وَقَدَرَ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ كُشِفَ عَنْهُ وَإِلَّا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ طَارِئًا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِيَسَارٍ كُلِّفَ بَيَانَ ذَهَابِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ فِيهَا كِفَايَةٌ فَادَّعَى كَسَادَهَا صُدِّقَ، وَيُكَلَّفُ مُدَّعِي دَيْنٍ إثْبَاتَهُ وَالْعَجْزَ عَنْهُ إنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ
(ص) إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا فَلَا يُعْطَى كَافِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا، أَوْ مُؤَلَّفًا، وَلَا يُعْطَى عَبْدٌ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا وَالْوَلَدِ بِوَالِدِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَلَا يَرِدُ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ كَأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ بِمُكَاتَبَتِهِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ أَسْقَطَ عَنْهُ فِي مُقَابَلَتِهَا جَانِبًا مِنْ الْكِتَابَةِ.
وَتُعْطَى لِذِي هَوًى خَفِيفٍ كَمُفَضِّلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَتُجْزِئُ لِلْخَارِجِيِّ وَالْقَدَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْفِيرِهِمْ، وَيُعْطَى أَهْلُ الْمَعَاصِي مَا يَصْرِفُونَهُ فِي ضَرُورِيَّاتِهِمْ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَهَا فِي الْمَعَاصِي فَلَا يُعْطَوْا وَلَا تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ
(ص) وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ، أَوْ إنْفَاقٍ، أَوْ صَنْعَةٍ (ش) أَيْ: وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلْكِفَايَةِ إمَّا بِسَبَبِ مَالٍ قَلِيلٍ مَعَهُ لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ، أَوْ إنْفَاقٍ أَيْ: عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ، أَوْ صَنْعَةٍ لَا تَكْفِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَدَعْوَى الْوَلَدِ الْعُدْمَ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُمَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ لَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؟ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَ) ظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: صُدِّقَ (قَوْلُهُ: كُلِّفَ بَيَانَ ذَهَابِ مَالِهِ) وَهَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؟ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى كَسَادَهَا صُدِّقَ) وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ فِيهَا كِفَايَةٌ، أَوْ لَا صُدِّقَ، هَذَا تَمَامُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ عج: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ تُزْرِي بِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِصُدِّقَ أَوَّلًا، وَثَانِيًا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ (قَوْلُهُ: إثْبَاتُهُ إلَخْ) إثْبَاتُهُ يَحْصُلُ وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِثْبَاتُ عَجْزِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: عَنْ مُبَايَعَةٍ لَا عَنْ طَعَامٍ) أَيْ: لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَظْهَرَ، وَقَوْلُهُ: لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَخْفَى كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَيْ: فَلَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَأَكَلَهُ فَلَزِمَهُ، أَوْ افْتَرَضَهُ ثُمَّ يُقَالُ: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فِي التَّعَدِّي وَالْقَرْضِ حَتَّى قَالَ: لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ، وَبَعْدُ فَأَقُولُ: لَعَلَّ الْعِبَارَةَ عَنْ مُبَايَعَةٍ فِي غَيْرِ طَعَامٍ لَا عَنْ طَعَامٍ مُتَّخَذٍ لِلْأَكْلِ، وَيَكُونُ الْفَرْقُ أَنَّ الطَّعَامَ الْمُتَّخَذَ لِلْأَكْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَسْتَغْنِي الْإِنْسَانُ عَنْهُ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ فِيهِ لِلْإِشْهَادِ لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ لِيَعُودَ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ مَا عَدَا الْمُؤَلَفَّةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْجَوَاهِرِ فِي شَرْطِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ذِكْرِهِ الْأَصْنَافَ، قَالَ: فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كَافِرًا، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا ذَكَرَ فِي قِسْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ اهـ. لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ أَعَادَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَصْنَافِ، وَكَذَا يُؤَخِّرُ قَوْلَهُ: وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ كَمَا أَخَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيُشْتَرَطُ خُرُوجُهُمْ عَنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: وَالضَّمِيرُ فِي خُرُوجِهِمْ لِقَوْلِهِ: فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ مُحَشِّي تت
(قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا) قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: وَالْمَرْأَةُ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا تَجِدُ مُسَلِّفًا تُعْطَى مَا تَحْتَاجُ أَيْ: مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ بَعْضٌ: مَعْنَاهُ زَوْجُهَا مُوسِرٌ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا أُعْطِيت، وَلَوْ وَجَدَتْ مُسَلِّفًا؛؛ لِأَنَّهَا لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْطِي مِنْهَا فِي شُوَارِ يَتِيمَةٍ؛ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ.
وَقَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ بِوَالِدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَالِدُ فَقِيرًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَنْهُ، كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ الْمُكَاتَبُ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ، أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ؛؛ لِأَنَّهُ مَا كَاتَبَهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا مَثَلًا إلَّا لِكَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْلَاهَا لَكَاتَبَهُ بِأَرْبَعِينَ، فَالْعَشَرَةُ الَّتِي أَسْقَطَهَا السَّيِّدُ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ تت: فَإِنْ عَجَزَ سَادَاتُهُمْ بِيعَ مِنْهُمْ مَنْ يُبَاعُ وَعُجِّلَ عِتْقُ غَيْرِهِ اهـ.، وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ سَادَاتُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ تت أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ مِنْهُمْ مَنْ تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي أُجْرَتِهِ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ، وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ وَلَا تُزَوَّجُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ مَنْ يُؤَجَّرُ إنْ كَانَ فِي أُجْرَتِهِ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُزَوَّجُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِيعَ مَا يُبَاعُ وَعَتَقَ أُمُّ الْوَلَدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِذِي هَوًى خَفِيفٍ) أَيْ: بِدْعَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَقْتَضِي الْكُفْرَ، وَلَا يُعْطَى إجْمَاعًا مَنْ يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ اتِّفَاقًا كَالْقَائِلِ بِنُبُوَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَلِطَ،، وَالْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ وَالْأَنْبِيَاءَ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَهَلْ الْإِعْطَاءُ لِذِي الْهَوَى الْخَفِيفِ خِلَافُ الْأَوْلَى، أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَقَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ لِخَارِجِيٍّ وَقَدَرِيٍّ، وَهَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ .
(قَوْلُهُ: فِي ضَرُورِيَّاتِهِمْ) أَيْ: فِي الْأُمُورِ الَّتِي يُضْطَرُّونَ إلَيْهَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، وَهَلْ الْمُرَادُ مَا يَلِيقُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا أَوْ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِذُلِّ الْمَعْصِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ: زَادَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ، أَيْ: إدْرَاكُ أَنَّهُمْ، أَيْ: بِأَنْ تَقَوَّى الظَّنُّ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ، أَوْ الظَّنِّ الضَّعِيفِ يُعْطَوْنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ وَحْدَهُ كَافٍ فِي عَدَمِ الْإِعْطَاءِ
. (قَوْلُهُ: إمَّا بِسَبَبِ مَالٍ قَلِيلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِقَلِيلٍ لِلسَّبَبِيَّةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَدَمُ الْكِفَايَةِ بِسَبَبِ الْمَالِ الْقَلِيلِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ، بَلْ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كِفَايَةٍ فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ: بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْمِسْكِينُ، أَوْ عِنْدَهُ مَا لَا يَكْفِيهِ لِبَقِيَّةِ عَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْكِفَايَةُ بِالْقَلِيلِ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ، فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَقُولُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِصُورَتَيْهِ لِحَقِيقَةِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، فَعَدَمُ وُجُودِ شَيْءٍ أَصْلًا يَرْجِعُ لِحَقِيقَةِ الْمِسْكِينِ، وَعَدَمُ وُجُودِ مَا يَكْفِيهِ الْعَامَ يَرْجِعُ لِحَقِيقَةِ الْفَقِيرِ؛ إذْ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَكْفِيهِ الْعَامَ، وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا، كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ صِدْقِهِ بِالصُّورَتَيْنِ؟ قُلْت: لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إنْفَاقٍ لَا يَكْفِيهِ)