للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدُهُ فِي الْغُسْلِ فَيُقْضَى لَهُ. وَكَلَامُ ح يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ مُقَابِلٌ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ. (ص) أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ (ش) هَذَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ يَثْبُتُ لَهُ التَّقْدِيمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ صَارَ كَالْعَدَمِ لِفَوَاتِ الرَّدِّ، أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِتَغْسِيلِهِ وَإِنْ حَلَّتْ لِلْغَيْرِ بِالْوَضْعِ، سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ إشَارَةٌ لِلْخَوْفِ فِيهَا.

(ص) وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا (ش) أَيْ: وَالْأَحَبُّ نَفْيُ الْغُسْلِ حَيْثُ مَاتَتْ فَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ، وَقَدْ تَمُوتُ أُخْتُهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ غُسْلَيْهِمَا، وَجَمْعُهُمَا يَحْرُمُ فِي الْحَيَاةِ وَيُكْرَهُ فِي الْمَمَاتِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ لَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ أُخْتَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْأَحَبَّ لَهُ نَفْيُ غُسْلِهَا أَيْضًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) إلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ: وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا وَكَانَ حَيًّا. كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِيهِ تَنْكِيتٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي عَدَمِ تَعْبِيرِهِ بِرَجَحَ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ.

(ص) لَا رَجْعِيَّةٌ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: وَيُغَسِّلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ، لَا رَجْعِيَّةٌ، وَلَا تَغْسِيلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ وَفِعْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قُدِّمَ الزَّوْجَانِ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، أَيْ: وَلَا تُغَسِّلُ رَجْعِيَّةٌ، لَكِنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ، إلَّا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَكَانَ الْأَوْلَى قَرْنَهُ بِالْوَاوِ، وَيَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَيَكُونُ هَذَا مُحْتَرَزَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمُتَأَهِّلِ الْمَيِّتِ لَا رَجْعِيَّةٍ. . . إلَخْ.

(ص) وَكِتَابِيَّةٌ إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ (ش) أَيْ: فَتُغَسِّلُ زَوْجَهَا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ وَيُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يُغَسِّلْهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ. وَقَوْلُهُ: إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ أَيْ: شَخْصٍ مُسْلِمٍ - ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى - عَارِفٍ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلنَّظَافَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ فَلَا تُغَسِّلُهُ وَلَوْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَالَ - فِيمَا تَقَدَّمَ - تَعَبُّدًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ حُكْمِهِ هُنَا أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ.

(ص) وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِلْمَوْتِ

ــ

[حاشية العدوي]

ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كِلَاهُمَا رَقِيقًا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِسَيِّدِ الْمَيِّتِ شِدَّةُ ارْتِبَاطٍ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ لِلْآخَرِ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً وَالزَّوْجُ حُرًّا فَلَا يُقْضَى لَهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَيْسَتْ لَهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَالْعِصْمَةُ بِيَدِ الزَّوْجِ وَالْغُسْلُ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْحَطَّابِ) أَيْ: وَكَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ مُقَابِلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ أَيْضًا وَلِذَا ضَعَّفَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَلَامَ سَحْنُونَ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالْمَوْتِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِدَّةِ كَالْمِيرَاثِ وَلَا يُعَلَّلُ بِأَنَّ الْغُسْلَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ لِاقْتِضَاءِ جَوَازِ رُؤْيَتِهَا لِفَرْجِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِيهِ) أَيْ: فِي التَّغْسِيلِ جَمْعًا وَلَيْسَ فِي عَدَمِهِ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ. وَمُرَادُهُ بِمُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ أَيْ: بِحَسَبِ مَا كَانَ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا حُرْمَةَ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ عِلَّةٌ كَافِيَةٌ فِي ذَاتِهَا. وَقَوْلُهُ: وَقَدْ تَمُوتُ، تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ جَمْعًا أَيْ: إنَّمَا كَانَ جَمْعًا لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ أُخْتُهَا. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ يَحْرُمُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ) أَيْ: حَيَاتِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ فِي الْمَمَاتِ) أَيْ: مَمَاتِهِمَا مَعًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْغُسْلِ جَمْعًا بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ وَلَوْ بِحَسَبِ مَا كَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ جَمْعًا لِأَنَّهُ. . إلَخْ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِعَدَمِ الْغُسْلِ خِيفَةَ أَنْ تَمُوتَ الثَّانِيَةُ فَيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَهُمَا فِي الْمَمَاتِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِمَا مَعًا وَمَمَاتِهِمَا مَعًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ إمَّا كَرَاهَةً أَوْ تَحْرِيمًا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا) أَيْ: لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةً لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَنْكِيتٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ. . . إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالِاسْمِ وَهُوَ الْأَحَبُّ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى هَذَا الْمَعْطُوفِ مَعَ أَنَّهُ رَجَّحَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ رَجَحَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِرَجَحَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، لَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ يُشِيرُ لَهُ بِالْفِعْلِ هَذَا. وَالْمَنْقُولُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهَا تُغَسِّلُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيُغَسِّلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ لَا رَجْعِيَّةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ؛ لِأَنَّ رَجْعِيَّةً مَعْطُوفٌ عَلَى (أَحَدُ) وَقَوْلُهُ: وَلَا تَغْسِيلَ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ، وَفِيهِ أَنَّ شَرْطَ مَعْطُوفِهَا أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ وَيُجَابُ بِأَنْ يُرَادَ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَيْ: زَوْجِيَّةٌ لَا خَلَلَ فِيهَا (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا تُغَسِّلُ) حَلَّ مَعْنًى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ لِلْمُصَنِّفِ.

(تَنْبِيهٌ) : الْمُظَاهِرُ مِنْهَا يُقْضَى لَهَا وَلَهُ وَكَذَا الْمُولَى مِنْهَا لِأَنَّ السَّبَبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ

. (قَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ) ظَاهِرُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يُغَسِّلْهَا) وَيَنْبَغِي: وَلَا يُدْخِلْهَا فِي قَبْرِهَا إلَّا أَنْ تَضِيعَ فَلْيُوَارِهَا. (قَوْلُهُ عَارِفٍ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ) زَادَ عب وَيُؤْمَنُ مَعَهُ إقْرَارُهَا عَلَى خِلَافِ مَا يُطْلَبُ فِي تَغْسِيلِهِ. (قَوْلُهُ مُشْكِلٌ. . . إلَخْ) وَالْجَوَابُ: لَا إشْكَالَ أَيْ: فَلَا مَانِعَ مِنْ مُرَاعَاةِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَتَدَبَّرْ. هَكَذَا أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، ثُمَّ إنَّ مُحَشِّيَ تت أَفَادَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ هَذَا جَارٍ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ، أَيْ: فَيَكُونُ الْغُسْلُ تَعَبُّدًا لَا يُنَافِي مُوَالَاةَ الْكَافِرِ لَهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَمَالِكٌ يَقُولُ بِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَبُّدٌ وَيَقُولُ بِتَغْسِيلِ الْكَافِرَةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ. (أَقُولُ) وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ وَإِبَاحَةُ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ بِالْفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>