وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا بِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ لَا مِنْ بَابِ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ، وَصِيَاغَةٌ اسْمُهَا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهَا وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ أَيْ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ مَوْصُوفٍ بِأَنَّهُ لَا صِيَاغَةَ فِيهِ، أَوْ بِكَوْنِهِ لَا صِيَاغَةَ فِيهِ وَهَذَا إعْرَابٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِيَاغَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ
(ص) وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ: وَفِي الْمَصُوغِ غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ أَيْ: وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ الْجَائِزَةِ كَالْحُلِيِّ، أَوْ الْمُحَرَّمَةِ كَالْأَوَانِي فِي غَيْرِهِ أَيْ: فِي غَيْرِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَإِخْرَاجِ فِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ مَصُوغٍ جَائِزٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ ذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ مَصُوغَةٍ كَذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْوَزْنُ كَمَا فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ، تَرَدُّدٌ بَيْنَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي عِمْرَانَ
(ص) لَا كَسْرِ مَسْكُوكٍ إلَّا لِسَبْكٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى إخْرَاجٍ أَيْ: وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ لَا كَذَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَسْكُوكَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَامِلًا، أَوْ غَيْرَ كَامِلٍ لَا يَجُوزُ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَسَادِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ نَعَمْ يَجُوزُ كَسْرُ الْمَسْكُوكِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ كَزَوْجَتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى السَّبْكِ الْجَوْهَرِيُّ: سَبَكْت الْفِضَّةَ وَغَيْرَهَا أَسْبِكُهَا سَبْكًا أَذَبْتهَا، وَالْفِضَّةُ سَبِيكَةٌ وَالْجَمْعُ سَبَائِكُ وَقَوْلُهُ: إلَّا لِسَبْكٍ أَيْ: فَيَجُوزُ وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى السَّبْكِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْعِلَّةِ لَا لِلِاحْتِرَازِ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا لِعِلَّةٍ.
(ص) وَوَجَبَ نِيَّتُهَا (ش) أَيْ: عِنْدَ عَزْلِهَا، أَوْ تَفْرِقَتِهَا فَأَحَدُهُمَا كَافٍ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَتَمَّ. سَنَدٌ يَنْوِي إخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَجْزَأَتْ وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ نَاوِيًا أَجْزَأَتْ، وَلَوْ عَزَلَهَا نَاوِيًا لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْهَا أَيْ: أَوْ عَزَلَهَا وَوَجَبَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ تَسْلِيمِهَا اهـ، وَإِنَّمَا احْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ فَاحْتَاجَتْ إلَيْهَا، وَيَنْوِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَلِيُّهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ فِيمَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ جَهِلَهَا تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ.
(ص) وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ الزَّكَاةِ وَاجِبَةٌ
ــ
[حاشية العدوي]
لَهُ أَنْ يُخْرِجَ رُبُعَ الْعُشْرِ ذَهَبًا مَكْسُورًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَصُوغِ وَالْمَسْكُوكِ بَعْدَ أَنْ نَقُولَ: إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زِيَادَةٌ أَنَّ الْمَصُوغَ لِصَاحِبِهِ كَسْرُهُ وَإِعْطَاءُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ بَعْدَ الْكَسْرِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْفَقِيرِ حَقٌّ فِي الصِّيغَةِ، وَالسِّكَّةُ لَيْسَ لَهُ كَسْرُهَا فَلَمْ يَأْخُذْ الْفَقِيرُ مَا نَابَهُ، بَلْ دُونَهُ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ قُلْت قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ وَالْجَوْدَةَ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ قِيمَةِ السِّكَّةِ مُطْلَقًا وَقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ ذَهَبًا عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَبْلَهُ قُلْت: مُرَادُهُ مَنْ تَقَدَّمَ بِزَكَاةِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ بِقِيمَتِهَا النِّصَابَ وَلَا يُزَادُ رُبُعُ الْعُشْرِ بِهَا فَمَنْ عِنْدَهُ وَزْنُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الذَّهَبِ وَقِيمَتُهَا بِمَا فِيهِ مِنْ السِّكَّةِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّصَابِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ الْوَزْنُ لَا الْقِيمَةُ، وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَزْنًا وَسِكَّتُهَا تُسَاوِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ عُشْرِ عِشْرِينَ مَثَلًا، وَهُوَ نِصْفُ دِينَارٍ لَا رُبُعُ عُشْرِ قِيمَتِهَا وَهُوَ دِينَارٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُ رُبُعِ عُشْرِ وَزْنِهِ لَا إخْرَاجُ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَالْفُقَرَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ شُرَكَاءُ رَبِّ الْمَالِ بِرُبُعِ الْعُشْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ إنْ تِبْرًا فَتِبْرًا، وَإِنْ مَسْكُوكًا فَمَسْكُوكًا وَيَأْخُذُونَهُ بِصَنْعَتِهِ أَوْ يَأْخُذُونَ قِيمَتَهُ بِصَنْعَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِيَاغَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ وَعَدَمَهُ فِي الشَّيْءِ فَرْعُ وُجُودِهِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الصِّيَاغَةَ مُنْتَفِيَةٌ.
(أَقُولُ) عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَيْسَ الِاعْتِبَارُ مُتَعَلِّقًا بِالصِّيَاغَةِ، بَلْ بِالسِّكَّةِ نَعَمْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السِّكَّةَ تُجَامِعُ الصِّيَاغَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) يَعْنِي: إذَا كَانَ لَهُ حُلِيٌّ وَزْنُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ مَصُوغًا ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ ذَلِكَ وَرِقًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يُخْرِجُ عَنْ الْوَزْنِ لَا عَنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا) لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا فِي عب، بَلْ يَجُوزُ جَعْلُهَا سَبِيكَةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى السَّبْكِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: سَبَكْت الْفِضَّةَ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالسَّبِيكَةُ الْقِطْعَةُ الْمُسْتَطِيلَةُ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ عَزْلِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ عَزْلَهَا بِوَصْفِ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ) أَيْ: لَاحَظَ الزَّكَاةَ بِعُنْوَانِ زَكَاةٍ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ الْوُجُوبُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ بِمَرْجُوحِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ) فَإِذَا عَيَّنَ لِلْفُقَرَاءِ دَرَاهِمَ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ يَجِبُ إخْرَاجُهَا بِحَيْثُ لَوْ أَخْرَجَ غَيْرَهَا أَثِمَ، هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ أَرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَقُّقَ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ تَلِفَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ نَاوِيًا) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ كَدَفْعِهَا بِالْيَمِينِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي ذَلِكَ اشْتِمَالَ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الزَّكَاةِ الْكَامِلَةِ، وَيُجْعَلُ الِاشْتِمَالُ مِنْ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَيُلَاحَظُ فِي الْمُشْتَمَلِ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ وَفِي الْمُشْتَمِلِ الْإِجْمَالُ (قَوْلُهُ: نَسِيَ النِّيَّةَ) أَيْ: بِأَنْ أَخْرَجَ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ حَتَّى دَفَعَ ذَلِكَ الْجُزْءَ لِنَحْوِ فَقِيرٍ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا مُلَاحِظًا كَوْنَ هَذَا زَكَاةً فَهُوَ نِيَّةٌ وَتَكْفِي، وَلَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ عِنْدَ الدَّفْعِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ لِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ، وَنَقْلُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ خَبَرٌ أَيْ: وَهَذَا النَّقْلُ تَأَمَّلْهُ.
وَقَوْلُهُ فَاحْتَاجَتْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ عِبَادَةٌ وَقَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْعِلْمِ