الصُّبْحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَوْلَى لَا سِيَّمَا فِي الْأَضْحَى تَحْقِيقًا لِلشَّبَهِ بِأَهْلِ الْمَشْعَرِ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ لِلْخُرُوجِ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَفِي حِينَئِذٍ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي خِلَافِهِ لِعَدَمِ التَّكْبِيرِ لِلْخَارِجِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَيْ وَصُحِّحَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ عَدَمِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ طُلُوعِهَا بَلْ يُكَبِّرُ قَبْلُ وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ لِكُلِّ أَحَدٍ غَيْرَ النِّسَاءِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا إظْهَارًا لِلشَّعِيرَةِ وَبِذَلِكَ خَالَفَ تَكْبِيرَ الصَّلَاةِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَمِرُّ تَكْبِيرُ مَنْ بِالْمُصَلَّى لِمَجِيءِ الْإِمَامِ إلَيْهَا فَيُقْطَعُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ، أَوْ يَسْتَمِرُّ يُكَبِّرُ وَلَوْ جَاءَ إلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَقُومَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ تَأْوِيلَانِ
(ص) وَنَحْرُهُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى (ش) فِيهَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ أُضْحِيَّتَهُ فَيَذْبَحَهَا، أَوْ يَنْحَرَهَا فِي الْمُصَلَّى وَيُبْرِزُهَا لِلنَّاسِ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - انْتَهَى وَهَذَا فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ وَأَمَّا الْقُرَى الصِّغَارُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ ذَبْحَهَا وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا انْتَهَى. أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ
(ص) وَإِيقَاعُهَا بِهِ إلَّا بِمَكَّةَ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُ الْعِيدِ بِالْمُصَلَّى وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلَّى الْفَضَاءُ وَالصَّحْرَاءُ وَصَلَاتُهَا بِالْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ هَذَا فِي غَيْرِ مَكَّةَ، وَأَمَّا مَنْ فِي مَكَّةَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ تُوقَعَ فِي الْمَسْجِدِ لَا لِلْقَطْعِ بِالْقِبْلَةِ وَلَا لِلْفَضْلِ لِانْتِقَاضِهِ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بَلْ لِمُشَاهَدَةِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ عِبَادَةٌ مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهَا لِخَبَرِ «يَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ إلَيْهِ» وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ فِي غَيْرِ مَكَّةَ الْبُرُوزُ إلَى الْمُصَلَّى «لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ حَتَّى النِّسَاءَ مِنْ الْحُيَّضِ وَرَبَّاتِ الْخُدُورِ فَقَالَتْ إحْدَاهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ: تُعِيرُهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ» وَلِخَبَرِ: «بَاعِدُوا بَيْنَ أَنْفَاسِ النِّسَاءِ وَأَنْفَاسِ الرِّجَالِ» ؛ وَلِبُعْدِهِنَّ عَنْ الرِّجَالِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ جَاءَ إلَيْهِنَّ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَلَوْ كُنَّ قَرِيبًا لَسَمِعْنَ الْخُطْبَةَ وَالْمَسْجِدُ وَلَوْ كَبُرَ يَقَعُ الْحَصْرُ فِيهِ وَفِي أَبْوَابِهِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ دُخُولًا وَخُرُوجًا فَتُتَوَقَّعُ الْفِتْنَةُ فِي مَوَاضِعِ الْعِبَادَاتِ
(ص) وَرَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ فَقَطْ (ش) الضَّمِيرُ فِيهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْمُصَلِّي وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولًى وَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا فِي غَيْرُهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ تَحْقِيقًا لِلشَّبَهِ بِأَهْلِ الْمَشْعَرِ) الْحَرَامِ لِأَنَّهُمْ يُكَبِّرُونَ عِنْدَهُ لِلْأَسْفَارِ وَيَدْعُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] (قَوْلُهُ وَفِي حِينَئِذٍ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ لَا ضَمِيرَ فِيهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ النِّسَاءِ) أَيْ فَالْمَرْأَةُ تُسْمِعُ نَفْسَهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا) أَيْ فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ وَيُخْرِجُ عَنْ حَدِّ السَّمْتِ وَالْوَقَارِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُومَ لِلصَّلَاةِ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ كَذَا فَسَّرَهُ عج وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ يَقُولُ يَقْطَعُ بِحُلُولِ الْإِمَامِ مَحَلَّ صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقْطَعُ بِحُلُولِهِ مَحَلَّ اجْتِمَاعِ النَّاسِ
(قَوْلُهُ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ الثَّوَابَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ جَازَ أَيْ أَذِنَ فِيهِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنَّ كُلًّا مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَذَبْحِ غَيْرِهِ مَنْدُوبٌ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ آكَدُ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْرُهُ إلَخْ فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ (قَوْله وَأَمَّا الْقُرَى الصِّغَارُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَمْصَارِ غَيْرِ الْكِبَارِ وَالْقُرَى مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَمْصَارِ الْكِبَارِ مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَبْحِهِ فِي الْبَلَدِ ذَبْحُهُ وَأَرَادَ بِالْقُرَى الصِّغَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْ ذَبْحِهِ ذَبْحُهُ
(قَوْلُهُ وَالصَّحْرَاءُ) مُرَادِفٌ (قَوْله بِدْعَةٌ) أَيْ مَكْرُوهَةٌ (قَوْلُهُ لِانْتِقَاضِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا لِلْفَضْلِ (قَوْلُهُ لِانْتِقَاضِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِقِبْلَتِهِ وَمَسْجِدُهُ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ سِتُّونَ لِلطَّائِفَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْسِمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سِتُّونَ رَحْمَةً وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ «إنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى كُلِّ مُتَصَافِحَيْنِ مِائَةُ رَحْمَةٍ تِسْعُونَ لِلْبَادِئِ وَعَشْرَةٌ لِلْآخَرِ» أَفَادَهُ شب فِي شَرْحِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ تُقَسَّمُ عَلَى جَمِيعِ الطَّائِفِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ طَوَافِ كُلٍّ سِتُّونَ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سِتُّونَ وَأَرْبَعُونَ وَعِشْرُونَ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِهِ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَتْبِ حَسَنَاتٍ لِلطَّائِفِ وَالْمُصَلِّي وَالْمُشَاهِدِ (قَوْلُهُ مِنْ الْحُيَّضِ) جَمْعُ حَائِضٍ كَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَالْمُرَادُ الْحَائِضُ بِالْفِعْلِ لَا مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ وَلَمْ تَحِضْ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ لِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ هُوَ الَّذِي فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَتَّى الْحُيَّضُ وَرَبَّاتُ الْخُدُورِ مِنْ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ الْخُدُورِ) جَمْعُ خِدْرٍ وَهُوَ سِتْرٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَقْعُدُ الْبِكْرُ وَرَاءَهُ (قَوْلُهُ جِلْبَابٌ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ أَيْ تُعِيرُهَا مِنْ ثِيَابِهَا مَا لَا تَحْتَاج إلَيْهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ تُشْرِكُهَا مَعَهَا فِي لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهَا وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى تَفْسِيرِ الْجِلْبَابِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ قِيلَ هِيَ الْمُقَنَّعَةُ أَوْ الْخِمَارُ أَوْ أَعْرَضُ مِنْهُ وَقِيلَ الثَّوْبُ الْوَاسِعُ يَكُونُ دُونَ الرِّدَاءِ وَقِيلَ الْإِزَارُ وَقِيلَ الْمِلْحَفَةُ وَقِيلَ الْقَمِيصُ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ بَاعِدُوا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَمْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ وَلَوْ كَبُرَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْمُبَاعَدَةُ يُمْكِنُ وُجُودُهَا فِي الْمَسَاجِدِ الْكِبَارِ فَلَا يُنْتِجُ هَذَا الْحَدِيثُ طَلَبَ الصَّلَاةِ فِي الصَّحْرَاءِ (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْخُرُوجَ إلَى الْمُصَلَّى لِمَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ عَلَى سُنَّةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُصَلَّى بِمَوْضِعَيْنِ فِي مِصْرٍ خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ
(قَوْلُهُ وَرَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ أُولَاهُ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَجَازٌ عِلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ