للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الرِّسَالَةِ وَشَرْحِهَا أَنَّ بِنْتَ ثَلَاثٍ لَيْسَتْ كَالرَّضِيعَةِ، وَأَنَّهُ يُمْنَعُ تَغْسِيلُهَا كَمَنْ تُشْتَهَى (ص) وَالْمَاءُ الْمُسَخَّنُ وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى (ش) أَيْ: وَمِمَّا يَجُوزُ أَيْضًا غُسْلُ الْمَيِّتِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَحَبِّيَّةِ الْبَارِدِ؛ لِأَنَّهُ يُمْسِكُ الْمَيِّتَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ - إذَا كَثُرَتْ الْمَوْتَى - تَرْكُ الدَّلْكِ أَوْ الْغُسْلِ أَيْ: وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَتَلَازَمَا، فَيُقَيَّدُ مَا تَقَدَّمَ بِمَا عَدَا الْأُمُورَ الْحَادِثَةَ كَمَا قَالَهُ ق. وَفِي شَرْحِ (هـ) أَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْغُسْلُ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ التَّيَمُّمُ، وَإِلَّا يُمِّمُوا وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ. وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ، الْمُوجِبَةُ لِلْمَشَقَّةِ وَهَلْ تُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا فَادِحَةً أَمْ لَا؟

(ص) وَتَكْفِينٌ بِمَلْبُوسٍ أَوْ مُزَعْفَرٍ أَوْ مُوَرَّسٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ بِمَلْبُوسِهِ وَإِنْ كَانَ الْجَدِيدُ أَفْضَلَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ كَالْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا، وَإِلَّا كَانَ تَكْفِينُهُ فِيهِ مَنْدُوبًا كَمَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّكْفِينُ بِالْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ نَبْتٌ بِالْيَمَنِ أَصْفَرُ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْحُمْرَةُ لِلْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطِّيبِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّكْفِينُ بِكَأَخْضَرَ وَنَحْوِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ غَيْرُهُمَا إذْ لَيْسَ فِي صَبْغِهِمَا طِيبٌ (ص) وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُ النَّعْشِ عَلَى مَا أَمْكَنَ وَلَا مَزِيَّةَ لِعَدَدٍ عَلَى عَدَدٍ. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَهُ أَرْبَعَةٌ؛ لِئَلَّا يَمِيلَ وَقَدْ شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ (ص) وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ وَالْمُعَيِّنُ مُبْتَدِعٌ (ش) أَيْ: وَجَازَ فِي حَمْلِ النَّعْشِ بَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ شَاءَ الْحَامِلُ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ مِنْ مُقَدَّمِهِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ دَاخِلَ عَمُودَيْهِ أَوْ خَارِجَهُمَا، وَالْمُعَيِّنُ لِلْجِهَةِ كَقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَمِينِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مُقَدَّمُ يَسَارِ السَّرِيرِ وَيَخْتِمُ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مُقَدَّمُ يَمِينِ السَّرِيرِ. وَقَوْلُ أَشْهَبَ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَمِينِ السَّرِيرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ السَّرِيرِ ثُمَّ يَخْتِمُ بِمُؤَخَّرِهِ، مُبْتَدِعٌ بِدْعَةً مَذْمُومَةً. قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَانْظُرْ هَذَا مَعَ نَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا أَوْ بَلَغَهُ وَلَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ.

وَقَالَ ق مُبْتَدِعٌ لِتَخْصِيصِهِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَهَذِهِ سِمَةُ الْبِدْعَةِ، وَمَا وَقَعَ لِسْ فِي شَرْحِهِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَشْهَبَ - فِيهِ نَظَرٌ - اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي كَأَبٍ وَزَوْجٍ وَابْنِ أَخٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَجَالَّةِ وَهِيَ الَّتِي

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُرَاهِقِ لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْبَالِغَةِ يَجْرِي عَلَى نَظَرِ الْبَالِغِ لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْبَالِغَةِ. (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ) هَذَا الْعَزْوُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت إذْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ غُسْلُ الرَّجُلِ الصَّغِيرَةَ وَإِنَّمَا فِيهَا، وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِ النِّسَاءِ الصَّبِيَّ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَشَبَهَهُ فَقَطْ، وَلَمْ أَرَ مَنْ عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ غَيْرَ الْفَاكِهَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. قَالَ الْقَلْشَانِيُّ: - فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ: لَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الصَّبِيَّةَ - قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ زَادَتْ بِهَا الرِّسَالَةُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَيْسَتْ فِيهَا اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : عَلِمْت مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ لِعَوْرَةِ الذَّكَرِ مُطْلَقًا وَحُكْمَ نَظَرِ الرَّجُلِ لِعَوْرَةِ الْأُنْثَى مُطْلَقًا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إذَا جَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ عَوْرَةَ مَنْ لَا تَشْتَهِي يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ لِعَوْرَتِهِ أَيْ: لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ عَوْرَةَ مَنْ تَشْتَهِي، وَهَلْ تُمْنَعُ هِيَ مِنْ أَنْ تَنْظُرَ لِعَوْرَتِهِ أَيْ: نَزْجُرُهَا وَنَكُفُّهَا وَإِنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؟ وَأَمَّا نَظَرُ الرَّجُلِ لِعَوْرَةِ الذَّكَرِ الْغَيْرِ الْبَالِغِ الشَّامِلِ لِلْمُرَاهِقِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ عج جَوَازُهَا وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. وَمِثْلُهُ رُؤْيَةُ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ عَوْرَةَ الْأُنْثَى الَّتِي لَيْسَتْ بِبَالِغَةٍ مُرَاهِقَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْسِكُ الْمَيِّتَ) يُخَالِفُ قَاعِدَةَ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تَبْلَى أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يُجِيبُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ: يُمْسِكُهُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ التَّغْيِيرِ قَبْلَ الدَّفْنِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِعَجِّ، وَنَصُّ كَلَامِ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَعَدَمُ الدَّلْكِ بَلْ وَعَدَمُ الْغُسْلِ أَصْلًا لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى جِدًّا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ تُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا فَادِحَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا فَادِحَةً وَالْمُرَادُ بِهَا الْخَارِجَةُ عَنْ الْمُعْتَادِ كَمَا أَفَادَهُ عج. (أَقُولُ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَشِّي تت لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى جِدًّا نُصَّ. . . إلَخْ فَيَكُونُ التَّنْظِيرُ قُصُورًا (قَوْلُهُ بِمَلْبُوسٍ) غَيْرِ وَسِخٍ وَلَمْ يُظَنَّ نَجَاسَتُهُ وَسَالِمٍ مِنْ قَطْعٍ يَكْشِفُ الْعَوْرَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ وَإِلَّا كُرِهَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمُنِعَ فِي الثَّالِثِ وَنُدِبَ فِي الرَّابِعِ. وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَمْ الْجَدِيدُ؟ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْجَدِيدَ أَفْضَلُ.

(قَوْلُهُ وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) ظَاهِرُهُ: جَوَازُ حَمْلِ النِّسَاءِ حَيْثُ أَنَّثَ الْعَدَدَ وَلَمْ يَقُلْ: أَرْبَعٍ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ: وَإِسْرَاعُ، كَرَاهَةُ حَمْلِهِنَّ. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ مَذْهَبِهِ كَرَاهَتَهُ. وَانْظُرْ هَلْ مَذْهَبُنَا كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَيُكْرَهُ حَمْلُهُ عَلَى الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي ك: وَأُجِيبُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُخَالِفُ بِأَنْ يَحْمِلَ اثْنَانِ ` بِقَائِمَتَيْهِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ أَوْ الْمُتَأَخِّرَتَيْنِ وَيَحْمِلَ الثَّالِثُ بَيْنَ الْقَائِمَتَيْنِ وَلَيْسَ هُنَا مَيَلَانٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ) أَيْ: بِكُلِّ نَاحِيَةٍ، وَاسْتِعْمَالُ أَيٍّ بِمَعْنَى كُلٍّ الْبَدَلِيَّةِ لَا الشُّمُولِيَّةِ مَجَازٌ، إذْ لَيْسَ مِنْ مَعَانِيهَا الْخَمْسَةِ وَهِيَ: الشَّرْطُ وَالِاسْتِفْهَامُ وَالْمَوْصُولَةُ وَالْمَوْصُوفَةُ وَوُصْلَةٌ لِنِدَاءِ مَا فِيهِ أَلْ (قَوْلُهُ وَيَخْتِمُ. . . إلَخْ) قَالَ عج: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ تَعْيِينُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ جِهَتَيْ الْمُؤَخَّرِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِجَوَازِ الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا عِنْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ) وَنَصُّهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ قَوْلَ س فِي شَرْحِهِ: إنَّهُ يُبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَمِينِ الْمَيِّتِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ الْأَيْمَنِ أَيْ: يَمِينِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْمُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ الْمُؤَخَّرِ الْأَيْسَرِ، غَيْرُ صَوَابٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ أَوْ بِشَابَّةٍ، إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ (قَوْلُهُ كَأَبٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَخٍ) شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَفِي شَرْحِ عج وَتَبِعَهُ شب: وَلَا تَخْرُجُ لِجِنَازَةِ عَمٍّ وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهُ كَالْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>