للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. وَأَمَّا ضَرْبُهُ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ فَأُجِيزَ، وَكُرِهَ خَوْفَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِالْبِنَاءِ وَالتَّحْوِيزِ التَّمْيِيزَ جَازَ، وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً أَوْ مُبَاحَةً أَوْ مُسَبَّلَةً لِلدَّفْنِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ. وَكَمَا جَازَ الْبِنَاءُ وَالتَّحْوِيزُ لِلتَّمْيِيزِ وَأَوْلَى التَّطْيِينُ وَالتَّبْيِيضُ. يَجُوزُ وَضْعُ حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ عُودٍ عَلَى الْقَبْرِ لِيُعْرَفَ بِهِ إذَا لَمْ يُنْقَشْ فِي ذَلِكَ اسْمٌ أَوْ تَارِيخُ مَوْتٍ، وَإِلَّا كُرِهَ فَقَوْلُهُ: وَجَازَ أَيْ: الْبِنَاءُ وَيُحْتَمَلُ التَّحْوِيزُ، وَأُفْرِدَ الضَّمِيرُ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ التَّطْيِينِ وَالتَّبْيِيضِ أَحْرَى. وَقَوْلُهُ: كَحَجَرٍ. . . إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ، وَمَفْهُومُ (بِلَا نَقْشٍ) الْكَرَاهَةُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ قُرْآنًا، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَكَانَا مُتَلَازِمَيْنِ كَمَا ذُكِرَ وَكَانَا مَطْلُوبَيْنِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ غَيْرِ شَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَضْدَادِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا عَنْهَا وَبِنَفْيِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ عَنْ نَفْيِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّلَاةُ، وَأَطْلَقَ النَّفْيَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِعَيْنِ الْحُكْمِ فَقَالَ (ص) وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهِيدَ الْمُعْتَرَكِ بِسَبَبِ الْكُفَّارِ - سَوَاءٌ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ لِلْغَنِيمَةِ - لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضٌ: يَنْبَغِي تَحْرِيمًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ غَزَا الْمُسْلِمُونَ الْعَدُوَّ أَوْ غَزَاهُمْ وَسَوَاءٌ الْمَقْتُولُ فِي بَلَدِنَا أَوْ فِي بَلَدِهِ أَوْ بَيْنَهُمَا. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَرَجَتَهُ انْحَطَّتْ عَنْ دَرَجَةِ الشَّهِيدِ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَ الْعَدُوِّ، وَسَوَاءٌ قَاتَلَ الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَاعِسًا أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ أَوْ رَجَعَ سَيْفُهُ عَلَيْهِ أَوْ سَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ أَوْ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَجْنَبَ) إلَى مَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الشَّهِيدَ إذَا قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ وَهُوَ جُنُبٌ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَلِأَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ عِبَادَةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي زَوَّجَهَا اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} [الأحزاب: ٣٧] . . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَأُجِيزَ وَكُرِهَ) وَلِذَلِكَ كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَالَ: فَرْعٌ فِي ضَرْبِ الْخِبَاءِ وَالْقُبَّةِ عَلَى الْقَبْرِ قَوْلَانِ فَيُعْمَلُ بِالْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ اهـ. زَادَ فِي ك عَلَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَقَالَ: وَمِمَّنْ كَرِهَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَيُبَاتُ فِيهِ إذَا خِيفَ مِنْ نَبْشٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنُ عَتَّابٍ: وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ كَوَصِيَّةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقُبُورِ وَإِجَارَةِ الْحَجِّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ. . . إلَخْ) أَيْ: وَشَأْنُ الَّذِي لِلتَّمْيِيزِ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا ثُمَّ نَقُولُ ذَكَرَ الْحَطَّابُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ حَوْلَ الْقَبْرِ أَيْ: أَوْ عَلَيْهِ إمَّا فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْبَانِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَذِنَ فِي الْبِنَاءِ فِيهَا أَوْ مُبَاحَةٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ لِلدَّفْنِ مُصَرَّحًا بِوَقْفِيَّتِهَا لَهُ أَوْ مُرْصَدَةٍ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِوَقْفِيَّتِهَا. وَحُكْمُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ سَوَاءٌ وَهُوَ حُرْمَةُ كَثِيرِ الْبِنَاءِ فِيهَا كَالْقُبَّةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْبَيْتِ بِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ اتِّفَاقًا وَبِغَيْرِ قَصْدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالْكَرَاهَةُ لِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَلِظَاهِرِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ لِفَتْوَاهُ بِأَنَّهَا لَا تُهْدَمُ وَيَجُوزُ الْيَسِيرُ لِلتَّمْيِيزِ اتِّفَاقًا كَالْحَائِطِ الصَّغِيرِ وَحُكْمُ الْأَخِيرَيْنِ حُرْمَةُ الْبِنَاءِ الْكَثِيرِ كَالْبَيْتِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْحَائِطِ الْكَبِيرِ فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُبَاهَاةَ، وَجَوَازُ الْيَسِيرِ لِلتَّمْيِيزِ كَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَلَكِنْ فِي الْمُحْبَسَةِ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : مَا بُنِيَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَوُقِفَ فَإِنَّ وَقْفَهُ بَاطِلٌ وَأَنْقَاضَهُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا، إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ وَيُؤْمَرُ بِنَقْلِهَا عَنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَيَسْتَأْجِرُ الْقَاضِي عَلَى نَقْلِهَا مِنْهَا ثُمَّ يَصْرِفُ الْبَاقِيَ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ بِلَا نَقْشٍ الْكَرَاهَةُ) أَيْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَعَ النَّقْشِ أَيْ: وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ.

(قَوْلُهُ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا) أَرَادَ بِالضِّدِّ مُطْلَقَ الْمُنَافِي (قَوْلُهُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: مُرَادُهُ الْمَقْتُولُ بِسَبَبِ مَا هُوَ مَظِنَّةُ عِرَاكٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، لَكِنْ لَوْ قَالَ مُعْتَرَكِ الْعَدُوِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى شَهِيدِ قِتَالِ الْعَدُوِّ لِيَخْرُج مُعْتَرَكُ اللُّصُوصِ وَالْبُغَاةِ وَفَتَنَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالدَّفْعِ عَنْ الْحَرِيمِ وَالْمَالِ وَالْأَهْلِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ مُرَادُهُ مَظِنَّةَ الْعِرَاكِ لَا حُصُولَهُ بِالْفِعْلِ لِيَشْمَلَ مَنْ قَتَلَهُ الْعَدُوُّ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاقَاةٍ وَلَا عِرَاكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَسَوَاءٌ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً أَوْ صِبْيَانًا. (قَوْلُهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ) بَعْضُ الشُّرَّاحِ جَزَمَ بِالتَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي كُلِّ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ الْحَطَّابَ أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَنَازِلِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ عِرَاكٍ وَلَا مُقَاتَلَةٍ وَكَلَامُ بَهْرَامَ يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَدُوُّ شَخْصًا نَائِمًا. (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ) ظَاهِرُهُ: رُجُوعُ قَوْلِهِ: عَلَى الْأَحْسَنِ لِلْأَخِيرَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَجْنَبَ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ الْحَائِضَ كَالْجُنُبِ، وَأَمَّا مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَرَوْثٍ فَيُزَالُ بِخِلَافِ دَمِهِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ شَهِيدٌ عَلَى خَصْمِهِ وَيُنْزَعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ إجْمَاعًا.

(فَائِدَةٌ) إنَّمَا لَمْ يُصَلَّ عَلَى الشَّهِيدِ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ أَوْ لِكَمَالِهِ، وَاعْتُرِضَ بِالْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ وَقَدْ غُسِّلُوا وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَزِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ اهـ.

وَقَالَ فِي ك: وُجِدَ عِنْدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>