للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ قُرْبِهِ) إلَى قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا لِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُنْقَلَ إلَى مَا يَقْرُبُ مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَخُصَّ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ، وَجِيرَانَهُ بَلْ يَجُوزُ إيثَارُ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ بَلَدِهِ فَكَذَا مَا قَرُبَ مِنْهَا اهـ.

وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ مَوْضِعُ الْمَالِكِ وَهَذَا فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ، وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهَا وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ ضَعِيفٌ، وَأَوْ فِي أَوْ قُرْبِهِ تَنْوِيعِيَّةٌ أَيْ: أَنَّ تَفْرِقَتَهَا عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٍ هُوَ مَوْضِعُ الْوُجُوبِ، وَنَوْعٍ هُوَ قُرْبُهُ وَالْمُرَادُ بِقُرْبِهِ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ وَفَضَلَ عَنْهُ أَوْ أَعْدَمَ، أَوْ مِثْلُ أَوْ دُونَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَيْهِ وَلَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ أَعْدَمَ، فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ دُونَ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْهُ لَكِنْ فِي الْمُسَاوِي تُجْزِئُ وَفِي دُونَ، لَا تُجْزِئُ وَانْظُرْ رَدَّ تَأْوِيلِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ لِكَلَامِ سَحْنُونَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ

(ص) إلَّا لِأَعْدَمَ فَأَكْثَرُهَا لَهُ (ش) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ فُهِمَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَيْ: بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا لِأَعْدَمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا لَهُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ بَعْدَ صَرْفِ أَقَلِّهَا فِي مَحَلِّهَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُهُ: " أَعْدَمَ " لَهُ مَفْهُومَانِ: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ، وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَسَيَأْتِيَانِ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَكْثَرُهَا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِقَةِ الْأَقَلِّ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ

(ص) بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِثْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا بِنَقْلِ الزَّكَاةِ إلَى الْبَلَدِ الْمُحْتَاجِ وَاحْتَاجَتْ إلَى كِرَاءٍ يَكُونُ مِنْ الْفَيْءِ أَيْ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا مِنْ عِنْدِ مَخْرَجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيْءٌ أَوْ كَانَ وَلَا أَمْكَنَ نَقْلُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ الْآنَ أَيْ: فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُنْقَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَ خَيْرًا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا

(ص) كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّقْلِ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا

(ص) وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا نُقِلَتْ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ وُجُوبًا قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ أَيْ: يُقَدِّمُهَا الْإِمَامُ بِحَيْثُ إنَّهَا تَصِلُ إلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ الَّتِي نُقِلَتْ إلَيْهَا فِي آخِرِ حَوْلِهَا فَقَوْلُهُ: وَقُدِّمَ أَيْ: وُجُوبًا وَهَذَا فِي الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ، وَأَمَّا الْحَرْثُ فَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَقَدَّمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ: الْمُزَكِّي، أَوْ الْإِمَامُ، وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الْمَالُ الْمَنْقُولُ لِلزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَيْ: دَفَعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ أَيْ:

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عَلَى الْفَوْرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُبْقِيَ زَكَاتَهُ عِنْدَهُ يُعْطِيهَا عَلَى التَّدْرِيجِ لِمَنْ يَجْتَمِعُ بِهِ مِمَّنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا (قَوْلُهُ: يُجْبَى فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْضِعُ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي مَوْضِعٍ وَالْمَالِكُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ أَحْسَنُ مِنْ الْعِبَارَةِ الَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهَا) أَيْ: الَّتِي جُبِيَتْ فِيهِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ عب (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ ضَعِيفٌ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: وَلَا تُنْقَلُ عَنْ بَلَدِهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَتْ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ أَيْ:؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ عَامَّةٌ وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَصَلَ بَيْنَ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ وَقُرْبِهِ وَالْبَعِيدِ وَأَنَّ مَوْضِعَ الْوُجُوبِ وَقُرْبَهُ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ دُونَ الْبَعِيدِ، وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ جَعَلَ حُكْمَ الْكُلِّ وَاحِدًا، (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْدَمَ، أَوْ مِثْلَ) أَيْ: أَوْ كَانَ الْقَرِيبُ أَعْدَمَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، أَوْ مِثْلَ، أَوْ دُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ رَدَّ تَأْوِيلِ) رَاجَعْت ك فَوَجَدْت عِبَارَةَ س مُوفِيَةً بِالْمُرَادِ وَنَصُّهُ: أَوْ قُرْبُهُ وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي قَوْلِ سَحْنُونَ: إنَّ الْقَرِيبَ مِقْدَارُ مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ اهـ.

الْمُرَادُ مَا لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ كَالْبُيُوتِ وَالْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ اهـ.

وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ لِلْعِبَارَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهِ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِأَعْدَمَ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ فَمِنْ مُقَدَّرَةٌ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ هَلْ قَوْلُهُ: الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَفِي الْعَجْمَاوِيِّ فَأَكْثَرُهَا يُنْقَلُ جَوَازًا لَهُ اهـ. فَإِنْ نُقِلَ كُلُّهَا لَهُ، أَوْ فُرِّقَ الْكُلُّ بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا مَعَ وُجُوبِ نَقْلِ أَكْثَرِهَا فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا عب (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) هَذَا إذَا نُقِلَتْ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَأَمَّا إنْ نُقِلَتْ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ إلَى قُرْبِهِ فَبِأُجْرَةٍ مِنْهَا اهـ.

وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِثْلَهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا حَقِيقَتَهَا، بَلْ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا) هَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِمَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي نَقْلِهَا، أَوْ شِرَاءِ مِثْلِهَا، أَوْ بَيْعِهَا وَتَفْرِيقِ ثَمَنِهَا تَعَيَّنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي النَّقْلِ بِالْأُجْرَةِ وَفِي الْبَيْعِ بِوَجْهَيْهِ يُخَيَّرُ فِيهِمَا كَمَا يُخَيَّرُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي تَفْرِيقِهِ الثَّمَنَ، وَفِي شِرَاءِ مِثْلِهَا وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا أَيْ: إنْ كَانَ خَيْرًا

(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ لَا تُقَدَّمُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَا يُرْسِلُهَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهَا، (قَوْلُهُ: إذَا نُقِلَتْ) أَيْ: أُرِيدَ نَقْلُهَا (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ أَيْ: وُجُوبًا) وَهُوَ لِلْعَلَمِيِّ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: جَوَازًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَرْثُ فَهُوَ قَوْلُهُ: إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اتَّحَدَ التَّقْدِيمُ وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا تَقْدِيمُ نَقْلٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ (قَوْلُهُ: الْمَنْقُولُ) أَيْ: الَّذِي أُرِيدَ نَقْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>