للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّطْوِيلَ فِيهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ خِلَافًا لتت وَالْبِسَاطِيِّ وَحِّ فَقَوْلُهُ: كَالْقِرَاءَةِ، عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ. وَفِي شَرْحِ (هـ) أَنَّ التَّطْوِيلَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَأْمُومِينَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ، وَلَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ نَاجِي يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَقُومُ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوَ الْبَقَرَةِ. . . إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُطَوِّلُ الْإِمَامُ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِمَنْ خَلْفَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ. قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَبِهِ أَقُولُ. انْتَهَى. لَفْظُهُ: قُلْتُ لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ التَّطْوِيلِ مَحْدُودًا أَمْ لَا، وَأَمَّا حَيْثُ حَصَلَ الضَّرَرُ فَيُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ التَّطْوِيلِ. انْتَهَى.

. (ص) وَوَقْتُهَا كَالْعِيدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ كَوَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ. (ص) وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ. (ش) أَيْ: وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْ رَكْعَتَيْهَا بِالرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرُّكُوعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَصِلُ أَوَّلَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَالرَّفْعَ مِنْهُ بِالسُّجُودِ، بِخِلَافِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَنْ الْمَسْبُوقِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَنْهُ، وَلَوْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الثَّانِي فَسَهَا عَنْ الْأَوَّلِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ وَسَهَا عَنْ الثَّانِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ، أَيْ: فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ ثَانِيَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ ثَانِيَ الْأُولَى فَاتَتْ بِالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَضَاهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، أَوْ ثَانِيَ الثَّانِيَةِ أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْإِمَامُ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ. . . إلَخْ

. (ص) وَلَا تُكَرَّرُ. (ش) أَيْ: يُمْنَعُ مِنْ تَكَرُّرِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، حَيْثُ لَمْ يَتَكَرَّرْ السَّبَبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فِعْلٍ لَوْ فُعِلَ فِي غَيْرِهَا لَأَبْطَلَهَا؛ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا إلَّا فِي مَحَلِّ وُرُودِهَا. وَأَمَّا إذَا كَسَفَتْ بِيَوْمٍ وَفُعِلَتْ وَلَمْ تَنْجَلِ ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ مَكْسُوفَةً فَتُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ. وَأَمَّا لَوْ كَسَفَتْ فَصُلِّيَ لَهَا فَانْجَلَتْ، ثُمَّ كَسَفَتْ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا تُكَرَّرُ. (ص) وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ قَوْلَانِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا انْجَلَتْ كُلُّهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ هَلْ تُصَلَّى عَلَى هَيْئَتِهَا بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ، أَوْ إنَّمَا تُصَلَّى كَالنَّوَافِلِ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَاحِدٍ وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ. وَأَمَّا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا فَقَطْ أَتَمَّهَا عَلَى سُنَّتِهَا بِاتِّفَاقٍ، كَمَا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ انْجَلَتْ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا، وَأَمَّا إنْ انْجَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الشَّطْرِ فَحَكَى فِيهِ ابْنُ زَرْقُونٍ قَوْلَيْنِ: الْقَطْعَ وَإِتْمَامَهَا كَالنَّوَافِلِ. وَالرَّاجِحُ الثَّانِي لِحِكَايَةِ ابْنِ مُحْرِزٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا لَقَالَ: فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ وَقَطْعِهَا قَوْلَانِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَثْنَاءِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الشَّطْرِ فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ، أَيْ: وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا مُطْلَقًا فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ أَيْ: وَقَطْعِهَا إنْ انْجَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ شَطْرِهَا الْأَوَّلِ، أَوْ إتْمَامِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ إنْ انْجَلَتْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَالتَّفْصِيلُ فِي الْمُقَابِلِ.

وَقَوْلُهُ: كَالنَّوَافِلِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْقِسْمَيْنِ، وَانْظُرْ إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَيَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ، أَوْ يُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْوَقْتِ فَقَدْ أَدْرَكَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ خِلَافًا لتت إلَخْ) وَنَصُّهُ: وَسَجَدَ كَالرُّكُوعِ يَحْتَمِلُ فِي الطُّولِ وَيَحْتَمِلُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ سَهَا عَنْ طُولِهِ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِهَا كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَقَدْ يُسَنُّ التَّقْصِيرُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ. وَالْحُكْمُ فِي تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ يَجْرِي عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي السُّجُودِ. إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ خِلَافًا لتت أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّأْكِيدِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ مُتَضَمِّنٌ لِلتَّأْكِيدِ. (قَوْلُهُ قُلْتُ. . . إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي مُشْكِلًا وَمُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ مِنْ إفَادَتِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ يُطَوِّلُ وَلَوْ أَضَرَّ بِمَنْ خَلْفَهُ، أَرَادَ عج أَنْ يَصْرِفَ الْعِبَارَةَ إلَى مَعْنًى لَا يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ الضَّرَرِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ - الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ - يَقُولُ بِالتَّطْوِيلِ وَأَنَّهُ مَحْدُودٌ، وَالثَّانِيَ يَقُولُ بِالتَّطْوِيلِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ) أَيْ: فَلَا يَقْضِي مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى شَيْئًا، وَيَقْضِي مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَقَطْ بِقِيَامَيْهَا، وَلَا يَقْضِي الْقِيَامَ الثَّالِثَ. وَمِثْلُ فَرْضِيَّةِ الرُّكُوعِ الثَّانِي الْقِيَامُ الَّذِي قَبْلَهُ. وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ كَالْقِيَامِ الَّذِي قَبْلَهُ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفَاتِحَةَ كَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الْأَوَّلِ وَفَرْضٌ فِي الثَّانِي، وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ نَاجِي فَرْضِيَّتُهَا قَطْعًا فِي أَوَّلِ كُلِّ قِيَامٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي سُنِّيَّتِهَا فِي كُلِّ قِيَامٍ ثَانٍ وَفَرْضِيَّتِهَا، كَذَا فِي شَرْحِ عب وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَوَّاقِ أَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْأَوَّلِ قَطْعًا وَأَمَّا الثَّانِي فَهَلْ يَقْرَأُ أَوْ لَا يَقْرَأُ؟ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ: فَرْضٌ فِيهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَفَرْضٌ فِي الْأَوَّلِ. وَلَا يَقْرَأُ فِي الثَّانِي الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ. قَالَ فِي ك: إنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ سُنَّةً وَالثَّانِي وَاجِبًا مَعَ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْرِيرِهَا فِي الثَّانِي؟ الْجَوَابُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْقِيَامِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الثَّانِي) يَأْتِي فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. نَعَمْ السُّجُودُ لَا يُخَاطَبُ بِهِ إلَّا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الْأُولَى إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي الْمَأْمُومِ وَلَا يَأْتِي فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ كَوْنِهِ تَارَةً يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا، وَتَارَةً قَبْلَ تَمَامِ شَطْرِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ يُتِمُّهَا إلَخْ) أَيْ: أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ يُتِمُّهَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْقَطْعِ. أَوْ يُتِمُّهَا كَالنَّافِلَةِ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِهِ يُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَقْتَ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>