للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَتَلْقِينُهُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ بِرِفْقٍ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ وَهُوَ مِنْ مَوَاطِنِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَأَنْ لَا يُتْرَكَ مَنْ يَبْكِي بِرَفْعِ صَوْتٍ، وَقَوْلُ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا، وَإِبْعَادُ النِّسَاءِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ، وَإِظْهَارُ التَّجَلُّدِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ الرِّجَالِ.

(ص) وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ وَتَغْمِيضُهُ وَشَدُّ لَحْيَيْهِ إذَا قُضِيَ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ بِأَنْ يُقَالَ بِحَضْرَتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لِحَدِيثِ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» لِيَكُونَ ذَلِكَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَلِيَطْرُدَ بِهِ الشَّيَاطِينَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ لِدَعْوَى التَّبْدِيلِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُلَقَّنُ إلَّا بَالِغٌ. وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ - مُطْلَقًا - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَقِّنَهُ غَيْرُ وَارِثِهِ - إنْ وُجِدَ - وَإِلَّا فَأَرْأَفُهُمْ بِهِ، وَلَا يُلَجُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ وَيُسْكَتُ بَيْنَ كُلِّ تَلْقِينَةٍ سَكْتَةٌ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَغْمِيضُهُ؛ لِأَنَّ فَتْحَ عَيْنَيْهِ يَحْصُلُ بِهِ قُبْحُ مَنْظَرِهِ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يَشُدَّ لَحْيَيْهِ الْأَسْفَلَ مَعَ الْأَعْلَى بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ وَيَرْبِطَهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ؛ لِئَلَّا يَسْتَرْخِيَ لَحْيَاهُ فَيَفْتَحَ فَاهُ فَيَدْخُلَ الْهَوَامُّ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ وَيَقْبُحَ بِذَلِكَ مَنْظَرُهُ. فَقَوْلُهُ: إذَا قُضِيَ، رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ: إذَا تَحَقَّقَ قَضَاؤُهُ أَيْ: مَوْتُهُ وَلِذَا عُبِّرَ بِإِذَا دُونَ إنْ؛ لِأَنَّ إذَا لِلتَّحَقُّقِ. وَعَلَامَاتُ الْمَوْتِ أَرْبَعٌ: انْقِطَاعُ نَفَسِهِ وَإِحْدَادُ بَصَرِهِ وَانْفِرَاجُ شَفَتَيْهِ فَلَا يَنْطَبِقَانِ وَسُقُوطُ قَدَمَيْهِ فَلَا يَنْتَصِبَانِ. وَمِنْ عَلَامَاتِ الْبُشْرَى لِلْمَيِّتِ أَنْ يَصْفَرَّ وَجْهُهُ وَيَعْرَقَ جَبِينُهُ وَتَذْرِفَ عَيْنَاهُ دُمُوعًا. وَمِنْ عَلَامَاتِ السُّوءِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ وَتَرْبَدَّ شَفَتَاهُ وَيَغِطَّ كَغَطِيطِ الْبَكْرِ اهـ.

وَتَرْبَدَّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا دَالٌ مُشَدَّدَةٌ - قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الرُّبْدَةُ بِالضَّمِّ لَوْنٌ إلَى الْغُبْرَةِ.

(ص) وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ (ش) أَيْ: عَقِبَ مَوْتِهِ فَيَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ لِعَضُدَيْهِ وَفَخِذَيْهِ لِبَطْنِهِ تَسْهِيلًا عَلَى الْغَاسِلِ (ص) وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ (ش) أَيْ: كَسَرِيرٍ خَوْفَ إسْرَاعِ الْفَسَادِ وَالْهَوَامِّ فَيَحْصُلُ لَهُ التَّشْوِيهُ، وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِحِفْظِهِ قَبْلَ الدَّفْنِ (ص) وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ زِيَادَةً عَلَى مَا عَلَيْهِ حَالَ الْمَوْتِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا أُمِرَ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَغَيَّرُ تَغَيُّرًا وَحِشًا مِنْ الْمَرَضِ فَيَظُنَّ بِهِ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ. (ص) وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا وَضْعُ شَيْءٍ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ كَسَيْفٍ أَوْ حَدِيدَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ. قَالَ حُلُولُو فِي قَوْلِهِ (وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ) : مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتِ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَصْحَابِ وَهِيَ مَنْصُوصَةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمَذْهَبِ مِنْ وَضْعِ الْحَدِيدِ عَلَى بَطْنِهِ. اهـ وَمَا ذَكَرَهُ حُلُولُو أَخَصُّ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ

(ص) وَإِسْرَاعُ

ــ

[حاشية العدوي]

لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ وَبَعْدُ هِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا، وَفِي ك تَكْرَارُهَا فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْآخَرُ بِضَمِّهَا وَكَأَنَّ السَّمْتَ يَرْجِعُ لِسُكُونِ الْجَوَارِحِ وَالرَّزَانَةِ فَيَكُونُ مُغَايِرًا لِلْخُلُقِ بِالْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُتْرَكَ مَنْ يَبْكِي) أَيْ: يُبْعِدَهُمَا عَنْهُ لَا عَنْ الْبَيْتِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ ك. (قَوْلُهُ بِرَفْعِ صَوْتٍ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَبْكِي لَا بِرَفْعِ صَوْتٍ فَإِنَّهُ لَا يُبْعَدُ. (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ، وَآجَرَهُ بِالْمَدِّ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إذَا أَثَابَهُ. (قَوْلُهُ وَأَعْقِبْنِي) مِنْ أَعْقَبَ فَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ بِحَضْرَتِهِ) وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ؛ لِئَلَّا يُوَافِقَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: لَا لِرَدِّ فِتْنَةِ الْفَتَّانِينَ أَوْ إبْلِيسَ وَأُورِدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةٌ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْهُ قَوْلُهَا لِكُفْرِهِ، وَإِذَا قَالَهَا لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فَتُعَادَ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ لِخَبَرِ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ مِنْ الدُّنْيَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ.» وَلَا يَضْجَرُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الْمُحْتَضَرِ لِمَا يُلَقِّنُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ مَا لَا يُشَاهِدُونَهُ. (قَوْلُهُ أَشْهَدُ. . . إلَخْ) أَيْ: فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالشَّهَادَةِ الشَّهَادَتَيْنِ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى أَوْ أَنَّ الشَّهَادَةَ صَارَتْ عَلَمًا عَلَى مَجْمُوعِهِمَا مَعًا وَلَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ: أَشْهَدُ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»

(تَنْبِيهٌ) : التَّلْقِينُ مَنْدُوبٌ كِفَائِيٌّ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ ثُمَّ عَلَى غَيْرِهِمْ عَلَى التَّدْرِيجِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَفَادَهُ الْأَبِيُّ. (قَوْلُهُ وَلَا يُلَقَّنُ إلَّا بَالِغٌ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، هَذَا لِلنَّوَوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ عج. (قَوْلُهُ وَلَا يُلَجُّ عَلَيْهِ) بِالْجِيمِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَغْمِيضُهُ) قَالَ فِي ك وَيَنْبَغِي أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ أَرْفَقُ أَوْلِيَائِهِ بِأَسْهَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، عَنْ النَّوَوِيِّ: مَنْ لَمْ يُغْمَضْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَقِيَ مَفْتُوحَ الْجَفْنَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ جَبَذَهُ شَخْصٌ بِعَضُدَيْهِ وَآخَرُ بِإِبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يَنْطَبِقَانِ. (قَوْلُهُ مَنْظَرِهِ) بِفَتْحِ الظَّاءِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ عَلَامَاتِ الْبُشْرَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا عَلَامَاتِ أَهْلِ الْخَيْرِ الَّذِينَ لَا يَلْحَقُهُمْ عَذَابٌ، وَأَرَادَ بِعَلَامَاتِ السُّوءِ الْمَوْتَ عَلَى الْكُفْرِ، وَيَكُونُ سَاكِنًا عَنْ عَلَامَاتِ السُّوءِ مَعَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَتَذْرِفُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ: دَمَعَتْ. (قَوْلُهُ وَيَغِطُّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ صَوَّتَ. كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ الْبَكْرِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْفَتِيُّ مِنْ الْإِبِلِ. (قَوْلُهُ خَوْفَ إسْرَاعِ الْفَسَادِ) رَدَّهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ الْفَسَادَ لَا يَتَأَتَّى إذْ لَا دَخْلَ لِوَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا عَدَمِهِ فِي الْفَسَادِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ) أَيْ: حَتَّى وَجْهِهِ. (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا عَلَيْهِ حَالَ الْمَوْتِ) فِي عب خِلَافُهُ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ بَعْدَ نَزْعِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ قَالَهُ سَنَدٌ. وَفِي الْمَدْخَلِ يُنْزَعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا عَدَا الْقَمِيصَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ سَنَدٍ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَحِشًا) كَذَا فِي ك وَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْحَاءِ (قَوْلُهُ وَوَضْعُ ثَقِيلٍ. . . إلَخْ) خَوْفَ انْتِفَاخِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ) قَالَ فِي ك وَانْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ) مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مَذْكُورٌ لِابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ حُلُولُو) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِطَرَفٍ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>