للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِقَوْلِهِ بَعْدَ وَسُنِّيَّتِهِمَا أَيْ: الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ.

(ص) وَتَلَازَمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُتَلَازِمَانِ فَمَنْ وَجَبَ لَهُ التَّغْسِيلُ وَجَبَتْ لَهُ الصَّلَاةُ بِأَنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا حَاضِرًا تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ، وَلَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ، فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ سَقَطَا. وَلَا يَرِدُ أَنَّ مَنْ تَقَطَّعَ جَسَدُهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُغَسَّلُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ قَائِمٌ مَقَامَ الْغُسْلِ (ص) وَغُسِّلَ كَالْجَنَابَةِ (ش) الْأَجْزَاءُ كَالْأَجْزَاءِ وَالْكَمَالُ كَالْكَمَالِ إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ كَالتَّكْرَارِ، وَلَا يُكَرَّرُ وُضُوءُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُسْتَفَادُ مِمَّا قُلْنَاهُ مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْ الْمَيِّتِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى إنْ كَانَ، ثُمَّ يُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً وَيُثَلِّثُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى الْأَيْسَرِ (ص) تَعَبُّدًا (ش) أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْغُسْلِ تَعَبُّدًا، أَوْ لِأَجْلِ التَّعَبُّدِ بِدَلِيلِ تَيَمُّمِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَعَلَى التَّعَبُّدِ فَلَا يُغَسِّلُ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُسْلِمٌ. وَعَلَى النَّظَافَةِ يُغَسِّلُهُ، قَالَ مَالِكٌ يُعَلِّمُهُ النِّسَاءُ الْغُسْلَ وَيُغَسِّلُهُ. وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ وَكِتَابِيَّةٌ إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْغُسْلَ تَعَبُّدٌ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَعَبُّدٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، كَغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَالنَّضْحِ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ فِي نَفْسِهِ كَغَسْلِ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا.

(ص) وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ إنْ صَحَّ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ إذَا مَاتَ الْآخَرُ يُقَدَّمُ فِي غُسْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيُقْضَى لَهُ إذَا نَازَعَهُ الْأَوْلِيَاءُ؛ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ فَالْأَصْلُ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ، هَذَا إنْ صَحَّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا حَصَلَ بِنَاءٌ أَمْ لَا، لَا إنْ فَسَدَ إذْ الْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْفَاسِدُ بِوَجْهٍ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ الْآتِيَةِ: كَالدُّخُولِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَالطُّولِ فِي بَعْضِهَا، فَيَلْحَقُ حِينَئِذٍ بِالصَّحِيحِ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الزَّوْجَانِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْحَيُّ مِنْهُمَا مُحْرِمًا وَإِلَّا فَلَا يُقَدَّمُ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسِّلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُحْرِمَيْنِ الْآخَرَ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ لَهُ، وَأَهْدَى إنْ أَمْذَى، ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ: لَا إنْ فَسَدَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ، وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ بِفَوَاتِ فَاسِدِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ.

(ص) وَإِنْ رَقِيقًا أَذِنَ سَيِّدُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَيَّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَ رَقِيقًا يُقَدَّمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّغْسِيلِ، وَلَا يَكْفِي الْإِذْنُ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ رَقِيقًا مِثْلَهُ أَوْ حُرًّا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالْقَضَاءِ مُطْلَقًا.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ سَحْنُونَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا رَقِيقًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً وَهُوَ رَقِيقٌ وَأَذِنَ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَتَلَازَمَا) أَيْ: وُجُودًا وَعَدَمًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ قَائِمٌ مَقَامَ الْغُسْلِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ تُرِكَ غُسْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى، وَمَنْ تَقَطَّعَ جَسَدُهُ بِالْفِعْلِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ غُسْلُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ لِوُجُودِ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ تَقَطَّعَ جَسَدُهُ) أَيْ: خِيفَ تَقَطُّعُ جَسَدِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى الْأَيْسَرِ) فِي شَرْحِ شب وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. وَالْحَاصِلُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثُمَّ رَقَبَتَهُ ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْأَيْسَرَ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى بَطْنًا وَظَهْرًا ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُمْنَى إلَى الْأَسْفَلِ ثُمَّ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُسْرَى إلَى الْأَسْفَلِ. (قَوْلُهُ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْغُسْلِ) الْمَفْهُومُ مِنْ (غُسِّلَ تَعَبُّدًا) أَيْ: مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ: مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْلِ التَّعَبُّدِ، لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنَّمَا وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَجْلِ أَنَّنَا أُمِرْنَا بِهِ بِدُونِ عِلَّةٍ وَلَا ظُهُورٍ لَهُ، وَمُرَادُنَا بِالْعِلَّةِ الْحِكْمَةُ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ التَّعَبُّدَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مَا لَا عِلَّةَ لَهُ أَصْلًا، وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأُصُولِ مَا لَهُ عِلَّةٌ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَمِيعُ أَفْعَالِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا لَا تَخْلُو عَنْ مَصْلَحَةٍ تَفَضُّلًا مِنْهُ، أَوْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْهَا.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُسْلِمٌ) وَأَوْلَى لَوْ وُجِدَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْهُ) أَيْ: اُنْظُرْ قَوْلَهُ: تَعَبُّدًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي أَيْ: فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَأْتِي مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.

(قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ) وَلَوْ أَوْصَى بِخِلَافِهِ فَإِنْ كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ اقْتَرَعْنَ فِيمَا يَظْهَرُ، كَذَا قِيلَ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ التَّشَارُكُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ تَقَدَّمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْقَضَاءِ حَيْثُ كَانَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَا يُقْضَى لَهُ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ كَنِكَاحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ ك (قَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ) وَيُنْدَبُ لَهُمَا الْمُبَاشَرَةُ (قَوْلُهُ فِي غُسْلِهِ) وَكَذَا يُقَدَّمُ الزَّوْجُ عَلَى أَوْلِيَاءِ زَوْجَتِهِ فِي إنْزَالِهَا قَبْرَهَا وَفِي لَحْدِهَا، وَيُقْضَى لَهُ بِهِمَا لَا زَوْجَةٌ فَلَا تُقَدَّمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقَدَّمُ) بَلْ الْحَقُّ لِلْأَقَارِبِ وَقَوْلُهُ (أَيْ: لَا إنْ فَسَدَ. . إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ أَيْ: لَا إنْ فَسَدَ فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَّا فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ. وَقَوْلُهُ كَالدُّخُولِ أَيْ: وَكَوِلَادَةِ الْأَوْلَادِ فِي الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَلَوْ كَانَتْ الصِّحَّةُ لِأَجْلِ فَوَاتِ الْفَاسِدِ فَفَوَاتُ الْفَاسِدِ مُوجِبٌ لِلصِّحَّةِ، فَلَا يُضْطَرُّ لِجَعْلِهِ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمَفْهُومِ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا كَانَ كِلَاهُمَا رَقِيقًا فَلَا يُقْضَى لِلْمَيِّتِ مِنْهُمَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً وَالزَّوْجُ حُرًّا وَمَاتَ الزَّوْجُ فَلَا يُقْضَى لَهَا بِتَغْسِيلِهِ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِي التَّغْسِيلِ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ سَحْنُونَ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْقَضَاءِ وَفِيمَا إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ. قَالَ عج: وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى مَا لِابْنِ يُونُسَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى نَقْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>