للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُسْلِمَ) أَيْ: فَإِنْ أَسْلَمَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ وَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِهِ مِنْ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ (كَأَنْ أَسْلَمَ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ) إلَيْنَا، لَكِنْ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ إذْ لَوْ بَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَانْظُرْ الْجَوَابَ عَنْ مُعَارَضَةِ مَا هُنَا لِمَا فِي بَابِ الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّغِيرِ لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا وَكُفِّنُوا وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي إذَا مَاتَ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ وَاخْتَلَطُوا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ بِأَنْ مَاتُوا فِي وَبَاءٍ أَوْ غَرِقُوا مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ مَا يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، لَكِنْ يُمَيَّزُ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، وَلَوْ وُجِدَ مَعَهُمْ مَالٌ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهُ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ وَوُقِفَ بَاقِيهِ، فَإِنْ اسْتَحَقَّهُ وَرَثَةُ أَحَدِهِمْ جُبِرَ لَهُ مَا كُفِّنَ بِهِ الْآخَرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَا وَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا.

(ص) وَلَا سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدٌ أَيْ: وَلَا يُغَسَّلُ سِقْطٌ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَيْ: يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ وَإِنَّمَا أَعَادَهَا هُنَا؛ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا بَاقِيَ أَحْكَامِ الْمَنْفُوسِ وَهُوَ أَنَّ تَحَرُّكَهُ وَعُطَاسَهُ وَبَوْلَهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ حَرَكَتَهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِيهَا بِحَيَاةٍ وَقَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ، وَالْعُطَاسُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ، وَالْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَالْيَسِيرُ مِنْهُ لَغْوٌ وَالْكَثِيرُ مُعْتَبَرٌ، وَهُوَ مَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ إلَّا مِمَّنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (ص) وَغُسِلَ دَمُهُ وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ (ش) أَيْ: وَحَيْثُ عُدِمَتْ عَلَامَاتُ الْحَيَاةِ فِيهِ غُسِلَ دَمُهُ عَنْهُ اسْتِحْبَابًا وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ وُجُوبًا فِيهِمَا.

(ص) وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ (ش) أَيْ: لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَيْ: يَحْرُمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا) فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وُجُوبًا مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفَنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ.

(ص) وَلَا غَائِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى شَخْصٍ غَائِبٍ مِنْ غَرِيقٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَيْ فَإِنْ أَسْلَمَ الصَّغِيرُ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ مَفْهُومُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ: وَلَا مَحْكُومَ بِكُفْرِهِ. . . إلَخْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِسْلَامِ أَيْ: وَأَمَّا عِنْدَ الْإِسْلَامِ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ بَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي ك بَعْدَ هَذَا: وَعَلَى هَذَا إذَا أَسْلَمَ أَوْلَادُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِمْ فِي بُيُوتِ آبَائِهِمْ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الْجَوَابَ) أَيْ: بِأَنَّ هَذَا فِي الْكِتَابِ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ مُمَيِّزًا أَمْ لَا مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ لَا يُجْبِرُهُ سَابِيهِ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَأُخِذَ بِهِ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ فَلِذَا فَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ، إنْ مَاتَ قَبْلَ النُّطْقِ يُغَسَّلُ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا يُغَسَّلُ كَذَلِكَ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا وَالْكِتَابِيَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُجْبَرُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَمَّا تَكْفِينُ الْمُسْلِمِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ أَيْ: فَلَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ غُسْلُ الْمُسْلِمِ إلَّا بِغُسْلِ الْكَافِرِ فَيَصِيرُ غُسْلُ الْكَافِرِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ جُبِرَ لَهُ مَا كُفِّنَ بِهِ الْآخَرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا ثَبَتَ الْمَالُ لِلذِّمِّيِّ، وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ الْمَالُ لِلْمُسْلِمِينَ فَهَلْ تُؤْخَذُ حِصَّةُ الذِّمِّيِّ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْ: مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَهِلَّ) أَيْ: لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَهُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ مُوضِحٌ؛ لِأَنَّ السِّقْطَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَسْتَهِلَّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ سِقْطًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ: صَارِخًا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَرَّكَ) أَيْ: حَرَكَةً قَوِيَّةً؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْحَرَكَةُ الضَّعِيفَةُ فَلَا تُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ أَوْ عَطَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَلَمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ تَحَرُّكِهِ أَوْ عُطَاسِهِ أَوْ بَوْلِهِ أَوْ رَضَاعِهِ أَوْ طُولِ مُدَّتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إلَّا أَنْ تَسْتَمِرَّ الْحَيَاةُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ لَا الْمُسْتَقِرَّةُ. (قَوْلُهُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ) أَيْ: مِنْ الْهَوَاءِ الْخَارِجِيِّ لَا رِيحٍ مُنْعَقِدٍ فِي الْبَاطِنِ.

(قَوْلُهُ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ) جَمْعُ مَاسِكَةٍ أَيْ: الَّتِي تُمْسِكُ الْبَوْلَ تَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِذَهَابِ الْقُوَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِيهَا (قَوْلُهُ غُسِلَ دَمُهُ) اسْتِحْبَابًا وَبَعْضُهُمْ قَالَ: غُسِلَ دَمُهُ وُجُوبًا وَاسْتَظْهَرَهُ عج. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ

. (قَوْلُهُ أَيْ: يَحْرُمُ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ ك بَعْدَ هَذَا: وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَكْرَارِ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ عَلَى قَبْرٍ صُلِّيَ عَلَى صَاحِبِهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ وُجُوبًا مَا لَمْ يَفُتْ. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ فِي ك مِنْ الْكَرَاهَةِ وَأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّكْرَارِ، وَكَوْنُ التَّكْرَارِ قَبْلَ الدَّفْنِ مَكْرُوهًا وَبَعْدَهُ حَرَامًا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ثُمَّ إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ التَّكْرَارِ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً لَا فَذًّا وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُنَا: وَالصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ مَكْرُوهَةٌ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَذًّا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ جَمَاعَةً فَيَحْرُمُ كَمَا هُوَ مَفَادُ ابْنِ عَرَفَةَ. وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّكْرَارِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ وَفِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ) الْمُوَافِقُ لِلتَّحْقِيقِ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يَقُولَ: مَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ خِيفَ التَّغَيُّرُ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفَنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) زَادَ فِي ك: وَهَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ اهـ. ك

. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى شَخْصٍ غَائِبٍ) قَالَ فِي ك: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ز لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ (هـ) فِي شَرْحِهِ اعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>