للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَزَّى، وَتَسْلِيَتُهُ عَنْهَا، وَحَضِّهِ عَلَى الْتِزَامِ الصَّبْرِ وَاحْتِسَابِهِ الْأَجْرَ وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ. الثَّانِي الدُّعَاءُ بِأَنْ يُعَوِّضَهُ اللَّهُ مِنْ مُصَابِهِ جَزِيلَ الثَّوَابِ. الثَّالِثُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ لِلتَّعْزِيَةِ كَمَا فَعَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ جَاءَهُ خَبَرُ جَعْفَرٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَهُمْ بِمُؤْتَةِ. وَوَاسِعٌ كَوْنُهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَالْأَدَبُ عِنْدَ رُجُوعِ الْوَلِيِّ إلَى بَيْتِهِ.

(ص) وَعَدَمُ عُمْقِهِ وَاللَّحْدُ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ عُمْقِ الْقَبْرِ، وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ اللَّحْدُ دُونَ الشَّقِّ، وَهَذَا فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ تَهَيُّلُهَا، وَإِلَّا فَالشَّقُّ: وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ أَضْيَقَ مِنْ أَعْلَاهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ، وَإِنَّمَا فَضُلَ اللَّحْدُ لِخَبَرِ: «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا.»

(ص) وَضُجِعَ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلًا (ش) قَالَ فِي السُّلَيْمَانِيَّة: وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْمَجَالِسِ. وَتُحَلُّ عُقَدُ كَفَنِهِ، وَتُمَدُّ يَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ، وَيُعْدَلُ رَأْسُهُ بِالتُّرَابِ وَرِجْلَاهُ بِرِفْقٍ، وَيُجْعَلُ التُّرَابُ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ؛ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ، فَإِنْ لَمْ يُتَمَكَّنْ مِنْ جَعْلِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، فَعَلَى ظَهْرِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَيَقُولُ وَاضِعُ الْمَيِّتِ: بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ. وَإِنْ دَعَا بِغَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ فَوَاسِعٌ.

(ص) وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا خُولِفَ بِهِ الْوَجْهُ الْمَطْلُوبُ فِي دَفْنِهِ وَلَمْ يَطُلْ ذَلِكَ - بِأَنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ - فَإِنَّهُ يُتَدَارَكُ اسْتِحْبَابًا، وَيُحَوَّلُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ كَمَا إذَا وُضِعَتْ رِجْلَاهُ مَوْضِعَ رَأْسِهِ. وَمِثْلُهُ مَا إذَا دُفِنَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ أَوْ صَلَاةٍ فَإِنْ سُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَاتَ التَّدَارُكُ. وَأَمَّا دَفْنُ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ، إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَإِلَّا فَلَا. فَقَوْلُهُ: وَتُدُورِكَ، أَيْ: اسْتِحْبَابًا إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ وَهِيَ عَدَمُ الْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ، وَالطُّولُ يَكُونُ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ، مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ وَقَوْلُهُ: وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ، مُشَبَّهٌ بِهِ وَمِثْلُهُ تَرْكُ الصَّلَاةِ، وَأَعَادَ الْكَافَ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا كَافُ التَّمْثِيلِ، وَعَطَفَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ: وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ. . . إلَخْ؛ لِلتَّشَارُكِ بَيْنَهُمَا فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ، وَإِنْ اُخْتُصَّ هَذَا عَمَّا قَبْلَهُ بِعَوْدِ الشَّرْطِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا فَإِنَّهُ بِشَهَادَةِ النَّقْلِ خَاصٌّ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ. وَفِي إرْجَاعِهِ لِلْجَمِيعِ كَمَا فِي الْكَبِيرِ نَظَرٌ. وَإِذَا فَاتَ التَّدَارُكُ كَمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَتَسْلِيَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ: وَاحْتِسَابِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الصَّبْرِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَمَعْنَى احْتِسَابِهِ الْأَجْرَ أَيْ: ادِّخَارِهِ الْأَجْرَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَتِلْكَ الْأَشْيَاءُ مَآلُهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ فِي الثَّالِثِ تَرْجِعُ لِأَمْرٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ: كَيْفَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا: فَلَا يُنَاسِبُ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ مُؤْتَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ

. (قَوْلُهُ أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ عُمْقِ) قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا تُعَمِّقُوا قَبْرِي فَإِنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا وَشَرَّهَا أَسْفَلُهَا. وَسَيَأْتِي أَنَّ أَقَلَّهُ مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ وَحَرَسَهُ. (قَوْلُهُ أَضْيَقَ مِنْ أَعْلَاهُ) أَيْ: ثُمَّ يُغَطَّى فَمُ الشَّقِّ ثُمَّ يُصَبُّ التُّرَابُ (قَوْلُهُ اللَّحْدُ لَنَا) مَعْشَرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا) مَعْشَرَ أَهْلِ الْكِتَابِ

. (قَوْلُهُ فِي السُّلَيْمَانِيَّة) تَأْلِيفٌ فِي الْفِقْهِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ الْكَحَّالَةِ مِنْ تَلَامِذَةِ سَحْنُونَ. (قَوْلُهُ فَعَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ) أَيْ: كَوَضْعِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ بِاسْمِ اللَّهِ) أَيْ: أَضَعُهُ عَلَى بِاسْمِ اللَّهِ وَمِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَيْ: مُصَاحِبًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ) أَيْ: تَقَبَّلْ عَمَلَهُ أَوْ تَقَبَّلْ ذَاتَهُ بِأَنْ تُرِيَهَا مَا يَسُرُّ تَفَضُّلًا بِدُونِ الِالْتِفَاتِ لِلْعَمَلِ

. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يُفَسِّرُهُ مَا قَالَهُ تِلْمِيذُهُ اللَّقَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْحَضْرَةِ أَنْ لَا يُفْرَغَ مِنْ تَمَامِ دَفْنِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ مُوسَى إنْ ذَكَرُوا بَعْدَ أَنْ أَلْقَوْا عَلَيْهِ يَسِيرَ تُرَابٍ أَنَّ وَضْعَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ حُوِّلَ لَهَا وَبَعْدَ فَرَاغِ دَفْنِهِ لَمْ يُنْبَشْ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ لِلْقِبْلَةِ مَطْلُوبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ.

(قَوْلُهُ تَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) أَيْ: كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ فِي دَفْنِهِ بِأَنْ جُعِلَتْ مَوْضِعَ رَأْسِهِ وَجُعِلَتْ رَأْسُهُ مَوْضِعَهَا فَإِنَّهُ يُتَدَارَكُ، وَلَوْ قَالَ: كَتَنْكِيسِ رَأْسِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ سُوِّيَ عَلَيْهِ) بِأَنْ فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ. (قَوْلُهُ وَفِي إرْجَاعِهِ لِلْجَمِيعِ. . . إلَخْ) هُوَ الصَّوَابُ أَيْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ. . . إلَخْ وَأَنَّ مَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ يُخْرَجُ مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونَ وَعِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ مَعًا أَوْ الْغُسْلِ دُونَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ دُونَ الْغُسْلِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ.

وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْفَوَاتَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ قَالَ مُحَشِّي تت: وَالْعَجَبُ مِنْ الْحَطَّابِ كَيْفَ يَجْعَلُ الْقَيْدَ خَاصًّا بِالْأَخِيرَةِ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَسَائِلِ تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ الَّذِي هُوَ الْحَضْرَةُ؟ وَقَالَ: اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فَقَطْ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ اهـ. ثُمَّ قَالَ مُحَشِّي تت: وَبِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ تَرْكِ الْغُسْلِ حُكْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ التَّدَارُكُ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ إذْ هُوَ حُكْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْأُجْهُورِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ تَدَارُكُ مَنْ لَمْ يُغَسَّلْ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مُحْتَجًّا بِتَلَازُمِهِمَا فَلَمَّا سَقَطَ سَقَطَتْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَلَازُمِهِمَا طَلَبًا أَيْ: مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلَا لَا أَنَّهُ مَهْمَا لَمْ يُفْعَلْ أَحَدُهُمَا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ لَا يُفْعَلُ الْآخَرُ اهـ.

وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ تَبِعَ عج شَارِحُنَا فِي قَوْلِهِ: وَلَيْسَ مِثْلُ. . . إلَخْ وَمِثْلُ كَلَامِ مُحَشِّي تت قَرَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَيْضًا ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>