دُفِعَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا وَمَفْهُومُ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرْثًا فَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا، وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ، وَفِي قَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ تَقْدِيمُ نَقْلٍ
(ص) وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَوْ دَيْنًا أَوْ، عَرْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ، أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَّا الْإِمَامَ، أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةٍ لَمْ تَجُزْ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سَبْعَ مَسَائِلَ وَأَجَابَ عَنْهَا بِجَوَابٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ مِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ حَبِّهِ وَثَمَرِهِ قَبْلَ إفْرَاكِهِ وَطَيِّبِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ أَجْزَأَتْ، وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَ حَوْلِهِ وَهَذَا فِي دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يُزَكِّي حَتَّى يَقْبِضَ، وَمِثْلُ الْمُحْتَكِرِ: دَيْنُ الْمُدِيرِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَكَذَلِكَ دَيْنُ الْقَرْضِ، وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَرْضًا وَهُوَ مَرْجُوٌّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ يُزَكِّي عَيْنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي دَيْنٍ يَتَوَقَّفُ زَكَاتُهُ عَلَى الْقَبْضِ اهـ.
وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، وَمِنْهَا إذَا نُقِلَتْ الزَّكَاةُ لِدُونِ بَلَدِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ فِي الْحَاجَةِ وَلِمِثْلِهِمْ سَيَأْتِي أَنَّهَا تُجْزِئُ وَهَذَا إذَا نَقَلَهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا دُونَهَا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَمِنْهَا إذَا اجْتَهَدَ وَدَفَعَ زَكَاتَهُ لِشَخْصٍ مِنْ أَهْلِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقِّهَا: كَعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ، أَوْ غَنِيٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا، أَمَّا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّهَا فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَتُصْرَفُ فِي أَهْلِهَا، وَأَمَّا الْإِمَامُ إذَا اجْتَهَدَ فَدَفَعَهَا لِمَنْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا؛ لِأَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ نَافِذٌ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ، وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَلَوْ أَمْكَنَ رَدُّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ س فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لتت وَمِنْهَا إذَا طَاعَ بِدَفْعِهَا لِإِمَامٍ جَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَيْ: وَجَارَ وَلَمْ يَعْدِلْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْوَاجِبُ جَحْدُهَا وَالْهُرُوبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ، وَأَمَّا الْجَائِرُ فِي أَخْذِهَا بِأَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ وَلَكِنْ يَصْرِفُهَا فِي مَصْرِفِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا لَوْ كَانَ جَائِرًا فِي صَرْفِهَا، لَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ عَدَلَ فِيهِ، وَمِنْهَا إذَا طَاعَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ: حَبٍّ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ عَيْنٍ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ قَالَ: إنَّ الْمَشْهُورَ إجْزَاءُ إخْرَاجِ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ: جَوَابٌ عَنْ السَّبْعِ مَسَائِلَ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ: لَمْ تَجُزْ جَوَابًا عَنْ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْمَجْمُوعِ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِئُ
(ص) لَا إنْ أُكْرِهَ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ (ش) الْأَوَّلُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِزٍ أَوْ بِقِيمَةٍ أَيْ: فَإِنْ أُكْرِهَ فِي الْحَالَتَيْنِ أَجْزَأَهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ كَخَوْفِ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِدُونِهِمْ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُسْتَغْنَى بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ هَذَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَاهُ
(ص) أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سُعَاةٌ إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَرْبَابِهَا أَوْ وَكِيلٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِخِلَافِ الْحَرْثِ كَمَا أَشَارَ لَهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا إلَخْ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ: زَكَاةُ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَزَكَاةُ الدَّيْنِ الْعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَالتَّقْدِيمُ هُنَا) أَيْ: فِي قَوْلِهِ، أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ، أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ يَأْتِي فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْضِ الدَّيْنِ وَقَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ أَيْ: وَبَعْدَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ التَّقْدِيمُ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطُولَ فَيَكُونُ مِمَّا قُدِّمَ عَلَى الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَمْ لَا.
اعْلَمْ أَنَّهُ تَارَةً تَتْلَفُ بِسَمَاوِيٍّ، وَتَارَةً بِأَكْلِهِمْ أَوْ صَرْفِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ فَيَرُدُّوا عِوَضَهَا إنْ فَاتَتْ بِأَكْلِهِمْ أَوْ صَرْفِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَكَذَا إنْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ إنْ غَرُّوا فَتُؤْخَذُ وَتُصْرَفُ لِمُسْتَحِقِّيهَا لَا إنْ لَمْ يَغِرُّوا وَهَلْ يَغْرَمُهَا رَبُّهَا لِلْفُقَرَاءِ أَمْ لَا؟ خِلَافٌ، وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا دُفِعَتْ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ غَنِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فَقِيرٌ، أَوْ حُرٌّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَيَأْثَمُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْإِمَامَ) وَالْوَصِيَّ وَمُقَدِّمَ الْقَاضِي تُجْزِي إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا وَإِلَّا لَمْ تُجْزِئْ، فَأَقْسَامُ الدَّافِعِ ثَلَاثَةٌ: الْمُزَكِّي لَا تُجْزِئُ تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَمْ لَا، وَالْإِمَامُ تُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَمُقَدِّمُ الْقَاضِي فِيهِ التَّفْصِيلُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ) أَيْ: زَكَاةَ ثَمَنِ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ بَيْعِهِ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ أَيْ: وَقَبْلَ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَكْفِي، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: الْعَيْنِ إلَخْ) ، وَأَمَّا إعْطَاءُ الْعَرْضِ عَنْ عَيْنٍ، أَوْ حَرْثٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُ وَكَذَا حَرْثٌ، أَوْ أَنْعَامٌ عَنْ عَيْنٍ، وَلَا حَرْثٌ عَنْ أَنْعَامٍ أَوْ عَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُجْزِ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَجَوَابُ الشَّارِحِ بَعِيدٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جَعْلُ قَوْلِهِ، أَوْ بِقِيمَةٍ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَاهُ) فِيهِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّوْطِئَةِ يَقُولُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لِمَا قُلْنَاهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ قُدِّمَتْ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَرْبَابِهَا أَيْ: وَكِيلٍ يُفَرِّقُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُجْزِئُ) أَيْ: مَعَ كَرَاهَةِ التَّقْدِيمِ خِلَافًا لِتَشْهِيرِ ابْنِ هَارُونَ جَوَازَهُ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَاعٍ فَكَالْحَرْثِ لَا تُجْزِئُ.
(تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ