للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجْهِيزِهِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ خِيفَةَ تَغَيُّرِهِ، وَتَأْخِيرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِلِاهْتِمَامِ بِعَقْدِ الْخِلَافَةِ أَوْ لِيَبْلُغَ خَبَرُ مَوْتِهِ النَّوَاحِيَ الْقَرِيبَةَ فَيَحْضُرُوا لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِاغْتِنَامِ الثَّوَابِ. وَيَجُوزُ الدَّفْنُ لَيْلًا كَمَا فُعِلَ بِفَاطِمَةَ وَأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ قَاعِدَةِ: الْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ، سِتَّ مَسَائِلَ: التَّوْبَةُ، وَالصَّلَاةُ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا، وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَنِكَاحُ الْبِكْرِ إذَا بَلَغَتْ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ إذَا قَدِمَ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ. وَزِيدَ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ مِنْ السَّفَرِ، وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ عِنْدَ حُلُولِهَا. (ص) إلَّا الْغَرِقَ (ش) أَيْ: فَلَا يُسْرَعُ بِهِ خَوْفَ غَمْرِ الْمَاءِ قَلْبَهُ ثُمَّ يُفِيقُ، فَيُؤَخَّرُ حَتَّى يَظْهَرَ مَوْتُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الْغَرِقِ لَكَانَ أَشْمَلَ لِيَدْخُلَ الصَّعِقُ، وَمَنْ يَمُوتُ فَجْأَةً، وَمَنْ بِهِ مَرَضُ السَّكْتَةِ، وَمَنْ مَاتَ تَحْتَ الْهَدَمِ.

(ص) وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِلْغُسْلِ سِدْرٌ وَهُوَ وَرَقُ شَجَرِ النَّبْقِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ بِالْيَمَنِ لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ. وَإِنَّمَا خُصَّ السِّدْرُ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ عِنْدَ عَدَمِهِ - مِنْ كُلِّ غَاسُولٍ كَأُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ أَوْ نَحْوِهِمَا - يَقُومُ مَقَامَهُ، تَفَاؤُلًا بِالْعُرُوجِ بِرُوحِهِ إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ - عِيَاضٌ. وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عِنْدَ كَافَّتِهِمْ أَنْ تُلْقَى وَرَقَاتُهُ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ فِعْلٌ مُنْكَرٌ وَمِنْ فِعْلِ الْعَامَّةِ، بَلْ يُطْحَنَ وَيُجْعَلَ فِي الْمَاءِ وَيُخَضَّ حَتَّى تَبْدُوَ لَهُ رَغْوَةٌ، وَيُعْرَكَ بِهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ. وَتَكُونُ الْغَسْلَةُ الْأُولَى - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ، وَالثَّانِيَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ لِلتَّنْظِيفِ، وَالثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ لِلتَّطْيِيبِ.

(ص) وَتَجْرِيدُهُ وَوَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفِعٍ، وَإِيتَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ وَلَمْ يُعَدْ كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وَغُسِّلَتْ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَجْرِيدُهُ لِلْغُسْلِ وَوَضْعُهُ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ سَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ تَجْرِيدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ إلَّا سَاتِرَ عَوْرَتِهِ - وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَرَّدُ وَلَوْ أَنْحَلَ الْمَرَضُ جِسْمَهُ، خِلَافُ قَوْلِ عِيَاضٍ: اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ غُسْلَهُ تَحْتَ ثَوْبٍ؛ لِتَغَيُّرِهِ بِالْمَرَضِ وَكَرَاهِيَةِ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوضَعَ عَلَى مُرْتَفِعٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَلِئَلَّا يَقَعَ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ عَلَى غَاسِلِهِ شَيْءٌ. وَلَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْغُسْلِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ الْبَخُورُ؛؛ لِئَلَّا يُشَمَّ مِنْهُ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، وَاشْتِغَالُ الْغَاسِلِ بِالتَّفَكُّرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: ثَقِيلٍ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ ثَقِيلَ أَعَمُّ مِنْ حَدِيدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخَصُّ فِي الْإِخْرَاجِ أَيْ: مَا خَرَجَ بِثَقِيلٍ أَخَصُّ مِمَّا خَرَجَ بِحَدِيدٍ. (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُ) اعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ ضَحْوَةَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ الْأَنْصَارُ ثُمَّ أَهْلُ الْقُرَى، وَجُمْلَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَصَلَّوْا عَلَيْهِ فُرَادَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً يُجْعَلُ إمَامًا. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الدَّفْنُ لَيْلًا) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى، فَفِي ك وَالنَّهَارُ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ اهـ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَالنَّهَارُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) أَيْ: تَقْدِيدِ اللَّحْمِ. (قَوْلُهُ إلَّا الْغَرِقَ) مُفَادُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِنَدْبِ تَأْخِيرِهِ وَوُجُوبِهِ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ الثَّانِيَ بَلْ رَأَيْتُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي ك. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ: فَيَبْقَى أَيْ: وَلَوْ أَتَى عَلَيْهِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ الصَّعِقَ) هُوَ الْمَغْشِيُّ عَلَيْهِ مِنْ سَمَاعِ صَوْتٍ شَدِيدٍ.

(قَوْلُهُ فَجْأَةً) فِي الْمِصْبَاحِ (فَجِئْتُ) الرَّجُلَ (أَفْجَأُهُ) مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ جِئْتُهُ بَغْتَةً وَالِاسْمُ الْفُجَاءَةُ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ فَجْأَةً بِأَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمَنْ بِهِ مَرَضُ السَّكْتَةِ) أَيْ: فَلَا يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ غَاسُولٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَرَادَ بِالْغَاسُولِ مَا يُغَسَّلُ بِهِ، لَا خُصُوصَ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا بِالْغَاسُولِ بِمِصْرَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: كَأُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ (قَوْلُهُ كَأُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ. كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ كَوْنِ الْأُولَى بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالثَّانِيَةِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ. . . إلَخْ) وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مُطْلَقٌ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ السِّدْرَ يُنَعَّمُ وَيُجْعَلُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فَشَيْءٌ وَيُحَكُّ بِهِ جَسَدُهُ ثُمَّ يُصَبُّ الْمَاءُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إذَا وَصَلَ الْمَاءُ لِلْعُضْوِ طَاهِرًا ثُمَّ تَغَيَّرَ بِالسِّدْرِ فَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مُطْلَقًا، وَأَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَيَصْدُقُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ وَالثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ) صُورَتُهُ يُجْعَلُ الْكَافُورُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُطْلَى بِهِ. وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «وَاجْعَلْ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا» أَنْ يُخْلَطَ الْكَافُورُ بِالْمَاءِ وَيُغَسَّلَ بَدَنُ الْمَيِّتِ فَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِخِلَافِ غَسْلَةِ السِّدْرِ فَإِنَّهَا صَبُّ الْمَاءِ بَعْدَ عَرْكِ بَدَنِ الْمَيِّتِ، لَا خَلْطُهُ بِالْمَاءِ كَمَا فَهِمَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْهُ غُسْلُهُ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ كَمَذْهَبِ ابْنِ شَعْبَانَ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: خَلْطُ الْمَاءِ بِالسِّدْرِ يُضِيفُهُ وَصَبُّهُ عَلَى الْجَسَدِ بَعْدَ حَكِّهِ بِهِ لَا يُضِيفُهُ. وَاخْتَارَهُ أَشْيَاخُ ابْنِ نَاجِي فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ إذَا وَرَدَ الْعُضْوَ طَهُورًا وَانْضَافَ بِهِ لَا يَضُرُّهُ اهـ.

وَهَلْ يَقُومُ الْمِسْكُ مَثَلًا مَقَامَ الْكَافُورِ، إنْ نُظِرَ إلَى مُجَرَّدِ التَّطَيُّبِ نَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ يُقَالُ: إذَا عُدِمَ الْكَافُورُ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ إذَا مَاثَلَهُ وَلَوْ بِخَاصِّيَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الْحَافِظُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ) أَيْ: وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَصْحَابِهِ تَغْسِيلُهُ فِي قَمِيصِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ هَلْ نُجَرِّدُهُ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا دَلِيلٌ لَنَا وَأَنَّ الشَّأْنَ عِنْدَهُمْ فِي زَمَنِهِ التَّجَرُّدُ وَإِنَّمَا لَمْ يُجَرَّدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْظِيمًا لَهُ وَتَوْقِيرًا.

(قَوْلُهُ خِلَافُ قَوْلِ عِيَاضٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَرَّدُ. . . إلَخْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَرَّدُ وَلَوْ أَنْحَلَ الْمَرَضُ جِسْمَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِعِيَاضٍ. (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَقَعَ. . . إلَخْ) لَا تَظْهَرُ تِلْكَ الْعِلَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>