الْعَصْرِ وَصَحَّحَ أَوْ لَا رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا (ش) لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا أَنْ تَقَعَ هِيَ وَخُطْبَتُهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ وَقْتِهَا ثُمَّ صَلَّى فِي وَقْتِهَا، أَوْ أَوْقَعَ الْخُطْبَةَ فِي الْوَقْتِ وَالصَّلَاةِ خَارِجَهُ لَمْ تَصِحَّ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ أَوَّلَهُ زَوَالُ الشَّمْسِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُمْتَدٌّ لِلْغُرُوبِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَهَذَا إذَا أَخَّرَهَا الْإِمَامُ وَالنَّاسُ لِعُذْرٍ أَوْ اُتُّفِقَ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ امْتِدَادُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لِلْغُرُوبِ؟ وَوُجُوبُ إقَامَةِ الْإِمَامِ لَهَا مَحَلُّهُ إنْ خَطَبَ وَصَلَّاهَا وَأَدْرَكَ بَعْدَهَا رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ وَإِلَّا صَلَّاهَا ظُهْرًا وَسَقَطَ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ وَسَمِعَهُ عِيسَى وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ عِيَاضٌ فَقَالَ هُوَ أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لِلْغُرُوبِ حَقِيقَتَهُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ شَيْءٍ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَلْ حِينَمَا أَدْرَكَ خُطْبَتَهَا وَفَعَلَهَا قَبْلَهُ وَجَبَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَحَقِيقَتُهُ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَانِ وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَصْرُ عَلَيْهِمْ أَمَّا لَوْ قَدَّمُوا الْعَصْرَ نَاسِينَ لَلْجُمُعَة فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَنْتَهِي لِلْغُرُوبِ
(ص) بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ، أَوْ أَخْصَاصٍ لَا خِيَمٍ (ش) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُ كُلِّهَا بِخُطْبَتِهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى الْغُرُوبِ مَعَ الِاسْتِيطَانِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّأْبِيدِ وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَلَوْ طَالَتْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوْطِنُوا بَلَدًا، أَوْ أَخْصَاصًا وَالْأَخْصَاصُ بُيُوتٌ مِنْ قَصَبٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الثَّوَى فِيهَا وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْ غَيْرِهِمْ بِخِلَافِ الْخِيَمِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا مَا ذُكِرَ غَالِبًا وَلِشِبْهِهَا بِالسُّفُنِ لِانْتِقَالِهَا بِخِلَافِ الْأَخْصَاصِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِالْخُصِّ هُنَا الْعُرْفِيُّ أَيْ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ خُصًّا كَانَ مِنْ قَصَبٍ، أَوْ خَشَبٍ، أَوْ بِنَاءٍ صَغِيرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا خُصُوصُ الْخُصِّ اللُّغَوِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فَالْمُرَادُ بِالْأَخْصَاصِ مَا قَابَلَ الْخِيَمَ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَمِ هُنَا الْخِيَمُ الْعُرْفِيَّةُ أَيْ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ خَيْمَةً كَانَتْ مِنْ ثِيَابٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ أَوْ شَعْرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا خُصُوصُ الْخِيَمِ اللُّغَوِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فَقَوْلُهُ بِاسْتِيطَانِ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وُقُوعُهَا مَعَ اسْتِيطَانٍ لَا بِوُقُوعِ
ــ
[حاشية العدوي]
ابْتِدَاءً أَيْ أَنَّهُمْ هَلْ لَا يُطَالَبُونَ بِإِقَامَتِهَا إلَّا إذَا كَانُوا مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُمْ يُدْرِكُونَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ بَعْدَ فِعْلِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْغُرُوبِ قَدْرُ مَا يَسَعُ خُطْبَتَهَا وَفِعْلَهَا فَقَطْ لَا تَجِبُ إقَامَتُهَا لَكِنْ إنْ فُعِلَتْ أَجْزَأَتْ وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوُجُوبَ مَنُوطٌ بِاعْتِقَادِ إدْرَاكِ كُلِّ الصَّلَاةِ إمَّا مَعَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ أَوْ بِدُونِهَا فَلَوْ دَخَلَ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا رَكْعَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْغُرُوبِ إلَّا رَكْعَةٌ فَلَا يُصَلِّي حِينَئِذٍ وَأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِهَا حِينَئِذٍ لَا يُعْتَدُّ بِإِحْرَامِهِ وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالْوَقْتُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ كُلُّهُ اخْتِيَارِيًّا بَلْ هِيَ فِيهِ وَفِي الضَّرُورِيِّ كَالظُّهْرِ سَوَاءً قُلْنَا بِأَنَّهَا بَدَلٌ أَوْ فَرْضُ يَوْمِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ اُتُّفِقَ عَلَى ذَلِكَ) لَكِنْ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ يَأْثَمُونَ وَمَعَ الذُّهُولِ لَا (قَوْلُهُ: وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ أَشَدُّ شَبَهًا بِهِ قَالَ الْمَوَّاقُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِهِمْ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ النَّصَّ فَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ فِيهِ ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقُ بَعْدَ قَوْلِهِ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي آخِرِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَقِيلَ مَا بَقِيَ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ إلَى الْغُرُوبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمِعَهُ عِيسَى، وَقِيلَ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ وَهِيَ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَمَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ اهـ. إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَمَعْنَى رُوِيَتْ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَتُهُ) إنْ أَرَادَ الْمُرَادَ مِنْهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ الَّذِي يُعْطِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَهُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ. . إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ.
(قَوْلُهُ: بِاسْتِيطَانِ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا اسْتِيطَانُ مَنْ تَنْعَقِدُ لِبَلَدِهَا الَّتِي تُقَامُ فِيهَا، وَأَمَّا اسْتِيطَانُ بَلَدٍ غَيْرِهَا قَرِيبَةٍ مِنْهَا كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ فَشَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت اعْتَرَضَهُ فِي عِدَّةِ الِاسْتِيطَانِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بِاسْتِيطَانِ. . . إلَخْ هُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ نَصُّ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ الْمُتَوَطِّنُ وَلَيْسَ ذِكْرُهُ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ تَجِبُ بِاسْتِيطَانِ الْبَلَدِ وَالْأَخْصَاصِ لَا الْخِيَمِ فَعَدُّ تت لَهُ مِنْ شُرُوطِ الْأَدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ. (قُلْت) : وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِشَرْطِ الصِّحَّةِ هُنَا شَرْطَ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاسْتِيطَانِ) السِّينُ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّأْبِيدِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ فَيَصْدُقُ بِاَلَّذِي لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ التَّوَطُّنُ الْإِقَامَةُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الِانْتِقَالِ وَلَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ حَقِيقَةِ الِاسْتِيطَانِ كَوْنُهُمْ يَخْرُجُونَ فِي أَيَّامِ الْمَطَرِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ فَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْجَمَاعَةِ يُقِيمُونَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِمَوْضِعٍ وَفِي آخَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَجْمَعُونَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَقَرْيَتَيْنِ إذَا دَخَلُوا بِإِحْدَاهُمَا أَقَامُوا بِهَا (قَوْلُهُ: بُيُوتٌ مِنْ قَصَبٍ) هَذَا هُوَ الْخُصُّ اللُّغَوِيُّ الَّذِي يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الثَّوَى) هَكَذَا بِخَطِّهِ بِغَيْرِ مِيمٍ وَهُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْإِقَامَةُ وَأَمَّا بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ فَهُوَ الْهَلَاكُ كَذَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ بِخَطِّ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ قَصَبٍ) وَهُوَ الْخُصُّ اللُّغَوِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لَا خُصُوصَ الْخِيَمِ اللُّغَوِيَّةِ) وَهِيَ بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ ثِيَابٍ بَلْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ ثُمَّ يُسْقَفُ بِالثُّمَامِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ وَيُسْقَفُ بِالثُّمَامِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَلَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ إلَّا مِنْ ثِيَابٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِ الْخِيَمِ إذَا كَانُوا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ مَنَارِ قَرْيَةِ جُمُعَةٍ تَبَعًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ) هَذَا يُعَارِضُ مُقْتَضَى حِلِّهِ السَّابِقِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوُقُوعُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute