للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظَرًا إلَى انْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ.

(ص) وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ (ش) هَكَذَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَنَصُّهُ: وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ يُرِيدُ، أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ، فَكَفَنُهُ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفٌ وَلَا مُرْصَدٌ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ وَبَدَأَ مِنْهَا بِمَنْدُوبِ الْمَرِيضِ، وَمَنْ حَضَرَ وَقْتَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ فَقَالَ (ص) وَنُدِبَ تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَتْهُ أَسْبَابُ الْمَوْتِ وَعَلَامَاتُهُ، أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - عِيَاضٌ: يُسْتَحَبُّ غَلَبَةُ الْخَوْفِ مَا دَامَ الْإِنْسَانُ فِي مُهْلَةِ الْعَمَلِ فَإِذَا دَنَا الْأَجَلُ وَانْقَطَعَ الْأَمَلُ اُسْتُحِبَّ غَلَبَةُ الرَّجَاءِ. قَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخَوْفِ تَتَعَذَّرُ حِينَئِذٍ اهـ. إنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ مُسْتَحَبًّا مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَبَدًا؛ لِأَنَّهُمَا كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ إذَا مَالَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَزِيدُ تَحْسِينَ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا تَعَارُضَ.

(ص) وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ ظَهْرٍ (ش) أَيْ: وَيُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَ عِنْدَ مَرِيضٍ تَقْبِيلُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ إحْدَادِ بَصَرِهِ وَشُخُوصِهِ إلَى السَّمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ، وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ جَرْيِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْعَلُ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ، وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْأَيْسَرَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ تَفَاؤُلًا أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ لَا مِنْ أَصْحَابِ الْيَسَارِ. (ص) وَتَجَنُّبُ حَائِضٍ وَجُنُبٍ لَهُ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَجَنُّبُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالْكَلْبِ وَالتِّمْثَالِ وَكُلِّ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَعْبَثُ وَلَا يَكْفِ إذًا نَهْيٌ، لِلْمَيِّتِ. وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرٌ، وَأَنْ يُحْضَرَ عِنْدَهُ طِيبٌ، وَحُضُورُ أَحْسَنِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ سَمْتًا وَخُلُقًا وَدِينًا

ــ

[حاشية العدوي]

اللَّخْمِيِّ، إنْ فُقِدَ سَاتِرُ كُلِّهِ بُدِئَ بِسَتْرِ عَوْرَتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ وَمَا فَضَلَ إلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى صَدْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا مُرْصَدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَرْصَدَ

. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَتْهُ أَسْبَابُ الْمَوْتِ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: ظَنِّهِ أَيْ: الْمَيِّتِ لَا بِمَعْنَى مَنْ قَامَ بِهِ الْمَوْتُ، بَلْ بِمَعْنَى مَنْ حَضَرَتْهُ أَسْبَابُ الْمَوْتِ وَعَلَامَاتُهُ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ مَيِّتًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ. (قَوْلُهُ وَعَلَامَاتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ غَلَبَةُ الْخَوْفِ) أَيْ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى يَأْسٍ وَإِلَّا كَانَ مَذْمُومًا وَرُبَّمَا كَانَ كُفْرًا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمُ الرَّجَاءِ مُطْلَقًا؛ لِاحْتِمَالِ طُرُوقِ الْمَوْتِ فِي كُلِّ نَفْسٍ وَهُجُومِهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهَلْ الْأَفْضَلُ لِلشَّخْصِ تَغْلِيبُ الرَّجَاءِ؛ لِئَلَّا يَغْلِبَ عَلَيْهِ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، أَوْ الْخَوْفِ؛ لِئَلَّا يَغْلِبَ عَلَيْهِ دَاءُ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، أَوْ إنْ كَانَ عَاصِيًا فَالْخَوْفُ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ مُطِيعًا فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ، أَوْ إنْ كَانَ قَبْلَ الذَّنْبِ فَالْخَوْفُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ، أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فَالْخَوْفُ أَفْضَلُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعِنْدَنَا، وَاَلَّذِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ مُسْتَوِيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَالرَّجَاءُ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ مُحْسِنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ حُسْنِ الظَّنِّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخَوْفِ تَتَعَذَّرُ حِينَئِذٍ) أَيْ: الَّتِي هِيَ الْعَمَلُ، إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعَذُّرِ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَفِي الْخَوْفُ رَأْسًا مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ أَنَّ هُنَاكَ خَوْفًا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ: الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ كَجَنَاحَيْ طَائِرٍ إذَا مَالَ أَحَدُهُمَا أَيْ: انْخَفَضَ وَتَلِفَ سَقَطَ الطَّائِرُ، كَذَلِكَ الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ إذَا مَالَ أَحَدُهُمَا أَيْ: ذَهَبَ وَتَلِفَ هَلَكَ الشَّخْصُ. (أَقُولُ) وَبَعْدُ فَهَذَا يَدُلُّ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا يَكُونَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَا لِمَذْهَبِنَا الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ أَفْضَلَ. (قَوْلُهُ وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَعِنْدَ إحْدَادِهِ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ ثَانٍ كَمَا فِي ك وَسَبَبُهُ نَظَرُ السُّلَّمِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ لِقَبْضِ الرُّوحِ، أَوْ لِأَنَّ الرُّوحَ إذَا خَرَجَتْ يَتْبَعُهَا الْبَصَرُ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَرَاهَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ وَشُخُوصِهِ) أَيْ: ارْتِفَاعِهِ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ: قَبْلَ الظَّهْرِ.

(قَوْلُهُ مِنْ جَرْيِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ أَرْبَعَةٌ: قِيلَ الْجَنْبُ الْأَيْمَنُ ثُمَّ الْأَيْسَرُ ثُمَّ الظَّهْرُ. قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: الظَّهْرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَيْسَرِ. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ إنَّ الظَّهْرَ وَالْجَنْبَ الْأَيْمَنَ سِيَّانِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَقِيلَ: إنَّ الظَّهْرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ. نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَكُلُّهَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ اهـ.

وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ ثُمَّ لَمَّا جَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ: وَكَيْفِيَّةُ التَّوَجُّهِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ: بِتَقْدِيمِ الْأَيْمَنِ عَلَى الِاسْتِلْقَاءِ أَوْ الِاسْتِلْقَاءِ فَأَشَارَ إلَى قَوْلَيْنِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ بِاعْتِبَارِ مَبْدَأِ مَا يُفْعَلُ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمَا فِي التَّوْضِيحِ. . . إلَخْ وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ جَرَى عَلَى صَلَاةِ الْمَرِيضِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَقَالَ: عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُهُ الظَّهْرَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَيَكُونُ فِي عِبَارَتِهِ حَذْفٌ أَيْ: ثُمَّ أَيْسَرَ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْأَيْسَرَ) أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ ثُمَّ ظَهْرٍ ثُمَّ أَيْسَرَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ الْحَائِضِ) وَمِثْلُهُ النُّفَسَاءُ. (قَوْلُهُ وَالْكَلْبِ) غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لِلْمَيِّتِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ مُلْحَقَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِ (تَجَنُّبُ) أَيْ: تَجَنُّبُهَا لِلْمَيِّتِ لَا الْبَيْتِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِالصَّبِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَجَنُّبِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ لَهُ، أَنْ لَا يَكُونَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي تَجَنُّبِ الْكَلْبِ وَالتِّمْثَالِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ النَّجِسُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْبَثُ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَالْمُرَادُ بِتَجَنُّبِهِمَا بُعْدُهُمَا عَنْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا أَشْبَهَهُمَا. (قَوْلُهُ كَوْنُهُ طَاهِرًا) أَيْ: مِنْ الْخَبَثِ. (قَوْلُهُ سَمْتًا) أَيْ: هَيْئَةً (قَوْلُهُ وَخُلُقًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>