للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ يَصْدُقُ بِعَدَمِ الْقَلِيلِ مِنْ أَصْلِهِ وَبِوُجُودِهِ مَعَ عَدَمِ الْكِفَايَةِ لَكِنْ فِي الْأُولَى يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يُعْطَى تَمَامَ مَا يَكْفِيهِ

(ص) وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ لَا الْمُطَّلِبِ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ آلَهُ مَنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبُ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَاشِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَّلِبَ أَخُو هَاشِمٍ وَلَهُمَا أَيْضًا أَخَوَانِ عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ، فَفَرْعُ كُلٍّ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ لَيْسَ بِآلٍ قَطْعًا، وَفَرْعُ هَاشِمٍ آلٌ قَطْعًا، وَفَرْعُ الْمُطَّلِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِآلٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَابْنُ هَاشِمٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِهَاشِمٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُطَّلِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ شَيْبَةُ وَهُوَ ابْنُ أَخِي الْمُطَّلِبِ لَا عَبْدُهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي لَوْنِهِ السُّمْرَةُ سُمِّيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَالْأَرْبَعَةُ إخْوَةٌ لِأَبٍ، وَالْمُطَّلِبُ وَهَاشِمٌ شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ مَنْ لِهَاشِمٍ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ غَيْرِ أُنْثَى فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَلَدُ بَنَاتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْغَيْرِ.

وَقَوْلُهُ (كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ) مُشَبَّهٌ فِي الْمَفْهُومِ، أَيْ: فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ تَجُزْ كَحَسَبٍ لِدَيْنِهِ الْكَائِنِ عَلَى عَدِيمٍ مِنْ زَكَاتِهِ، كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَسْقَطْته عَنْك مِنْ زَكَاةِ مَالِي وَإِذَا

ــ

[حاشية العدوي]

كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مُنْفِقٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا دِرْهَمًا وَلَا يَكْفِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الْكُسْوَةَ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيئًا لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَوْ لَمْ يُجْرِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ فَلَمْ يَعْدَمْ الْكِفَايَةَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا إذَا كَانَ الْمَلِيءُ لَا يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ خِلَافَهُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَيْضًا مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَنْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْسُوهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرُورِيَّاتٍ أُخَرَ لَا يَقُومُ بِهَا الْمُنْفِقُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يَسُدُّ ضَرُورِيَّاتِهِ الشَّرْعِيَّةَ كَذَا فِي عج.

(فَائِدَةٌ) جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَهَابِ النَّاسِ لِلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقِيلَ: لَا يُعْطَوْنَ وَأَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ أَحَقُّ وَقِيلَ: بِالتَّفْصِيلِ إنْ أَقَامُوا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَيُعْطَوْنَ وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّوَابُ الْإِعْطَاءُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبُرْزُلِيِّ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِهَاشِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِهَاشِمٍ غَيْرَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نُظِرَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ خَارِجًا أَنَّهُ لَمْ يَعْقُبْ مِنْ هَاشِمٍ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي لَوْنِهِ السُّمْرَةُ) أَيْ: الْحُمْرَةُ أَيْ: وَيُرْدِفُهُ خَلْفَهُ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ عِلَّةُ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ) فِي شب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ أَبْنَاءُ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُمَا أَخَوَانِ لِأَبٍ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَكَانَ عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فِي كَفَالَةِ عَبْدِ مَنَافٍ وَلَيْسَا ابْنَيْهِ، وَإِنَّمَا هُمَا ابْنَا زَوْجَتِهِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ.

(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ عَدَمِ إعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ إذَا أُعْطُوا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطُوهُ وَأَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أُعْطُوا مِنْهَا، وَإِعْطَاؤُهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ قَالَهُ ح فِي الْخَصَائِصِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ إعْطَاءَهُمْ بِوُصُولِهِمْ لَهَا وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ الثَّابِتِ بِالْخَبَرِ إنَّمَا يَكُونُ بِحِلِّ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي عب.

(أَقُولُ) : قَدْ ضَعُفَ الْيَقِينُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَإِعْطَاءُ الزَّكَاةِ لَهُمْ أَسْهَلُ مِنْ تَعَاطِيهِمْ خِدْمَةِ الذِّمِّيِّ وَالْفَاجِرِ وَالْكَافِرِ، وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لِآلِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت نَصًّا فِي كِتَابٍ لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ يَذْكُرُ فِيهِ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُوَافِقُ مَا قُلْته وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَصُّهُ هَذَا أَيْضًا مِمَّا شَاعَ الْعَمَلُ بِهِ لِضَرُورَةِ الْوَقْتِ وَهُوَ التَّصَدُّقُ عَلَى الشُّرَفَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَخْذِهِمْ مِنْ صَدَقَةِ الصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنْ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ مَا نَصُّهُ: الرَّابِعُ يَحِلُّ لَهُمْ التَّطَوُّعُ وَالْفَرِيضَةُ وَبِهِ الْقَضَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ الْوَضْعِ خَشْيَةً عَلَيْهِمْ مِنْ الضَّيْعَةِ لِمَنْعِهِمْ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، فَأَمَّا الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ فَتَحِلُّ لَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا الصَّدَقَاتُ، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ بِوَجْهٍ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَيْضًا صَدَقَةُ الْفَرِيضَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ صِفَةٌ مِنْ بَقَايَا صِفَةِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَارِئِ وَالْأُمِّيِّ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. بِلَفْظِهِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ) تَفْسِيرٌ لِلْبُنُوَّةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا لَا الْبُنُوَّةِ بِقَيْدِ هَذَا الْمَقَامِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ لَا يَأْتِي هُنَا (قَوْلُهُ: كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى عَدِيمٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَأَوُّلًا قِيمَةٌ لَهُ، أَوْ لَهُ قِيمَةٌ دُونَ، وَدَائِمًا الدَّيْنُ قِيمَتُهُ دُونَ وَلَوْ عَلَى مَلِيءٍ وَهُوَ حَالٌّ؛؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُومُ بِدُونٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسَاوِي النَّقْدَ فَقَدْ يَكُونُ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ مَثَلًا خَمْسَةً فَيَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ أَقَلَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَحَسَبٍ عَلَى مَدِينٍ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِلَّا زَكَّى دَيْنَهُ النَّقْدَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ عَدَدُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُنَاكَ مُخْرَجٌ عَنْهُ وَهُنَا مُخْرَجٌ ك وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ " عَدِيمٍ " أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ، أَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ دَارٌ، أَوْ خَادِمٌ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ حَسَبُهُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِمَّا يُسَوَّغُ لَهُ قَبُولُهَا وَكَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ شَارِحَنَا قَدْ نَسَبَ مَا قَالَهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْحَطَّابُ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ مِنْ حَالِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْسُبْ مَا عَلَى الْعَدِيمِ مِنْ زَكَاتِهِ لَمْ يُزَكِّ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِمَا قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلٍ أَحْسَنُ مِنْ لُزُومِهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>