وَوُجُوبِهَا لِيُحَصِّلَهُمَا وَمَنْ جَهِلَ فَرْضَهَا مِنْ مَسْنُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَضْلًا عَنْ إمَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرْضَهَا مِنْ سُنَنِهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمَيِّزَ الْمَفْرُوضَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَخَذَ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ فَأَحَدُهُمَا يَكْفِي وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ) أَيْ: الصِّفَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ لَا كَمَالُهَا وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّتِهَا أَيْ: الصَّلَاةِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ مَعْرِفَةُ الْكَيْفِيَّةِ الْمُصَاحِبِ لَهَا حُصُولُهَا لَا مَعْرِفَتُهَا بِدُونِ حُصُولِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَاجِبَاتِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَغَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَأَتَى بِالْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ كَمَا قَالَ زَرُّوقٌ وَحَاصِلُ مَا فِي عج أَنَّ عِلْمَ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْعِلْمُ الْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ، وَالْعِلْمُ الْحُكْمِيُّ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ مَيَّزَ بَيْنَ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا أَمْ لَا فَكَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ بِأَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يَعْتَبِرْ عج مَا اعْتَبَرَهُ زَرُّوقٌ مِنْ كَوْنِهِ يَأْخُذُ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ فَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا كُلَّهَا سُنَنٌ أَوْ فَضَائِلُ بَطَلَتْ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا كُلَّهَا فَرَائِضُ فَهَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا إذَا سَلِمَتْ مِمَّا يُبْطِلُهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَجْرِي عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السُّنَّةَ أَوْ الْفَضِيلَةَ فَرْضٌ أَوْ الْفَرْضَ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ) الِاسْتِثْنَاءُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا إنْ قَدَّرْنَا الْأَوَّلَ عَامًّا بِأَنْ قُلْت: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُؤْتَمُّ الْإِمَامَ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا بِأَنْ يُقَدَّرَ الْأَوَّلُ شَيْئًا خَاصًّا بِأَنْ يُقَالَ: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَأْمُومِ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُومِئَ بِمِثْلِهِ) كَمَرِيضٍ مُضْطَجِعٍ صَلَّى بِمَرِيضٍ مُضْطَجِعٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى) أَيْ: ابْنِ مُعَاوِيَةَ أَيْ: سَمَاعِهِ ابْنَ الْقَاسِمِ أَيْ: بِأَنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ الْإِمَامَةِ أَيْ: لِعَدَمِ انْضِبَاطِ فِعْلِ الْإِمَامِ، وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: وَإِمَامَةُ الْمُضْطَجِعِ الْمَرِيضِ بِالْمُضْطَجِعِ الْمَرِيضِ فَمِنْ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ) وَعَلَيْهِ مَشْي عب فَقَالَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ كَمَا فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ مِثْلَهُ فِي الْإِيمَاءِ كَمَا لَا يَؤُمُّ مَنْ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ زَائِدٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَحُكْمٌ زَائِدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ) أَيْ: وَأَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ شَيْخُ الْقُورِيِّ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَاكِعٌ وَرَجَّحَهُ عج وَمُفَادُ كَلَامِ بَعْضِ شُيُوخِنَا اعْتِمَادُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute