بِصِحَّةِ إمَامَةِ شَيْخٍ مُقَوَّسِ الظَّهْرِ مِنْ السَّالِمِينَ ذَلِكَ قَالَ ق: وَهُوَ الصَّحِيحُ. (ص) أَوْ بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ. (ش) الْمُرَادُ بِالْأُمِّيِّ مَنْ لَا يَقْرَأُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْأُمِّيَّ إذَا أَمَّ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ تَبْطُلُ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ يَحْمِلُهَا الْإِمَامُ فَلَمَّا أَمْكَنَ الِائْتِمَامُ بِقَارِئٍ صَارَا تَارِكَيْنِ لَهَا اخْتِيَارًا وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. فَإِنْ عُدِمَ الْقَارِئُ صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ سَحْنُونَ إذَا خِيفَ فَوَاتُ الْوَقْتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَقْطَعُ لِإِتْيَانِ قَارِئٍ. قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ.
(ص) أَوْ قَارِئٍ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ. (ش) عَطَفَ عَلَى أُمِّيٍّ وَالْمُرَادُ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ كُلُّ شَاذٍّ مُخَالِفٍ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ كَقِرَاءَةِ عُمَرَ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ. وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ. وَأَمَّا مَا وَافَقَ الرَّسْمَ وَقُرِئَ بِهِ شَاذًّا فَإِنَّ صَلَاةَ فَاعِلِهِ لَا تَبْطُلُ وَلَا يَبْطُلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ بِهِ. وَأَمَّا مَا وَافَقَ الرَّسْمَ وَلَمْ يَقْرَأْ بِهِ فِي الشَّاذِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ فَيَجْرِي عَلَى اللَّحْنِ كَذَا يَنْبَغِي. وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ صِحَّةَ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا قُلْنَا: إنَّ ثَمَّ مَا يُوَافِقُ الرَّسْمَ وَلَمْ يُقْرَأْ بِهِ. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ كُلَّ مَا يُوَافِقُ الرَّسْمَ يُقْرَأُ بِهِ فَيَكُونُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بُطْلَانُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّيِّ أَنَّ الْأُمِّيَّ لَمْ يَأْتِ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِهِ مِنْ شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ.
(ص) أَوْ عَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَدَى بِعَبْدٍ وَلَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ حُرِّيَّةٍ فِي الْجُمُعَةِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ إمَامَتِهَا الْحُرِّيَّةُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِخُصُوصِهَا بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. وَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْعَبْدِ فِيهَا وَلَا إعَادَةَ لَكِنَّهَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا فَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ " وَعَبْدٌ بِفَرْضٍ " مِنْ أَنَّ مِثْلَ الْفَرْضِ الْعِيدُ فِيهِ بَحْثٌ؛ إذْ فِي الْعِيدِ الْكَرَاهَةُ حَاصِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ. (ص) أَوْ صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ وَبِغَيْرِهِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ. (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى فِي فَرْضٍ بِصَبِيٍّ لِفَقْدِ شَرْطِ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ فِي النَّفْلِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَيُصَرِّحُ بِجَوَازِهَا لِمِثْلِهِ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا لَمْ تَجُزْ إمَامَةُ الصَّبِيِّ لِلْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ إذْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ شَهَادَتَهُ إنَّمَا رُدَّتْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَشْهَدَ بِالزُّورِ إذْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَتَعَرَّضُ الصَّبِيُّ فِي صَلَاتِهِ لِفَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ وَإِنَّمَا يَنْوِي فِعْلَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَالَهُ سَنَدٌ.
(ص) وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ. (ش) أَيْ: وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَكَسْرِ كَافِ إيَّاكَ وَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَمْ لَا وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا أَوْ إنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي الْفَاتِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا؟ قَوْلَانِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْأُمِّيِّ مَنْ لَا يَقْرَأُ إلَخْ) وَأَمَّا قَوْلُهُمْ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَعْنَاهُ مَنْ لَا يَقْرَأُ الْخَطَّ وَلَا يَكْتُبُ لِبَقَائِهِ عَلَى حَالِ وِلَادَةِ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمَا صَارَا تَارِكَيْنِ لَهَا اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ الشَّخْصُ بِكَوْنِهِ تَارِكًا لِشَيْءٍ اخْتِيَارًا إلَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَحَمْلُ الْإِمَامِ الْقِرَاءَةَ قَدْرٌ زَائِدٌ جَارٍ عَلَى الْعُمُومِ فِي الْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ. (قَوْلُهُ: خِيفَ فَوَاتُ الْوَقْتِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي مَا فِي التَّيَمُّمِ فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ فَكَلَامُ سَحْنُونَ تَقْيِيدٌ لِلَّامِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا وَافَقَ الرَّسْمَ وَقُرِئَ بِهِ شَاذًّا) أَيْ: كَقِرَاءَةِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: ١٧] بِضَمِّ التَّاءِ فِي الْجَمِيعِ. وَالشَّاذُّ عِنْدَ ابْنِ السُّبْكِيّ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ وَعِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أُصُولِهِ مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ. وَقَوْلُ ابْنِ السُّبْكِيّ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأُصُولِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ فِيهَا فَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ لَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَى مَذْهَبٍ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ فِي اللَّحْنِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِهِ يَجْرِي عَلَى اللَّحْنِ مِنْ الْخِلَافِ، وَمُفَادُ ابْنِ عَرَفَةَ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ: مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ) فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا ائْتَمَّ مُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ جَوَازِ إمَامَتِهِ فِي النَّافِلَةِ.
(قَوْلُهُ: بِجَوَازِهَا لِمِثْلِهِ) أَيْ: فِي الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُؤْمَنُ) تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَرَّضُ الصَّبِيُّ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فَإِنْ تَعَرَّضَ لِلنَّفْلِ لَمْ تَبْطُلْ وَلِلْفَرْضِ فَكَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا مَضَرَّةَ فِيهِ وَبَعْضٌ اسْتَظْهَرَ الْبُطْلَانَ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا) قَالَ الْحَطَّابُ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ نَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْقَابِسِيِّ وَزَادَ فِيهِ إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا قُلْت: وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي قَوْلِ ابْنِ اللَّبَّادِ أَيْ: الَّذِي هُوَ الثَّانِي مِنْ الْمُصَنِّفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلْيُعِدْ يُرِيدُ أَنْ لَا تَسْتَوِيَ حَالَتُهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ: فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا هَذَا عَلَى تَقْيِيدِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ " وَمَحَلُّ الْخِلَافِ " وَإِلَّا فَظَاهِرُ النَّقْلِ الْإِطْلَاقُ. وَأَرَادَ بِالْقَوْلِ جِنْسَ الْقَوْلِ الْمُتَحَقِّقِ فِي ثَلَاثٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالصِّحَّةِ مَعَ الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ. وَنُبَيِّنُ الْأَقْوَالَ فِي ذَلِكَ فَنَقُولُ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَثَالِثُهَا الْبُطْلَانُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى لَا إنْ لَمْ يُغَيِّرْ كَكَسْرِ دَالِ الْحَمْدُ وَرَابِعُهَا أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَخَامِسُهَا يُمْنَعُ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَيَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهُوَ مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ فَابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مُتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَمُخْتَلِفَانِ فِي الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَسَادِسُهَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً.
قَالَ الْحَطَّابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute