وَتَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ أَقْرَبَ الْعَصَبَةِ أَحَقُّ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقْرَبَ الْعَصَبَةِ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ بَاشَرَ أَوْ أَرَادَ تَقْدِيمَ غَيْرِهِ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ حَيْثُ بَاشَرَ.
(ص) وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ (ش) يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ لِجَنَائِزَ أَوْ جِنَازَةٍ فَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ مِنْ أُولَئِكَ الْأَوْلِيَاءِ، الْأَفْضَلُ بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ السَّابِقَةِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ. وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ أَبٍ وَعَمٍّ عَلَى ابْنٍ وَأَخٍ وَلَوْ كَانَا مَفْضُولَيْنِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، حَيْثُ مَنْ كَانَ فِيهِ وَصْفُ الْأَفْضَلِيَّةِ وَلِيَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، أَمَّا لَوْ كَانَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ الْأُنْثَى أَفْضَلَ مِنْ وَلِيِّ الْمَيِّتِ الذَّكَرِ فَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِالْفَضْلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِجَنَائِزِهِمْ أَهْلَ الْفَضْلِ، وَقَدَّمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلِيَّ الرَّجُلِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ الْمَيِّتِ.
(ص) وَصَلَّى النِّسَاءُ دَفْعَةً وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ (ش) يَعْنِي إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا دَفْعَةً وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ تَكْبِيرِهِنَّ وَلَا لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّسْلِيمِ وَقِيلَ تَؤُمُّهُمْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ أَوْ مُرَاعَاةٍ لِمَنْ يَرَى جَوَازَ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ النِّسَاءَ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ تَرَتُّبِ صَلَاةِ النِّسَاءِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّكْرَارِ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْمَيِّتِ، وَالسُّنَّةُ التَّعْجِيلُ وَقَالَ ق وَقَوْلُهُ: وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ أَيْ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(ص) ، وَالْقَبْرُ حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ (ش) أَيْ: قَبْرُ غَيْرِ السِّقْطِ أَيْ: مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَلَوْ نَزَلَ بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَبْرُ غَيْرِ السِّقْطِ حَبْسٌ عَلَى الدَّفْنِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِيهِ - بَقِيَ أَوْ فَنِيَ - وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحْجَارِ الْمَقَابِرِ الْعَافِيَةِ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ حَرْثُهَا وَلَكِنْ لَوْ حُرِثَتْ جُعِلَ كِرَاؤُهَا فِي مُؤْنَةِ دَفْنِ الْفُقَرَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ تُحْرَثُ الْمَقْبَرَةُ إذَا ضَاقَتْ عَنْ الدَّفْنِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ إنَّ النَّهْيَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَالثَّانِيَ عَلَى التَّحْرِيمِ أَيْ: إلَّا لِنَقْلٍ وَإِلَّا فِي الْأُمُورِ الْآتِيَةِ. وَقَوْلُهُ (مَا دَامَ بِهِ) جُزْءٌ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ وَعَجَبُ الذَّنَبِ لَا يُحَسُّ وَلَا يُشَاهَدُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ، وَكَرَاهَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَإِلَّا جَازَ.
(ص) إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ (ش) اسْتَثْنَى الْمُؤَلِّفُ مَوَاضِعَ يَجُوزُ فِيهَا نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْهَا إذَا كُفِّنَ الْمَيِّتُ بِكَفَنٍ غَصَبَهُ الْمَيِّتُ أَوْ غَيْرُهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ أَهْلِ الْمَيِّتِ لَهُ وَشَحَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي شَيْئِهِ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ إلَّا أَنْ يَطُولَ بِحَيْثُ يُعْلَمُ مِنْهُ فَسَادُ الْكَفَنِ وَإِلَّا فَلَا، وَيُعْطَى رَبُّ الْكَفَنِ قِيمَتَهُ. فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: غُصِبَهُ لِلْكَفَنِ، وَأَمَّا غَصْبُ ثَمَنِهِ أَوْ مَطْلُهُ بِثَمَنِهِ، فَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ. . . إلَخْ) قَالَ: كَمَا يَؤُمُّ رَبَّ الْمَنْزِلِ الْعَبْدُ لِمَنْ غَشِيَهُ فِيهِ. وَفِي السُّلَيْمَانِيَّة: لَا يَتَقَدَّمُ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ عَبِيدًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ. . . إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِيَانِ أَيْضًا فِي الْخَلِيفَةِ أَوْ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَاشَرَ أَوْ أَرَادَ. . . إلَخْ) وَانْظُرْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَلْ تَقْدِيمُهُ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ حَيْثُ كَانَ يَصْلُحُ لِلْمُبَاشَرَةِ أَوْ مُطْلَقًا؟ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الْأَقْرَبُ أَيْ: وَقْتَ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ الْأَفْضَلُ بِزِيَادَةِ فِقْهٍ. . إلَخْ) فَإِنْ تَسَاوَوْا فَيَنْبَغِي إجْرَاؤُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ. . . إلَخْ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ تَقَدُّمُ أَبٍ وَعَمٍّ. . . إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَ جَنَائِزُ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْأَبُ وَلِيَ جِنَازَةً وَالِابْنُ وَلِيَ الْآخَرَ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَفْضُولًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَمِّ فَابْنِهِ. وَقَوْلُهُ: وَهَذَا. . . إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ) ضَعِيفٌ
. (قَوْلُهُ وَصَلَّى النِّسَاءُ دَفْعَةً. . . إلَخْ) ثُمَّ إنْ قُدِّمَتْ وَاحِدَةٌ فَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بَعْدَهُنَّ قَالَ فِي ك: وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ تت فِي كَبِيرِهِ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا فَرَغْنَ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ فَاتَ مِنْهُنَّ صَلَاةٌ لِأَنَّهُ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ، أَنَّ الرَّجُلَ الْمُنْفَرِدَ كَالْمَرْأَةِ فِي الْكَرَاهَةِ وَيُسْتَحَبُّ - إذَا وُجِدَ الرِّجَالُ - إعَادَتُهَا جَمَاعَةً.
(قَوْلُهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ) قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وُقِفَ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَنْهُ وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا. اهـ. فَإِنْ عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ فَنِيَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالدَّفْنِ وَلَا بِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ حِجَارَةِ الْمَقَابِرِ الْفَانِيَةِ وَلَا أَنْ تُزَالَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِأَهْلِهَا وَلَا تُنْشَأُ مِنْهَا قَنْطَرَةٌ وَلَا مَسْجِدٌ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ حَرْثُهَا) الْمُرَادُ حَرْثُهَا لِلزِّرَاعَةِ. (قَوْلُهُ تُحْرَثُ الْمَقْبَرَةُ) أَيْ: لِلزَّرْعِ كَمَا قَالَ عج لَا لِلدَّفْنِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ فَإِنَّهُ خَطَأٌ. (قَوْلُهُ مَا دَامَ بِهِ) أَيْ: ظَنُّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ. . . إلَخْ) أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَلَا يُنْبَشُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا فِي الشَّيْئَيْنِ لَا فِي قَوْلِهِ: حَبْسٌ لِأَنَّهُ حَبْسٌ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا عَجَبُ الذَّنَبِ فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ جِدَارًا وَلَا حَرْثُهُ لِلزِّرَاعَةِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِلدَّفْنِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لِكَوْنِهِ حَبْسًا وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْغَفُورِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) وَلَوْ بِالنِّعَالِ النَّجِسَةِ كَمَا فِي ك وَشُبْ وَزَادَ ابْنُ نَاجِي وَيَجُوزُ عِنْدَنَا الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ وَمَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَكَانَ يَتَوَسَّدُهَا عَلِيٌّ وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا. قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْمَشْيِ أَمْ لَا؟ وَانْظُرْ مَشْيَ الدَّوَابِّ عَلَى الْقُبُورِ
. (قَوْلُهُ غُصِبَهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْكَفَنِ وَالتَّقْدِيرُ: غُصِبَ الْكَفَنُ مِنْهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ.
(قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ غُصِبَهُ) أَيْ: الْمُسْتَتِرُ وَالتَّقْدِيرُ: