الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدِي الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ اهـ. وَإِضَافَةُ اسْتِيطَانِ إلَى الْبَلَدِ عَلَى مَعْنَى فِي وَقَوْلُهُ لَا خِيَمٍ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ يُنَاسِبُهُ أَيْ لَا بِالْإِقَامَةِ فِي خِيَمٍ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِيَمَ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الِاسْتِيطَانُ
(ص) وَبِجَامِعٍ (ش) هَذَا ثَالِثُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَبَاؤُهُ تَحْتَمِلُ الظَّرْفِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ وَقِيلَ شَرْطُ وُجُوبٍ وَقِيلَ شَرْطٌ فِيهِمَا ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا مَا كَانَ لَهُ سَقْفٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْدَمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَقَدْ يُوجَدُ فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْفَضَاءَ مِنْ الْأَرْضِ يَكُونُ مَسْجِدًا بِتَعْيِينِهِ إذْ لَا يَعْدَمُ مَوْضِعٌ يَصِحُّ اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا عَلَى هَذَا اهـ.
وَلَا بُدَّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْجَامِعِ
(ص) مَبْنِيٍّ (ش) صِفَةٌ لِجَامِعٍ أَيْ لَا يَكْفِي الْمَسْجِدُ حَتَّى يَكُونَ مَبْنِيًّا فَلَا تَصِحُّ فِي بِرَاحِ حَجَرٍ أَوْ خَطٍّ حَوْلَهُ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الْبِنَاءُ الْمُعْتَادُ لِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ فَعَلَ أَهْلُ الْأَخْصَاصِ جَامِعًا مِنْ بُوصٍ وَنَحْوِهِ فَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ
(ص) مُتَّحِدٍ (ش) أَيْ لَا بُدَّ فِي الْجَامِعِ الْمَوْصُوفِ مِنْ أَنْ يَكُون مُتَّحِدًا فَلَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ فِي الْأَمْصَارِ وَفَائِدَةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ لَمْ تَكُنْ الْجُمُعَةُ إلَّا لِلْعَتِيقِ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَلِّفُ
(ص) وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ (ش) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ قَدْ شَرَطْتَ فِي الْجَامِعِ أَنْ يَكُونَ مُتَّحِدًا فَمَا الْحُكْمُ إذَا تَعَدَّدَ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا عِنْدَ التَّعَدُّدِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ صَحِيحَةٌ لِأَهْلِ الْجَامِعِ الْعَتِيقِ مِنْ تِلْكَ الْجَوَامِعِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَا بِاسْتِيطَانِ خِيَمٍ.
(قَوْلُهُ: تَحْتَمِلُ الظَّرْفِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ) الْمُنَاسِبُ: الظَّرْفِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ شَرْطٌ فِيهِمَا) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَالصِّحَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ وَشَرْطَ الصِّحَّةِ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ اجْتِمَاعُ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ هَذَا مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا) أَيْ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ إلَّا مَا كَانَ لَهُ سَقْفٌ) أَيْ وَبِنَاءٌ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُعْدَمُ) أَيْ الْمَسْجِدُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ صَادِقٌ بِعَدَمِ وُجُودِهِ أَصْلًا وَبِوُجُودِهِ بِدُونِ سَقْفٍ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ) أَيْ مِنْ الشَّرَائِطِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ عَلَيْهَا وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُعْدَمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ شَرْطَ وُجُوبٍ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوجَدُ) أَيْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ شَرْطَ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَالصِّحَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِنَاءُ مَسْجِدٍ لِيُصَلُّوا فِيهِ الْجُمُعَةَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ إلَخْ وَصْفٌ كَاشِفٌ (ثُمَّ أَقُولُ) وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْوُجُوبَ وَالصِّحَّةَ بِاعْتِبَارَيْنِ لَا بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ، فَالْوُجُوبُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْعَدَمِ وَالصِّحَّةُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْوُجُودِ مَعَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ شُرُوطِهِمَا الِاعْتِبَارُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَالْعَقْلِ فَإِنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ أَيْ يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ عَلَى وُجُودِهِ فَكَذَا نَقُولُ هُنَا يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ عَلَى وُجُودِ الْجَامِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرِيٌّ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلتَّحْقِيقِ فَهُمَا اعْتِبَارَانِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ) هَذَا الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْ أَنَّ الْجَامِعَ الْمَوْصُوفَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَيْ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ حَاصِلُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ مَنُوطٌ بِوُجُودِ الْجَامِعِ وَالْجَامِعُ مَوْجُودٌ مُتَحَقِّقٌ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ وَالتَّعْيِينُ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَصَارَ الْوُجُوبُ مُتَقَرِّرًا بِالْأَصَالَةِ وَأَنَّ صِحَّتَهَا لَيْسَتْ مَنُوطَةً بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْجَامِعِ الْمُتَحَقِّقِ بِالتَّعْيِينِ بَلْ بِأَوْصَافِهِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ: مَبْنِيٌّ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ يَكُونُ مَسْجِدًا) أَيْ جَامِعًا بِتَعْيِينِهِ، أَيْ وَالْوُجُوبُ مَنُوطٌ بِهِ أَيْ فَمَا كَانَ جَامِعًا مَوْصُوفًا بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَكُونُ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْدَمُ مَوْضِعٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ. . . إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَصِحُّ اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ وَالْوُجُوبُ مَنُوطٌ بِهِ فَمَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَكُونُ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ لَا شَرْطَ وُجُوبٍ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ ثَابِتٌ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ.
أَقُولُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمْ إذَا عَيَّنُوا مَوْضِعًا يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِهِمْ فَإِذَا لَمْ يُعَيَّنُوا مَوْضِعًا فَلَا تَجِبُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُكَلَّفُونَ بِبِنَائِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ فَلَا يُكَلَّفُونَ بِبِنَائِهِ نَعَمْ إذَا بَنَاهُ وَاحِدٌ وَجَبَتْ وَعَلَى هَذَا، فَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ مُخَصِّصٌ لَا كَاشِفٌ، بَقِيَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ فَقَطْ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إلَّا إذَا وُجِدَ الْجَامِعُ وَإِذَا وُجِدَ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ لَوْ وَقَعَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْمَبْنِيِّ يُسَمَّى جَامِعًا كَالْفَضَاءِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا عُيِّنَ وَحُبِسَ وَعَلَى مَنْ لَا يَرَى أَنَّ الْفَضَاءَ مِنْ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا يَكُونُ قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ صِفَةً كَاشِفَةً وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمَبْنِيُّ فَالْفَضَاءُ لَا يُسَمَّى جَامِعًا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَطٍّ حَوْلَهُ) عَطْفٌ عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَلَوْ عِظَمَ رِعَايَةٍ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَجَمْعًا لِلْكُلِّ وَطَلَبًا لِجَلَاءِ صَدَأِ الْقُلُوبِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مِنْ جَوَازِ التَّعَدُّدِ إنْ كَانَتْ الْبَلَدُ ذَاتَ جَانِبَيْنِ وَمِثْلُهُ لِلْمُؤَلِّفِ فِي مِثْلِ مِصْرَ وَبَغْدَادَ قَائِلًا لَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفُ: لَا أَظُنُّهُمْ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي مِثْلِ مِصْرَ وَبَغْدَادَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ اهـ.
(أَقُولُ) وَهَذَا الْمَشْهُورُ الَّذِي حَكَاهُ الشَّارِحُ قَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِخِلَافِهِ.