للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ش) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِصِفَةِ الْكَفَنِ أَيْ: إذَا تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي الْكَفَنِ قُضِيَ بِتَكْفِينِهِ بِمَلْبُوسِهِ فِي الْجُمُعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى التَّكْفِينِ فِيهِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ: بِمِثْلِ مَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ: لِكَجُمُعَةٍ لِيَدْخُلَ ثِيَابُ جُمُعَتِهِ وَصَلَاتِهِ وَإِحْرَامُ حَجِّهِ وَأَعْيَادِهِ وَمَا شَهِدَ بِهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ، وَالِاحْتِمَالَانِ صَحِيحَانِ.

(ص) وَقُدِّمَ كَمُؤْنَةِ الدَّفْنِ عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَنَ يُقَدَّمُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ - لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَلْبُوسَ جُمُعَتِهِ كَمُؤَنِ الْمُوَارَاةِ مِنْ غُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ وَحِرَاسَةٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا - عَلَى كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ الدُّيُونِ غَيْرِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ الْحَائِزِ لِرَهْنِهِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ سَوَاءٌ انْحَصَرَ فِيهَا - كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَأُمِّ الْوَلَدِ وَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ - أَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا - كَدَيْنِ الرَّهْنِ - فَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكَفَنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ. وَلَوْ كَانَ الْكَفَنُ مَرْهُونًا فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَازَهُ عَنْ عِوَضٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْحَوْزِ فَائِدَةٌ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سُرِقَ) إلَى أَنَّ الْكَفَنَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ سُرِقَ مَا كُفِّنَ بِهِ أَوْ لَا، أَوْ نُبِشَ الْقَبْرُ وَلَوْ بَعْدَ قَسْمِ الْمَالِ - ابْنُ الْقَاسِمِ. وَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ.

(ص) ثُمَّ إنْ وُجِدَ وَعُوِّضَ وُرِثَ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَنَ إذَا وُجِدَ بَعْدَ أَنْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ وَقَدْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ عَوَّضُوهُ، فَإِنَّهُ يُورَثُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ أَحَقُّ (ص) كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ مَعَ قَلْبِ الصُّورَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فُقِدَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ فَيُورَثُ مَعَ فَقْدِ الدَّيْنِ.

(ص) وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَفَنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ يَجِبُ عَلَى الْمُنْفِقِ عَلَى الْمَيِّتِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ - مِنْ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ أَوْ ابْنٍ عَلَى أَبِيهِ - أَوْ بِسَبَبِ رِقٍّ - مِنْ قِنٍّ - أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ - وَلَوْ مُكَاتَبًا - لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ تَرَكَ لَهُ فِيهَا جُزْءًا مِنْ الْكِتَابَةِ. وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَعَبْدُهُ وَلَمْ يَخْلُفْ السَّيِّدُ إلَّا كَفَنًا وَاحِدًا كُفِّنَ بِهِ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ لَهُ حَقٌّ فِيهِ. وَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ: الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا الْجَارِيَةُ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَعْضِ مِنْ الْكَفَنِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ (ص) لَا زَوْجِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَنَ وَمَا مَعَهُ مِنْ الْمُؤَنِ لَا يَكُونُ تَابِعًا لِلنَّفَقَةِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ وَالرِّقِّ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُكَفِّنَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِسَحْنُونٍ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ بَعْضُهَا. الثَّانِي أَنَّ مَعْنَى كُفِّنَ أَيْ: نُدِبَ أَنْ يُكَفَّنَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ يَشْهَدُ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ وَمَاتَ وَعِنْدَهُ الثِّيَابُ الَّتِي كَانَ يَشْهَدُ فِيهَا مَشَاهِدَ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُكَفِّنُوهُ فِي تِلْكَ الثِّيَابِ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ: وَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَحِينَئِذٍ فَلَا قَضَاءَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَلَا مَعْنَى لِلْقَضَاءِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكَانَتْ قَدِيمَةً فَلَا يُقْضَى بِهَا إذَا كَانَ يَشْهَدُ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ فِي الثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا يُسْتَحَبُّ. . . إلَخْ) أَيْ: وَالنَّدْبُ فِي الْمُصَنَّفِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَرَثَةِ

. (قَوْلُهُ أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ) مُحْتَرَزُ الذِّمَّةِ

، ثُمَّ فِي عِبَارَتِهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ حِلِّهِ يَقْتَضِي أَنَّ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَآخِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْأَعْيَانِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِيهِ شَائِبَتَيْنِ تَعَلُّقِ الذِّمَّةِ وَتَعَلُّقِ الْعَيْنِ، فَتَعَلُّقُ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَتَعَلُّقُ الذِّمَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ فَضَلَ لَهُ فَضْلَةٌ مِنْ دَيْنِهِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَدِينِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي فَهُوَ مُنْحَصِرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ فَضَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَضْلَةٌ لِكَوْنِ الْعَبْدِ الْجَانِي الْمُسَلَّمِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَمْ يُوفِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ بِالْفَاضِلِ. (قَوْلُهُ أَوْ نُبِشَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يُنْبَشَ

. (قَوْلُهُ عُوِّضَ) مَفْهُومُهُ لَوْ وُجِدَ قَبْلَ أَنْ يُعَوَّضَ يُكَفَّنُ فِيهِ - الْبِسَاطِيُّ. إنْ أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ وَإِلَّا وُرِثَ، وَلَوْ جُمِعَ لَهُ ثَمَنُ كَفَنٍ فَكَفَّنَهُ رَجُلٌ رُدَّ مَا جُمِعَ لِأَرْبَابِهِ وَلَا يَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ وَلَا الْغُرَمَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ أَرْبَابُهُ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُهُ تُصُدِّقَ بِهِ عَنْهُمْ؛ لِقَوْلِ مَالِكٍ: وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ تُصُدِّقَ بِهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وُرِثَ، إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ) قَالَ فِي ك: إنَّمَا نُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا إرْثَ مَعَ الدَّيْنِ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ الْمَنْعُ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ عَلَى دُيُونِهِمْ لَا يَتَعَلَّقُ لَهُمْ بِهِ حَقٌّ. وَانْظُرْ هَلْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ ك.

(قَوْلُهُ مِنْ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ أَوْ ابْنٍ عَلَى أَبِيهِ) فَلَوْ اجْتَمَعَا كَمَا لَوْ هَلَكَ زَمِنٌ وَلَهُ ابْنٌ وَأَبٌ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ نَفَقَتُهُ لِزَمَانَتِهِ. قَالَ الْجُزُولِيُّ: فَكَفَنُهُ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَوْ كَانَتْ أَوَّلًا عَلَى الْأَبِ لِزَمَانَةِ الْوَلَدِ ثُمَّ حَدَثَ لِلزَّمِنِ وَلَدٌ مُوسِرٌ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَنْتَقِلُ عَلَى ابْنِهِ، وَلَوْ مَاتَ وَالِدُ شَخْصٍ وَوَلَدُهُ فَقَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَغَيْرُهُ فِي النَّفَقَاتِ قِيلَ يَتَحَاصَّانِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ اهـ.

وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. ثُمَّ التَّحَاصُصُ فِي الْكَفَنِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لِكُلِّ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ أَيْ: يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِمَّا يُكَفَّنُ بِهِ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ. (قَوْلُهُ كُفِّنَ بِهِ الْعَبْدُ) أَيْ: إذَا مَاتَا مَعًا أَوْ تَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ عُلِمَ عَيْنُ الْمُتَقَدِّمِ وَكَانَ الْعَبْدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ السَّيِّدَ فَيُكَفِّنُ الْعَبْدَ مَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ بِنَاءً عَلَى انْتِقَالِهَا بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ، وَكَذَا يَظْهَرُ عَلَى الْآخَرِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلَانِ فِي الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْفَقِيرُ) أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعْنَاهُ: وَالشَّخْصُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا نَفَقَتَهُ لَازِمَةٌ لِأَحَدٍ، فَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَنَفَقَتُهُ تَلْزَمُ إنْسَانًا وَلَمْ يُجْرِهَا عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ كَفَنَهُ وَمُؤَنَ تَجْهِيزِهِ تَلْزَمُ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ اعْتِبَارًا بِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ لَا بِالْإِجْرَاءِ بِالْفِعْلِ فَهُوَ لَيْسَ فَقِيرًا بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ وَلَهُ أَيْضًا، إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَنَسَبَهُ فِي الرِّسَالَةِ لِسَحْنُونٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا دَخَلَ أَوْ ادَّعَى الدُّخُولَ وَهِيَ مُطِيقَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ. وَذَكَرَ فِي ك عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>