كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَلَا يَضُرُّ إذَا غَفَلَ عَنْ هَذَا الْأَخِيرِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا أُنْثَى فَوُجِدَتْ ذَكَرًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَجْزَأَتْ، وَمِنْهَا أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْأَرْبَعِ حَتَّى صَارَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا شِعَارَ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَإِنْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً عَمْدًا أَوْ يَرَاهَا مَذْهَبًا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ قَبْلَهُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ، وَإِنْ زَادَهَا سَهْوًا انْتَظَرُوهُ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ - كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ: يَنْبَغِي - وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَنْ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ، يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ شُمُولِهِ لِمَنْ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ يَرَى الزِّيَادَةَ مَذْهَبًا أَمْ لَا.
وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ إنْ زَادَ خَامِسَةً عَمْدًا وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ أَرْبَعٌ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ دُونَ صَلَاةِ مَأْمُومِهِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ. وَمِنْهَا الدُّعَاءُ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ. فَقَوْلُهُمْ فِيمَا يَأْتِي: يُوَالِي الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَ إنْ لَمْ تُتْرَكْ. أَيْ:؛ لِئَلَّا تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ، فَاغْتَفَرُوا لِذَلِكَ تَرْكَ الدُّعَاءِ، ابْنُ نَاجِي يُحْمَلُ نَقْلُ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي قَدْرَ الدُّعَاءِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ لَا الْوُجُوبِ اهـ. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَنَّهُ يَضُرُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا أُنْثَى. . . إلَخْ) وَكَذَا لَوْ صَلَّى وَلَا يَدْرِي أَرَجُلٌ هُوَ أَوْ امْرَأَةٌ فَالصَّلَاةُ مُجْزِئَةٌ، إنْ شَاءَ ذَكَرَ وَنَوَى الشَّخْصَ أَوْ الْمَيِّتَ، وَإِنْ شَاءَ أَنَّثَ وَنَوَى الْجِنَازَةَ أَوْ النَّسَمَةَ، وَإِنْ عَلِمَ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ بِتَعْيِينِهِ خَصَّهُ فِيمَا بَقِيَ بِمَا يُدْعَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ التَّعَدُّدُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ: مَنْ أُصَلِّي عَلَيْهِ لِوُقُوعِ مَنْ عَلَى الذَّكَرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَالْخُنْثَى وَالْمُشْكِلِ حَيْثُ كَانَ خُنْثَى. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى عَلَى أَنَّهُ زَيْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَضُرُّ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ بِالْخُصُوصِ. وَفِي شَرْحِ عب وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَازَةُ وَاحِدَةً وَظَنَّ الْمَأْمُومُ كَالْإِمَامِ أَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَاحِدَ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ فَإِذَا هُمْ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهَا تُعَادُ حَتَّى مِنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ إمَامِهِمْ، وَكَذَا تُعَادُ إنْ كَانَ فِي النَّعْشِ اثْنَانِ وَظَنَّهُمَا وَاحِدًا وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَقَطْ فَتُعَادُ عَلَيْهِمَا، إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ بِاسْمِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، فَإِنْ عَيَّنَهُ أُعِيدَتْ عَلَى غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا أُنْثَى. . . إلَخْ) أَقُولُ مَا لَمْ يَقْصِدْ خُصُوصَ كَوْنِهَا أُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ عُمَرَ. . . إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِيهِ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعٍ ثُمَّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ عُمَرَ عَلَى أَرْبَعٍ وَإِنْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً عَمْدًا فِي شَرْحِ شب وَالزِّيَادَةُ مَكْرُوهَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ) أَيْ: لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّكَعَاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَيْضًا الْخَامِسَةُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ زَائِدَةٌ إجْمَاعًا، وَالزِّيَادَةُ هُنَا قِيلَ بِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي تَكْبِيرَاتِهَا مِنْ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعٍ، فَإِنْ اُنْتُظِرَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ، وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَهَا سَهْوًا) وَمِثْلُ السَّهْوِ الْجَهْلُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ لَمْ يُنْتَظَرْ عَلَى ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا زَادَ سَهْوًا كَمَا قَالَ عج وَكَلَامُ مُحَشِّي تت يُقَوِّي كَلَامَ السَّنْهُورِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَّا لَوْ زَادَ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ وُجُوبًا وَيُسَبَّحُ بِهِ كَمَنْ قَامَ لِخَامِسَةٍ. هَذَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ) وَهُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ. . . إلَخْ) وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ فَيَأْتِي بِمَا سُبِقَ بِهِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ، فَإِنْ انْتَظَرَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا نَقَصَ وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ، إنْ نَقَصَ اُنْتُظِرَ حَيْثُ كَانَ سَهْوًا وَلَا يُكَلِّمُونَهُ، بَلْ يُسَبِّحُونَ. قَالَ سَحْنُونَ: فَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ وَتَرَكَهُمْ كَبَّرُوا، وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ إنْ تَنَبَّهَ عَنْ قُرْبٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ تَبَعًا لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ كَذَا فِي عب وَفِيهِ خَلَلٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونَ الَّذِي لَا يَقُولُ بِالْكَلَامِ: إنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ عَنْ قُرْبٍ، وَيُكَلِّمُونَهُ عَلَى كَلَامِ غَيْرِ سَحْنُونَ فَإِنَّهُ نَقَصَ عَمْدًا وَهُوَ يَرَاهُ مَذْهَبًا لَمْ يُتَّبَعْ، وَأَتَمُّوا أَرْبَعًا. وَانْظُرْ إذَا نَقَصَ عَمْدًا دُونَ تَقْلِيدٍ فَهَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَقْصِهِ سَهْوًا؟ لِأَنَّ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ التَّكْبِيرَ ثَلَاثًا أَوْ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَتَوْا بِرَابِعَةٍ لِبُطْلَانِهَا عَلَى الْإِمَامِ اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ، مَا يُفِيدُ الثَّانِيَ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الدُّعَاءُ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ: حَتَّى مِنْ الْمَأْمُومِ فَلَيْسَ كَالْفَاتِحَةِ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ. قَالَ فِي ك: وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَالدُّعَاءُ كُلُّهُ هُوَ الْوَاجِبُ إذَا كَانَ خَاصًّا بِالْمَيِّتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْغَيْرِ فَمُسْتَحَبٌّ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ الْفَاتِحَةِ فَإِذَا قَرَأَهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ أَيْ: قَرَأَهَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَالْمُتَعَيَّنُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ بِدُعَاءٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ حَتَّى بَعْدَ الرَّابِعَةِ) أَيْ: وُجُوبًا وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اخْتِيَارَهُ؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى قُوَّتِهِ فَقَطْ فِي الْجُمْلَةِ، لَا لِكَوْنِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ الْجُمْهُورَ. (قَوْلُهُ فَاغْتَفَرُوا لِذَلِكَ تَرْكَ الدُّعَاءِ) فَإِنْ قِيلَ: الدُّعَاءُ وَاجِبٌ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَالصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ مَكْرُوهَةٌ فَكَيْفَ يُتْرَكُ الْوَاجِبُ خَوْفًا مِنْ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ؟ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ تَرْكَ الدُّعَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ) قَالَ فِي ك: ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَذَكَرَ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ غَيْرِهَا دُعَاءً يَخُصُّهُ، فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِالْكَبِيرِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيَدْعُو بِدُعَائِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute