مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْمَوْتِ.
(ص) لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رُفِعَ حَيًّا مِنْ الْمُعْتَرَكِ ثُمَّ مَاتَ فِي أَهْلِهِ أَوْ فِي أَيْدِي الرِّجَالِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ حِينَ الرَّفْعِ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ) . وَقَوْلُهُ (إلَّا الْمَغْمُورَ) الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ إلَى أَنْ مَاتَ فَلَهُ حُكْمُ الشَّهِيدِ وَسَوَاءٌ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَمْ لَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا (ص) وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ وَإِلَّا زِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّهِيدَ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا - وَلَوْ نَفِيسَةً - وَتَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا، وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا شَيْئًا إنْ سَتَرَتْ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَإِلَّا زِيدَ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهُ، كَمَا أَنَّهُ يُكَفَّنُ إذَا وُجِدَ عُرْيَانًا (ص) بِخُفٍّ وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ - قَلَّ ثَمَنُهَا - وَخَاتَمٍ - قَلَّ فَصُّهُ - لَا دِرْعٍ وَسِلَاحٍ (ش) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِدُفِنَ أَيْ: دُفِنَ بِثِيَابِهِ مَصْحُوبَةً بِخُفٍّ وَقَلَنْسُوَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَقُولُ لَهَا الْعَامَّةُ الشَّاشِيَّةُ وَلَيْسَتْ هِيَ الْبَيْضَاءَ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا تُنْزَعُ، وَمِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا وَأَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً، وَخَاتَمٍ قَلَّ ثَمَنُ فَصِّهِ، وَهَلْ الْقِلَّةُ فِي هَذَا وَفِي ثَمَنِ الْمِنْطَقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ؟ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ الدِّرْعِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُتَّقَى بِهِ، وَالسِّلَاحِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُضْرَبُ بِهِ.
(ص) وَلَا دُونَ الْجُلِّ (ش) أَيْ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا وُجِدَ مِنْهُ دُونَ الْجُلِّ مِنْ الْجَسَدِ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَالْجَسَدُ مَا عَدَا الرَّأْسَ، فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ جُلَّ الذَّاتِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي غُسْلَ مَا ذُكِرَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى مَا فَوْقَ نِصْفِ الْجَسَدِ وَدُونَ ثُلُثَيْهِ، وَلَكِنَّ نَصَّ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَارِحُ الرِّسَالَةِ ابْنُ عُمَرَ، يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلَّى عَلَى ثُلُثَيْ الْجَسَدِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَزَادَ عَلَى نِصْفِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الرَّأْسُ، وَإِنَّمَا صُلِّيَ عَلَى ثُلُثَيْهِ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ عَلَى غَائِبٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَاسْتَخَفُّوا إذَا غَابَ الْيَسِيرُ مِنْهُ الثُّلُثُ فَدُونَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَيْ: لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِثُلُثَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي تَعْلِيلِ تت نَظَرٌ يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ.
(ص) وَلَا مَحْكُومٍ بِكُفْرِهِ وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْكُومَ بِكُفْرِهِ مِنْ زِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَسَابٍ لَمْ يَتُبْ وَمُرْتَدٍّ وَلَوْ صَغِيرًا، لَا يَجُوزُ غُسْلُهُ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ سَابِيَهُ أَوْ مَالِكَهُ فِي الْإِسْلَامِ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيَهُ) أَوْ مَالِكَهُ (الْإِسْلَامَ) إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. قَالَ فِيهَا: وَمَنْ اشْتَرَى صَغِيرًا مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ فَمَاتَ صَغِيرًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى بِهِ مُشْتَرِيهِ الْإِسْلَامَ، إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ اهـ.
وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ الْمُخْرَجِ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْمَفْهُومِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنَّهُ لِقُوَّتِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ مَنْطُوقٌ شُبِّهَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ (إلَّا
ــ
[حاشية العدوي]
مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ نَقَلَ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الزِّيَادِيُّ أَنَّ السُّؤَالَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ شَهِيدًا إلَّا شَهِيدَ الْحَرْبِ وَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ عَدَمِ سُؤَالِ الشَّهِيدِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي الْقَبْرِ خِلَافًا لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ) الْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ لَا يُغَسَّلُ رُفِعَ مَغْمُورًا أَمْ لَا، وَكَذَا غَيْرُ مَنْفُوذِهَا وَهُوَ مَغْمُورٌ اهـ.
(قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ) أَيْ: إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَمْرَةِ الْمَوْتِ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ. . . إلَخْ تَفْسِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّهِيدَ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ) أَيْ: ثِيَابِهِ الْمُبَاحَةِ وَغَيْرِ الْمُبَاحَةِ يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ: وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا) أَيْ: تُمْنَعُ الزِّيَادَةُ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا الشَّيْخُ سَالِمٌ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ تُمْنَعُ الزِّيَادَةُ أَوْ لَا بَأْسَ بِهَا؟ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الطِّرَازِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ اهـ. كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ. وَاقْتِصَارُ شَارِحِنَا عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يُفِيدُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ يُكَفَّنُ إذَا وُجِدَ عُرْيَانًا) وَلِذَلِكَ قَالَ فِي ك: وَلَوْ عَرَّاهُ الْعَدُوُّ وَجَبَ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْكَفَنِ. (قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ) أَيْ: دُفِنَ بِثِيَابِهِ مَصْحُوبَةً بِخُفٍّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَتَّتْ بَدَلًا مِنْ ثِيَابِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ دَفْنَهُ بِهَا وَاجِبٌ وَبِخُفٍّ وَمَا مَعَهُ مُسْتَحَبٌّ أَيْ: دُفِنَ بِثِيَابِهِ وُجُوبًا وَالْبَاءُ فِي بِثِيَابِهِ بِمَعْنَى فِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يُسْتَرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَهَلْ الْوَاجِبُ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ الشَّاشِيَّةُ) أَيْ: الطَّرْبُوشُ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ هِيَ الْبَيْضَاءَ) أَيْ: الَّتِي هِيَ الْخَوْدَاءُ؛ لِأَنَّهَا سِلَاحٌ (قَوْلُهُ وَخَاتَمٍ) وَلَا بُدَّ فِي الْخَاتَمِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا نُزِعَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الذَّهَبَ لَا يُدْفَنُ مَعَهُ وَلَا غَيْرَهُ أَيْ: كَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ كَمَا فِي شَرْحِ شب.
(قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ) قَالَ فِي ك: وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ اهـ.
وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى شَهِيدٍ؛ لِأَنَّ دُونَ لَا تَنْصَرِفُ فَيُجْعَلُ الْمَعْطُوفُ الْمَوْصُولَ الْمَحْذُوفَ أَيْ: وَلَا مَا دُونَ الْجُلِّ لَكِنْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ مُقَدِّمَاتِ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهَا تَنْصَرِفُ قَلِيلًا قَالَهُ ق. (قَوْلُهُ وَفِي تَعْلِيلِ تت نَظَرٌ) عِبَارَةُ تت: وَلَا دُونَ الْجُلِّ مِنْ مَيِّتٍ غَيْرِهِ وَلَوْ رَأْسًا وَنِصْفًا فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غُسِّلَ كُلُّهُ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْعُضْوِ حَيًّا فَيُصَلَّى عَلَى حَيٍّ اهـ.
وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الرَّأْسُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نِصْفِ الْجَسَدِ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. لَا يُقَالُ: كَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ خَوْفَ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ إذْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِسُنِّيَّتِهَا
. (قَوْلُهُ ارْتَدَّ) أَيْ:؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ لَا مِنْ حَيْثُ قَتْلُهُ لِعَدَمِ قَتْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَمَا فِي إسْلَامِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ حَيْثُ نَدْبُ الصَّلَاةِ لَهُ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ وَتَغْسِيلُهُ إذَا مَاتَ (قَوْلُهُ لَمْ يَتُبْ) رَاجِعٌ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الزِّنْدِيقِ وَمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْعَدُوِّ) أَيْ: اشْتَرَاهُ مِنْ الْعَدُوِّ