قَعَدَتْ عَنْ الْمَحِيضِ الْخُرُوجُ لِجِنَازَةِ كُلِّ أَحَدٍ وَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَتَشْيِيعِهَا، وَلِلشَّابَّةِ الَّتِي لَا يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ لِجِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا بِهِ كَأَبٍ وَمَا بَعْدَهُ. وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمْ، وَيَحْرُمُ إنْ خُشِيَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ (ص) وَسَبْقُهَا وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَبْقُ الْجِنَازَةِ إلَى الْقَبْرِ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُشَيِّعِينَ لَا إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ مَعَ الْجِنَازَةِ مِنْ مَاشٍ وَرَاكِبٍ، جُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ بِالْأَرْضِ، وَلَمْ يُعَوِّلْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالْمَاشِي.
(ص) وَنَقْلٌ وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ (ش) أَيْ: وَجَازَ نَقْلُ الْمَيِّتِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ قَرِيبٍ بِحَيْثُ تُرْجَى بَرَكَةُ الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوْ يَكُونُ بَيْنَ أَقَارِبِهِ، بَلْ هُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَحَبٌّ وَبِحَيْثُ لَا يَنْفَجِرُ وَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ إذَا كَانَ الْمَنْقُولُ مِنْهُ حَضَرًا لِبَدْوٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَدْوٍ لِحَضَرٍ، وَلَعَلَّ قَلْبَ الْمُبَالَغَةِ أَحْسَنُ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى. وَإِطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ تت. وَلَا يُقَالُ: يُعَارِضُهُ
قَوْلُهُ: وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ، مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ مُبِيحَةٌ لِنَقْلِهِ. فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَثْنَى.
(ص) وَبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلٍ قَبِيحٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبُكَى عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَيَحْرُمُ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا لِخَبَرِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَخَرَقَ وَذَلَقَ وَصَلَقَ» الْأَوَّلُ حَلْقُ الشَّعْرِ وَالثَّانِي خَرْقُ الثَّوْبِ وَالثَّالِثُ ضَرْبُ الْخُدُودِ وَالرَّابِعُ الصِّيَاحُ فِي الْبُكَاءِ وَقُبْحُ الْقَوْلِ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ اجْتِمَاعِ نِسَاءٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ النَّصُّ عَلَى كَرَاهَةِ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ لِلْبُكَى. فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا ذُكِرَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (ص) وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ أَمْوَاتٍ فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ وَكَفَنٍ وَاحِدٍ لِضَرُورَةٍ مِنْ ضِيقِ
ــ
[حاشية العدوي]
فِي الِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ لَا فِي الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ فَلَمْ يَكُنْ كَمَنْ ذُكِرَ، وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ مَفَادَ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ خُرُوجُهَا لِعَمِّهَا، ثُمَّ أَقُولُ وَلَمْ يُفَصِّلُوا هُنَا فِي الْمُتَجَالَّةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّتِي فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ كَالشَّابَّةِ وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) قَالَ فِي ك: وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ الْبَقَاءِ عَلَى الْقِيَامِ حَتَّى تُوضَعَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَوِّلْ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالْمَاشِي) قَالَ تت: وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِالْمَاشِي، وَأَمَّا الرَّاكِبُ فَلَا يَنْزِلُ حَتَّى تُوضَعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ بَيْنَ أَقَارِبِهِ كَذَا صُرِّحَ فِي ك وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ.
(قَوْلُهُ وَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ) أَيْ: بِحَيْثُ يَنْقُلُونَهُ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ تَحْقِيرٌ لَهُ، وَعَدَمُ الِانْتِهَاكِ يَتَحَقَّقُ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ وَإِتْمَامِ الْجَفَافِ مَعَ اللُّطْفِ فِي حَمْلِهِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَوُرُودُ مِنْ بِمَعْنَى إلَى شَاذٌّ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْفَصِيحِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ تت) فِيهِ أَنَّ تت جَزَمَ حَيْثُ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ لِنَقْلِهِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَصْلَحَةً. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَثْنَى. . . إلَخْ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَنُقِلَ وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ، وَقَوْلِهِ: مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ الَّذِي يُسْتَثْنَى أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَبُكَا عِنْدَ مَوْتِهِ) قَالَ فِي ك: ثُمَّ إنَّ بُكَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَقْصُورٌ وَمَا بَعْدَهُ كَالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ بُكًا بِالْقَصْرِ اهـ.
وَعَكَسَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَجَعَلَ الْمَدَّ بِلَا صَوْتٍ. قَالَ الْبَدْرُ: وَالْمَحْفُوظُ فِي الْمُصَنَّفِ الْمَدُّ وَظَاهِرُ الْقَامُوسِ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَكَذَا فِي شب وَعَبَ وَبَعْضٌ فَصَّلَ فَقَالَ: إنْ رَفَعَ صَوْتَهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ قَالَهُ التَّادَلِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الصِّيَاحُ خَلْفَهَا مَكْرُوهًا فَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ الزَّغْرِيتِ عِنْدَ حَمْلِ جِنَازَةِ الصَّالِحِ أَوْ فَرَحٍ يَكُونُ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَإِنَّهُ بِدْعَةٌ يَجِبُ النَّهْيُ عَنْهَا كَمَا نَقَلَهُ س فِي شَرْحِهِ ك وَلِبَعْضِ الْأَشْيَاخِ قَوْلُهُ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ أَيْ: عَالٍ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا، هُوَ فِي صَوْتٍ مُتَوَسِّطٍ فَلَا تَعَارُضَ. وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ الْقَبِيحَ أَيْ: كَالْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالظُّلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَرَفْعَ الصَّوْتِ مَكْرُوهٌ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ضَرْبَ الْخَدِّ حَرَامٌ.
(قَوْلُهُ «لَيْسَ مِنَّا» . . . إلَخْ) أَيْ: لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَطَرِيقَتِنَا وَرُبَّمَا ظَنَّ الْعَوَامُّ ظَاهِرَهُ فَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ ثَوْبِهِ بِشَقِّهِ خَرَجَ مِنْ دِينِهِ وَهُوَ ظَنٌّ فَاسِدٌ. (قَوْلُهُ وَذَلَقَ) فِي خَطِّهِ فِي ك نُقْطَةٌ فَوْقَ صُورَةِ الدَّالِ فَتَكُونُ ذَالًا مُعْجَمَةً إلَّا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي نُسْخَةِ بَعْضِ شُيُوخِنَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَيْسَ فِي الْقَامُوسِ وَمُخْتَصَرِ الصِّحَاحِ وَالْمِصْبَاحِ دَلَقَ بِمَعْنَى ضَرَبَ، لَا فِي مَادَّةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَا مَادَّةِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فَلْيُرَاجِعْ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ. نَعَمْ فِي الْقَامُوسِ نَاقَةٌ دَالِقَةٌ وَدَلْقَاءُ مُنْكَسِرَةُ الْأَسْنَانِ وَذَلِكَ فِي بَابِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِقِرَاءَةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقْرَأَ دَلَقَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. (قَوْلُهُ وَسَلَقَ) كَذَا فِي عب بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ الصَّادَ وَالسِّينَ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ، جَوَازُ صَوْتٍ خَفِيٍّ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِقَبْرٍ وَكَفَنٍ) أَيْ: بِقَبْرٍ أَوْ بِكَفَنٍ وَيَلْزَمُ مِنْ وَضْعِهِمْ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَضْعُهُمْ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لَا الْعَكْسُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ بِجَانِبِ الْأَصْلِيِّ وَجَبَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَمُّ عِظَامِهِ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً وَلَا تَقْطِيعُ الْعِظَامِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَمُّهَا. وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ بِجَانِبِهِ فَلَا يَجُوزُ وَضْعُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ يُجْعَلُ عَلَيْهِ اهـ. تَقْرِيرُهُ، وَفِي شَرْحِ شب: وَكَذَا يَجُوزُ جَمْعُهُمْ فِي كَفَنٍ