أَنَّ الْمَجْدُورَ وَالْمَحْصُوبَ وَالْمَجْرُوحَ وَذَا الْقُرُوحِ وَمَنْ تَهَشَّمَ تَحْتَ الْهَدَمِ وَشِبْهُهُمْ، إنْ أَمْكَنَ تَغْسِيلُهُمْ غُسِّلُوا وَإِلَّا صُبَّ عَلَيْهِمْ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ زَادَ أَمْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ خُشِيَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ تَزَلُّعٌ أَوْ تَقَطُّعٌ يُمِّمُوا، وَالْمَجْدُورُ: بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ، وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ الْجُدَرِيُّ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا.
(ص) وَالْمَرْأَةُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ وَلُفَّ شَعْرُهَا وَلَا يُضَفَّرُ، ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ، ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ كَالرَّجُلِ فَيَلِي تَغْسِيلَهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ، فَإِنْ عُدِمَا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِهَا النِّسَاءِ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ فِي الرَّجُلِ، فَبِنْتُهَا فَبِنْتُ ابْنِهَا فَالْأُمُّ فَالْأُخْتُ فَبِنْتُ الْأَخِ فَالْجَدَّةُ فَالْعَمَّةُ فَبِنْتُ الْعَمِّ، وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ عَلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَقَارِبِهَا النِّسَاءِ أَحَدٌ فَالْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَلَوْ كِتَابِيَّةً بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ، ثُمَّ الْمَحْرَمُ مِنْ أَهْلِهَا الرِّجَالِ يُغَسِّلُهَا مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ، وَصِفَتُهُ - عَلَى مَا قَالَ بَعْضٌ - أَنْ يُعَلَّقَ الثَّوْبُ مِنْ السَّقْفِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْغَاسِلِ؛ لِيَمْنَعَ النَّظَرَ، وَيَلُفَّ خِرْقَةً عَلَى يَدَيْهِ غَلِيظَةً، وَلَا يُبَاشِرُهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَحْرَمٌ يُمِّمَتْ فِي وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا لِكُوعَيْهَا، وَإِنَّمَا يُمِّمَ الرَّجُلُ لِمَرْفِقَيْهِ وَالْمَرْأَةُ لِكُوعَيْهَا؛ لِأَنَّ تَشَوُّقَ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ أَقْوَى مِنْ عَكْسِهِ.
وَانْظُرْ كَيْفَ جَازَ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لَمْسُ وَجْهِ الْآخَرِ بِيَدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ؟ ، فَإِنْ قُلْتَ: يُحْمَلُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً وَيَضَعَهَا عَلَى التُّرَابِ. قُلْتُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا اُقْتُصِرَ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْكُوعِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُضَفَّرُ. . . إلَخْ لِقَوْلِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الشَّعْرِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِشَعْرِهَا أَيُضَفَّرُ أَمْ يُفْتَلُ أَمْ يُرْسَلُ؟ وَهَلْ يُجْعَلُ بَيْنَ الْأَكْفَانِ أَوْ يُعْقَصُ وَيُرْفَعُ مِثْلَ مَا تَرْفَعُهُ الْحَيَّةُ بِالْخِمَارِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَفْعَلُونَ فِيهِ مَا شَاءُوا، وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ، وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَسَنٌ مِنْ الْفِعْلِ؛ لِمَا رُوِيَ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ ابْنَةُ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَمَّا غَسَّلْنَاهَا ضَفَّرْنَا شَعْرَ رَأْسِهَا فَجَعَلْنَاهُ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ: نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا مِنْ خَلْفِهَا» . وَقَدْ رُوِيَ «يُصْنَعُ بِالْمَيِّتِ مَا يُصْنَعُ بِالْعَرُوسِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْلَقُ وَلَا يُنَوَّرُ» اهـ.
وَالضَّفْرُ: نَسْجُ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ عَرِيضًا. وَعَقْصُهُ: ضَفْرُهُ وَلَيُّهُ عَلَى الرَّأْسِ.
(ص) وَسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ وَإِنْ زَوْجًا (ش) أَيْ: وَسَتَرَ الْغَاسِلُ الْمَيِّتَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ - وَإِنْ سَيِّدًا أَوْ زَوْجًا - لَكِنَّ السَّتْرَ وُجُوبًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَاسْتِحْبَابًا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ، فَالْمُبَالَغَةُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا السَّتْرُ فِيهِ وَاجِبٌ، إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مُعِينٌ.
(ص) وَرُكْنُهَا النِّيَّةُ وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ - وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ - وَالدُّعَاءُ، وَدَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ وَالَاهُ أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَعَادَ، وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ، وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ، وَسَمِعَ الْإِمَامَ مَنْ يَلِيهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي (رُكْنُهَا) عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ: مِنْهَا النِّيَّةُ وَهِيَ قَصْدُ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ خَاصَّةً، وَاسْتِحْضَارُ
ــ
[حاشية العدوي]
يُخَفْ التَّزَلُّعُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ، لَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ خُشِيَ. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ بِأَنْ يُخْشَى مِنْ صَبِّ الْمَاءِ، وَالْخَوْفُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ الْجُدَرِيُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا، وَأَمَّا الدَّالُ فَمَفْتُوحَةٌ فِيهِمَا: قُرُوحٌ تَنْفَطُ عَنْ الْجِلْدِ مُمْتَلِئَةٌ مَاءً ثُمَّ تَنْفَتِحُ - مِصْبَاحٌ. وَقَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ الْجُدَرِيُّ، أَيْ: السَّبَبُ فِي حُصُولِ هَذَا الدَّاءِ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: ١] . . . إلَخْ لَكِنْ يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ عُذِّبَ قَوْمُ لُوطٍ ثُمَّ بَقِيَ بَعْدَهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلُفَّ شَعْرُهَا) أَيْ: أُدِيرَ عَلَى رَأْسِهَا كَالْعِمَامَةِ. (قَوْلُهُ فَوْقَ ثَوْبٍ) الْمُنَاسِبُ: تَحْتَ ثَوْبٍ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِفَوْقَ، خَلْفَ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى حَالَةُ كَوْنِهِ نَاظِرًا فَوْقَ الثَّوْبِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْمَحْرَمِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَحْرَمَ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَشَوُّقَ الرَّجُلِ. . . إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّ شَهْوَةَ الْمَرْأَةِ أَقْوَى لِأَنَّ كَثْرَةَ حَيَائِهَا تَمْنَعُ مِنْ إظْهَارِ آثَارِهَا. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ كَيْفَ جَازَ لِلرَّجُلِ. . . إلَخْ) فِي عب وَإِنَّمَا جَازَ مَسُّهُمَا لِلْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْحَيَاةِ لِنُدُورِ اللَّذَّةِ هُنَا، وَلَا يَتَيَمَّمُ الْمُصَلِّي إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ تَيَمُّمِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُضَفَّرُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يُضَفَّرُ، مَعْنَاهُ لَا يُضَفَّرُ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُضَفَّرُ نَدْبًا. (قَوْلُهُ ابْنَةُ الرَّسُولِ. . . إلَخْ) هِيَ زَيْنَبُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. (قَوْلُهُ نَاصِيَتَهَا) شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، وَقَوْلُهُ: وَقَرْنَيْهَا، جَانِبَيْهَا. فَإِنْ كَانَتْ النَّاصِيَةُ شَعْرَ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فَيَكُونُ أَرَادَ بِالْقَرْنَيْنِ الشَّعْرَ الَّذِي عَلَى جَانِبَيْ الرَّأْسِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَدَّمَ الرَّأْسِ وَحْدَهُ ضَفِيرَةٌ، وَيَكُونُ أَرَادَ بِالْجَانِبَيْنِ الشَّعْرَ مِنْ النَّاحِيَتَيْنِ بِدُونِ أَنْ يَتَخَلَّلَهُمَا ضَفِيرَةٌ فَلَا وَسَطَ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْلَقُ) مِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ يَحْلِقُهُ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ. (قَوْلُهُ وَعَقْصُهُ ضَفْرُهُ وَلَيُّهُ عَلَى الرَّأْسِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّفْرَ أَعَمُّ مِنْ حَيْثُ صِدْقُهُ بِالشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الشَّعْرِ بَيْنَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَضْفُورٍ عَلَى الرَّأْسِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْعَقْصِ فَإِنَّهُ ضَفْرُهُ عَلَى الرَّأْسِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَيُّهُ، تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: ضَفْرُهُ، فَظَهَرَ أَنَّ الْعَقْصَ فِيهِ خُصُوصٌ مِنْ حَيْثُ الشَّعْرُ وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُ الشَّعْرِ مَلْوِيًّا عَلَى الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَاسْتِحْبَابًا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ) فِي عب وَإِنْ زَوْجًا وُجُوبًا، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا كَلَامُ ابْنِ نَاجِي، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ عب قَوْلُ الشَّاذِلِيِّ.
(قَوْلُهُ وَاسْتِحْضَارُ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ) هُوَ وَاجِبٌ وَلَا يَضُرُّ الْغَفْلَةُ عَنْهُ - شَيْخُنَا. وَكَذَا لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُ تَرْكِهِ، زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: كَمَا لَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ فَرْضٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ قَالَ التُّونُسِيُّ: لِأَنَّ الْقَصْدَ عَيْنُ الشَّخْصِ فَلَا يَضُرُّ جَهْلُ صِفَتِهِ. (أَقُولُ) وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ فِي الذِّهْنِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ بَعْضُ رُكْنٍ لَكِنْ لَا يَضُرُّ الْغَفْلَةُ عَنْهُ نَظِيرَ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ، وَأَمَّا تَرْكُ بَعْضٍ مِنْهَا سَهْوًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: غَفَلَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ