للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْلَةَ عَرَفَةَ وَلَيْلَةَ النَّحْرِ وَلَيْلَةَ الْفِطْرِ» وَمَعْنَى عَدَمِ مَوْتِ قَلْبِهِ عَدَمُ تَحَيُّرِهِ عِنْدَ النَّزْعِ وَلَا فِي الْقِيَامَةِ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِوَقْتِ النَّزْعِ وَزَمَنِ الْقَبْرِ وَيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْإِحْيَاءُ يَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَمِنْهَا الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ لَيْلًا فَاتَتْهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ وَحَصَّلَ فَضِيلَةَ الْغُسْلِ، وَوَقْتُهُ وَقْتُ أَذَانِ الصُّبْحِ الْأَوَّلِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّصَالُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَمِنْهَا التَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ بِالثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ وَتَحْسِينُ هَيْئَتِهِ مِنْ قَصِّ شَارِبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ مِنْ كَمَالِ التَّطَيُّبِ بَلْ لَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إذَا كَانَ الْبَدَنُ دَنِسًا وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ النِّسَاءِ.

وَأَمَّا النِّسَاءُ إذَا خَرَجْنَ وَإِنْ كُنَّ عَجَائِزَ فَلَا يَتَطَيَّبْنَ وَلَا يَتَزَيَّنَّ لِخَوْفِ الِافْتِتَانِ بِهِنَّ، ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلتَّطَيُّبِ وَالتَّزَيُّنِ وَلِلْغُسْلِ وَمِنْهَا الْمَشْيُ فِي ذَهَابِهِ لِلْعِيدِ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَا فِي رُجُوعِهِ مِنْ الْمُصَلَّى لِفَرَاغِ الْعِبَادَةِ وَيُسْتَحَبُّ رُجُوعُهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الَّتِي أَتَى لِلْمُصَلَّى مِنْهَا لِشُهُودِ الطَّرِيقَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَمِنْهَا فِطْرُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الذَّهَابِ لِلْمُصَلَّى وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ بِتَمْرٍ وِتْرًا إنْ أَمْكَنَ لِيُقَارِنَ أَكْلُهُ إخْرَاجَ زَكَاةِ فِطْرِهِ الْمَأْمُورِ بِإِخْرَاجِهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمِنْهَا تَأْخِيرُهُ الْفِطْرَ فِي عِيدِ النَّحْرِ لِيَكُونَ أَوَّلُ طَعَامِهِ مِنْ لَحْمِ قُرْبَتِهِ وَمِنْهَا خُرُوجُ الْمُصَلِّي غَيْرَ الْإِمَامِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِمَنْ قَرُبَ مَنْزِلُهُ وَإِلَّا فَقَبْلَهَا بِقَدْرِ مَا يَكُونُ وُصُولُهُ الْمُصَلَّى قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبَعْدَ الشَّمْسِ بِالْوَاوِ وَلَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَإِذَا خَرَجَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّكْبِيرُ لَا إنْ خَرَجَ قَبْلَ الطُّلُوعِ لِبُعْدِ مَنْزِلِهِ وَنَحْوِهِ فَيُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُؤْتَى بِهِ إلَّا فِي وَقْتِهَا كَالْأَذَانِ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ: يُكَبِّرُ مِنْ انْصِرَافِ صَلَاةِ

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْ الْإِعْرَابِ وَهُوَ التَّحْسِينُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ إلَخْ) أَيْ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ التَّحَيُّرُ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ النَّزْعِ وَلَا فِي الْقِيَامَةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ حَالَةُ الْقَبْرِ وَقِيلَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا حَتَّى تَصُدَّهُ عَنْ الْآخِرَةِ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ مَوْتُ الْقَلْبِ بِحُبِّ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ وَالْإِحْيَاءُ يَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ) هَكَذَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ وَنَحْوُهُ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْأَذْكَارِ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِحُصُولِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ) وَيَدْخُلُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ أَعْظَمُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَحَلْقِ عَانَةٍ الْفَاكِهَانِيُّ وَالْمُرَادُ بِهَا الشَّعْرُ الَّذِي فَوْقَ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَحَوَالَيْهِ وَحَوْلَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَعَنْ ابْنِ شُرَيْحٍ أَنَّهَا الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ حَلْقَةِ الدُّبُرِ ابْنُ نَاجِي عَزَا غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْفَاكِهَانِيِّ الْخِلَافَ لِلْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ حَلْقِ حَلَقَةِ الدُّبُرِ وَلَا أَعْرِفُهُ مَنْصُوصًا فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَلِلْغُسْلِ) بَلْ وَلِلْإِحْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ وِتْرًا إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَقْدِيمُ الرُّطَبِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» وَانْظُرْ هَلْ تُفِيدُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي فِيهَا تَقْدِيمُ الرُّطَبِ بِكَوْنِهِ وِتْرًا أَوْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى التَّمْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا اُنْظُرْ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْدُوبٌ فَكَوْنُهُ بِتَمْرٍ مَنْدُوبٌ وَكَوْنُهُ وِتْرًا مَنْدُوبٌ آخَرُ.

(قَوْلُهُ لِيَكُونَ أَوَّلُ طَعَامِهِ مِنْ لَحْمِ قِرْبَتِهِ) أَيْ أَوَّلُ مَطْعُومِهِ أَيْ مَأْكُولِهِ مِنْ لَحْمِ قِرْبَتِهِ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يُفْطِرُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ لِيَأْكُلَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» وَهَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَبِدَ أَيْسَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ أَسْرَعُ نُضْجًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ تَفَاؤُلًا كَمَا جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ عِنْدَ دُخُولِهَا كَبِدُ الثَّوْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُ فَيُذْهِبُ ذَلِكَ عَنْهُمْ مَرَارَةَ الْمَوْتِ كَذَا قَالَ تت وَالصَّوَابُ الْحُوتُ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَفِي الْحَدِيثِ «نُزُلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ نُونٍ» وَالنُّزُلُ بِضَمِّ النُّونِ وَالزَّايِ طَعَامُ النَّزِيلِ الَّذِي يُهَيَّأُ كَذَا فِي ك ثُمَّ قَالَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ يُضَحِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا مَنْ لَا يُضَحِّي فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ حِفْظًا لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ التَّرْكِ أَشَارَ لَهُ عج (قَوْلُهُ غَيْرَ الْإِمَامِ) أَيْ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ خُرُوجَهُ عَنْ خُرُوجِ الْمَأْمُومِينَ إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ الْمُصَلَّى فَيُؤَخِّرُ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَحِلَّ النَّافِلَةُ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ قَلِيلًا إنْ كَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَأْمُومَيْنِ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ فِي الْمُصَلَّى وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ أَحَدًا بَلْ إذَا وَصَلَ صَلَّى وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا مِنْهَا أُمِرَ بِالْخُرُوجِ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ) أَيْ فَالْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالصَّحْرَاءِ مَنْدُوبٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الصَّحْرَاءِ مَنْدُوبٌ وَوَسِيلَةُ الْمَنْدُوبِ مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّكْبِيرُ) أَيْ فُرَادَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى حِدَتِهِ لَا جَمَاعَةً فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا فِي تت وَأَمَّا فِي الْمُصَلَّى فَقَالَ ابْنُ نَاجِي افْتَرَقَتْ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِمَحْضَرِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِذَا فَرَغَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ التَّكْبِيرِ سَكَتَتْ وَأَجَابَتْ الْأُخْرَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فَسُئِلَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا إنَّهُ لَحَسَنٌ وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ بِإِفْرِيقِيَّةَ بِمَحْضَرِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَكَابِرِ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ لِلصَّلَاةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَقْتُ صَلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ نَظَرَ الْمَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي مَا بَحَثْنَاهُ سَابِقًا.

(قَوْلُهُ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ إلَخْ) هُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>