وَأَكِيلِ سَبُعَ وَمَيِّتٍ فِي مَحَلٍّ أَوْ بَلَدٍ، وَصَلَاتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى النَّجَاشِيِّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ رَفَعَتْهُ لَهُ وَعَلِمَ يَوْمَ مَوْتِهِ وَنَعَاهُ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ فَأَمَّهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوَارَى، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَحَدٌ، وَلَا صَلَّى أَحَدٌ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ أَنْ وُورِيَ، وَفِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَعْظَمُ رَغْبَةٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُوصِ (ص) وَلَا تُكَرَّرُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَكَرُّرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَهَلْ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَتَكْرَارُهَا، أَوْ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يُقْبَرْ وَذَاكَ فِيمَنْ قُبِرَ أَوْ هَذَا مِنْ التَّكْرَارِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُصَلِّي ثَانِيًا عَيْنُ الْمُصَلِّي أَوَّلًا، وَذَاكَ مِنْ التَّكْرِيرِ وَهُوَ كَوْنُهُ غَيْرَهُ.
(ص) وَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ وَصِيٌّ (ش) أَيْ: وَالْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ إمَامًا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ وَلِيِّهِ وَصِيٌّ أَوْصَاهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ مُوجِبُهَا عَدَاوَةٌ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ فَلَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ، وَالْوَلِيُّ أَوْلَى وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (رُجِيَ خَيْرُهُ) وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِوَصِيٍّ، وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ يُشْعِرُ بِالْعِلِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ خَيْرِهِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَاهُ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيُقَدَّمُ الْوَلِيُّ إنْ رُجِيَ خَيْرُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَصِيُّ وَلَوْ قَالَ: مُوصًى لَكَانَ أَحْسَنَ.
(ص) ثُمَّ الْخَلِيفَةُ لَا فَرْعُهُ إلَّا مَعَ الْخُطْبَةِ (ش) أَيْ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى إلَى أَحَدٍ فَالْأَوْلَى وَالْأَحَقُّ الْخَلِيفَةُ مِنْ الْوَلِيِّ، وَأَمَّا نَائِبُهُ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ إمَارَةِ حُكْمٍ أَوْ جُنْدٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ شُرْطَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْفَرْعِ إذَا حَضَرَ مَعَ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَّاهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا فَيَكُونُ كَالْخَلِيفَةِ (ص) ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ (ش) أَيْ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةٌ وَلَا فَرْعُهُ الْمَذْكُورُ فَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ مِنْ ابْنٍ وَابْنِهِ - وَإِنْ سَفَلَ - وَأَبٍ وَأَخٍ وَابْنِهِ - وَإِنْ سَفَلَ - وَجَدٍّ وَعَمٍّ وَابْنِهِ - وَإِنْ سَفَلَ - كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالسِّنِّ فَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا - بِضَمَّتَيْنِ - فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
شب وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيرُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ النَّجَاشِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَخِفَّةِ الْجِيمِ وَأَخْطَأَ مَنْ شَدَّدَهَا، وَتَشْدِيدُ آخِرِهَا هُوَ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ، وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ رَفَعَتْهُ لَهُ) أَيْ: رَفَعَتْ جِنَازَتَهُ حَتَّى شَاهَدَهَا كَمَا رُفِعَ لَهُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ حِينَ سَأَلَهُ قُرَيْشٌ عَنْ صِفَتِهِ، فَتَكُونُ صَلَاتُهُ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا كَذَا قَالَ شُرَّاحُ الْمُوَطَّأِ. وَفِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ. (قَوْلُهُ وَنَعَاهُ. . . إلَخْ) أَيْ: أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا صَلَّى أَحَدٌ عَلَى النَّبِيِّ بَعْدَ أَنْ وُورِيَ) حَكَى الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا كُفِّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْبَيْتُ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَمَا سَلَّمَا، ثُمَّ صَفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ وَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ حَتَّى صَلَّى الرِّجَالُ ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إلَى مِثْلِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَقِيلَ: مَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَصَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ فُرَادَى لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ. مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: تَعَبُّدٌ وَقِيلَ: لِيُبَاشِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَيْهِ وَلِتَكَرُّرِ صَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ حَتَّى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ. قَالَ عِيَاضٌ: الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ صَلَاةً حَقِيقِيَّةً لَا مُجَرَّدَ الدُّعَاءِ فَقَطْ اهـ. نَعَمْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يَؤُمَّهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
(قَوْلُهُ وَذَاكَ فِيمَنْ قُبِرَ) أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ حُكِمَ عَلَى التَّكْرَارِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَحُكِمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بِالْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا) فِيهِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الَّذِي تَقَدَّمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَمَا ذَكَرَهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّكْرَارِ وَالتَّكْرِيرِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عَكْسُ ذَلِكَ
. (قَوْلُهُ وَالْأَحَقُّ) أَيْ: وَيُقْضَى لَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ بِمَكَانٍ فَيَجِبَ أَنْ يُتْبَعَ فَلَوْ دُفِنَ فِي غَيْرِهِ يُنْقَلُ مَا لَمْ تُنْتَهَكْ حُرْمَتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ) مُفَادُهُ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِيصَاءُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ الْأَوْلَوِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَصِيُّ) فِيهِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ مُوصًى) أَيْ: مُوصًى لَهُ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ. . . إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ وَصِيٍّ وَصِيُّهُ عَلَى التَّرِكَةِ أَوْ أَوْلَادِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ إمَارَةِ حُكْمٍ) أَيْ: إمَارَةٍ مَنُوطَةٍ بِحُكْمٍ كَالْأَمِيرِ الَّذِي يُرْسِلُهُ السُّلْطَانُ لِبَلَدٍ يَحْكُمُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: أَوْ جُنْدٍ أَيْ: إمَارَةٍ مَنُوطَةٍ بِالْجُنْدِ أَيْ: كَأَنْ يَجْعَلَهُ رَئِيسُ الْجُنْدِ يُوَصِّلُ الْأَرْزَاقَ إلَيْهِمْ وَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَضَاءٍ أَيْ: إمَارَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْقَضَاءِ وَهُوَ الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ وَقَوْلُهُ: أَوْ شُرْطَةٍ أَيْ: إمَارَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِشُرْطَةٍ فِي مَلْبَسِهِمْ أَيْ: عَلَامَةٍ يَتَمَيَّزُونَ بِهَا فِي مَلْبَسِهِمْ عَنْ غَيْرِهِمْ كَالْجَاوِيشِ فِي مِصْرَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ نَائِبُونَ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ حُكْمٌ يَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ إمَارَةِ حُكْمٍ أَوْ جُنْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لِلْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهِمْ) أَيْ: لَا لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُوَلِّيهِ عَلَى أَنْ يَخْطُبَ بِنَفْسِهِ وَيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ كَمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ بِخِلَافِ هَذَا الزَّمَنِ فَإِنَّ الْخُطْبَةَ إنَّمَا هِيَ لِلسُّلْطَانِ وَالْقُضَاةُ إنَّمَا لَهُمْ أَنْ يُقَرِّرُوا فِي الْوَظَائِفِ لِمُسْتَحِقِّهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُمْ صَلَاةٌ فَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى حُكْمٍ دُونَ الصَّلَاةِ أَوْ عَلَى الْخُطْبَةِ مَعَ الصَّلَاةِ دُونَ الْحُكْمِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْجَنَائِزِ. ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) وَظَاهِرُهُ تَقَدُّمُ الْعَاصِبِ فِي مَوْتِ الرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَرْتِيبُ الْوِلَايَةِ كَالنِّكَاحِ أَنَّ السَّيِّدَ يُقَدَّمُ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْأَوْلَادُ مَثَلًا يُقَدَّمُ أَعْلَمُهُمْ ثُمَّ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ أَسَنُّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute