للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا، وَلَيْسَ مِثْلُ دَفْنِهِ بِغَيْرِهَا دَفْنَهُ بِلَا غُسْلٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَتَلَازَمَا.

(ص) وَسَدِّهِ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ ثُمَّ قَرْمُودٍ ثُمَّ آجُرٍّ ثُمَّ قَصَبٍ وَسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ سَدُّ اللَّحْدِ بِلَبِنٍ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ كَمَا فُعِلَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اللَّبِنُ فَبِالْأَلْوَاحِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَرْمُودٌ: وَهُوَ شَيْءٌ يُجْعَلُ مِنْ الطِّينِ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ، جَمْعُهُ قَرَامِيدُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَآجُرٌّ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ فَجِيمٍ: الطُّوبُ الْمَحْرُوقُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَصَبٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَسَدُّ اللَّحْدِ بِالتُّرَابِ أَوْلَى مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ بِالتَّابُوتِ أَيْ: فِي الْخَشَبَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالسِّحْلِيَّةِ فِي زَمَانِنَا فَقَوْلُهُ: وَسَنُّ - بِفَتْحِ السِّينِ مُهْمَلَةً وَمُعْجَمَةً وَشَدِّ النُّونِ: صَبُّهُ بِبَابِ اللَّحْدِ؛ لِيُسَدَّ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا تَقَدَّمَ - أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ الْخَشَبِ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَيِّتُ.

(ص) وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ابْنًا كَسَبْعٍ وَرَجُلٍ كَرَضِيعَةٍ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْمَنْدُوبَاتِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمُبَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ. فَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ تَغْسِيلِ الْمَرْأَةِ الصَّبِيَّ - كَابْنِ سِتِّ وَسَبْعِ سِنِينَ الْمَغْرِبِيُّ وَثَمَانٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ مِثْلُهُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى بَدَنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] اللَّخْمِيُّ

وَالْمُنَاهِزُ كَكَبِيرٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَابَلَ الْمُنَاهِزَ لِلْحُلُمِ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِمَنْ عُمُرُهُ نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَاهِزٍ لِلْحُلُمِ، وَأَمَّا نَظَرُ غَيْرِ الْمُنَاهِزِ لِلْمَرْأَةِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَيْنِ الْحُكْمِ فِيهِ، وَفِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ نَظَرَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِنْهَا اهـ.

وَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ غُسْلِ الرَّجُلِ الرَّضِيعَةَ وَمَا قَارَبَهَا اتِّفَاقًا. وَالْمُطِيقَةُ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُغَسِّلَهَا اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ) وَنُدِبَ سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي بَيْنَ اللَّبِنِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ قَرْمُودٍ) وَمِنْهُ قَرْمَدْتُ الْبِنَاءَ طَيَّنْتُهُ بِالْقَرْمُودِ بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ: بِالْجِصِّ. بَحْرَقٌ عَلَى لَامِيَّةِ ابْنِ مَالِكٍ. كَذَا كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَضَبْطُ نُسْخَتِهِ بِفَتْحِ الْقَافِ بِالشَّكْلِ مَعَ أَنَّ الْمَحْفُوظَ إنَّمَا هُوَ الضَّمُّ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ آجُرٍّ أَيْ: ثُمَّ حَجَرٍ أَيْ: فَمَرْتَبَتُهُ بَعْدَ الْآجُرِّ، وَقَوْلُهُ: وَسَنُّ التُّرَابِ. . . إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى ثُمَّ سَنِّ قَالَ شَيْخُنَا: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّارِحِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَلَبِنٍ مُطْلَقًا مَعْمُولًا بِالْقَالِبِ أَمْ لَا وَاَلَّذِي لَيْسَ مَعْمُولًا بِالْقَالِبِ يَكُونُ قِطَعًا مُكَبَّبَةً، وَإِنَّمَا كَانَ اللَّبِنُ أَوْلَى مُطْلَقًا مِنْ الْقَرْمُودِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ قَالَ عج: وَإِنَّمَا قُدِّمَ اللَّبِنُ عَلَى الْقَرْمُودِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْنُوعًا؛ لِأَنَّ السَّدَّ بِاللَّبِنِ أَحْكَمُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ) ظَاهِرُهُ: مُطْلَقًا مَصْنُوعًا بِالْقَالِبِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ كَمَا فُعِلَ. . . إلَخْ) هَذَا تَوْجِيهٌ لِتَقْدِيمِ اللَّبِنِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ وَجْهَ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْقَرْمُودِ وَمَا وَجْهُ التَّرْتِيبِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ صَبُّهُ بِبَابِ اللَّحْدِ) وَحِينَئِذٍ لَا يَمْتَلِئُ الْقَبْرُ تُرَابًا إلَّا بَعْدَ مِلْءِ اللَّحْدِ تُرَابًا (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ) الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَيِّتُ أَيْ: فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَاتٍ: التَّابُوتُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ بَلْ مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ. وَيُكْرَهُ جَعْلُ مُضَرَّبَةٍ تَحْتَهُ أَوْ مِخَدَّةٍ تَحْتَ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ. وَمَا رُوِيَ مِنْ جَعْلِ قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْأَثْبَتُ أَنَّهَا أُخْرِجَتْ.

(قَوْلُهُ الْمَغْرِبِيُّ وَثَمَانٍ) هَذَا مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَالْمَغْرِبِيُّ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ مِثْلُهُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ) أَيْ: يَجُوزُ تَغْسِيلُ الصَّبِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا فَإِنَّ الَّذِي يُؤْمَرُ مِثْلُهُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُرَاهِقُ، فَإِذَنْ تُغَسِّلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَاهِقٍ، وَأَوْلَى مَا لَمْ يَصِلْ إلَى الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَلَا تُغَسِّلُ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّهُ مُرَاهِقٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا) أَيْ: إنَّمَا جَازَ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ؛ لِأَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى بَدَنِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ. وَفِيهِ أَنَّ فِي التَّغْسِيلِ جَسًّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ التَّغْسِيلُ، فَكَلَامُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا نَظَرُ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَكِنْ تُمْنَعُ مِنْ الْجَسِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا نَظَرُ الْمُرَاهِقِ اهـ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ: يَجُوزُ نَظَرُهَا لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ أَيْ: فِي حَيَاتِهِ وَمُنِعَ فِي مَوْتِهِ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَسًّا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ النَّظَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) اسْتِدْلَالٌ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ فِي جَوَازِ نَظَرِ الصَّبِيِّ لَهَا لَا فِي نَظَرِهَا لِلصَّبِيِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ طِفْلٌ لَمْ يُرَاهِقْ الْحُلُمَ، وَيَظْهَرُوا مَعْنَاهُ يُطِيقُوا الْوَطْءَ أَيْ: لَمْ يَكْشِفُوا عَنْ عَوْرَاتِهِنَّ لِلْجِمَاعِ لِصِغَرِهِنَّ وَقِيلَ: لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يُطِيقُوا النِّسَاءَ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاهِزُ كَكَبِيرٍ) أَيْ أَنَّ الْمُرَاهِقَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَالِغِ فِي وُجُوبِ السَّتْرِ وَمِثْلُهُ الشَّيْخُ الَّذِي سَقَطَتْ شَهْوَتُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الصَّبِيِّ، وَالصَّحِيحُ بَقَاءُ الْحُرْمَةِ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا مَا أَفَادَهُ شب. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَ الْمُرَاهِقَ وَلَا تَنْظُرُ لِعَوْرَتِهِ وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ لِعَوْرَتِهَا أَيْ: يُزْجَرُ وَيُضْرَبُ لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي. . . إلَخْ) وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَهِي وَقَدْ تَشْتَهِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ مَا يُفِيدُ) ظَاهِرُهُ: شُمُولُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (أَقُولُ) وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ جَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرَى مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ غُسْلِ الرَّجُلِ الرَّضِيعَةَ وَمَا قَارَبَهَا) أَيْ: كَشَهْرَيْنِ زَائِدَيْنِ إمَّا عَلَى الْحَوْلَيْنِ، وَإِمَّا عَلَى الشَّهْرَيْنِ الْمُلْحَقَيْنِ بِمُدَّةِ الرَّضَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَالْمُطِيقَةُ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُغَسِّلَهَا اتِّفَاقًا) عَبَّرَ فِي الرِّسَالَةِ مَكَانَ (الْمُطِيقَةُ) بِمَنْ تَشْتَهِي ك. (قَوْلُهُ يُمْنَعُ. . . إلَخْ) أَيْ: وَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ عَوْرَةِ الرَّضِيعَةِ وَتَغْسِيلُهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ الْمُطِيقَةِ وَمَنْ تَشْتَهِي وَأَوْلَى التَّغْسِيلُ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّضِيعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا وَلَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهَا لَا تَغْسِيلُهَا الْمَلْزُومُ لِجَسِّهَا. وَنَظَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>