للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ) أَيْ: مُقَارِبَهُ، وَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا لِيُوَافِقَ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ إذْ فِيهِ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ أَيْ:، وَأَمَّا التَّسَحُّرُ قُرْبَهُ فَمِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ الْحَطَّابِ وَالْعُذْرُ فِي هَذَا أَضْعَفُ مِنْهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَمِنْهَا مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فِي رَمَضَانَ لَيْلًا فَاعْتَقَدَ أَنَّ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ صَوْمٌ، وَأَنَّ مِنْ شَرْطِ لُزُومِ الصَّوْمِ أَنْ يَقْدَمَ مِنْ سَفَرِهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ قَدِمَ لَيْلًا) وَعُذْرُهُ فِي هَذَا أَضْعَفُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ اهـ.

وَمِنْهَا مَنْ سَافَرَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِرَعْيِ مَاشِيَةٍ مَثَلًا فَظَنَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا السَّفَرِ يُبِيحُ الْفِطْرَ فَبَيَّتَ الْفِطْرَ وَأَصْبَحَ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ مُفْطِرًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ) وَهَذَا عُذْرُهُ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ فَلَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ، وَمِنْهَا مَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ نَهَارًا صَبِيحَةَ ثَلَاثِينَ فَاعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ فِطْرٍ لِظَنِّهِ أَنَّ الْهِلَالَ اللَّيْلَةُ الْمَاضِيَةُ فَأَفْطَرَ عَامِدًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ رَآهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ رَأَى شَوَّالًا نَهَارًا) فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَقَوْلُهُ: (فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ السِّتَّةِ فَإِنْ عَلِمُوا الْحُرْمَةَ، أَوْ ظَنُّوهَا أَوْ شَكُّوا فِيهَا، أَوْ تَوَهَّمُوهَا كَفَّرُوا وَكَانُوا آثِمِينَ بِخِلَافِ مَنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ مِمَّنْ سَبَقَ فَالظَّاهِرُ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ اهـ.

ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِي قَوْلِهِ:، أَوْ تَوَهَّمُوهَا نَظَرٌ إذْ مَنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ تَوَهَّمَ الْحُرْمَةَ

. (ص) بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ (ش) إنْ شِئْت أَخْرَجْته مِمَّا قَبْلَهُ وَإِنْ شِئْت أَخْرَجْته مِنْ قَوْلِهِ: بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَقَوْلُهُ: بَعِيدِ التَّأْوِيلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ لِلتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ خَمْسَةَ أَمْثِلَةٍ مِنْهَا: مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ فَشَهِدَ بِذَلِكَ فَلَمْ يُقْبَلْ لِأَمْرٍ فَظَنَّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فِي صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَصْبَحَ مُفْطِرًا فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:.

(ص) كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ (ش) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَمِنْهَا مَنْ عَادَتُهُ أَنْ تَأْتِيَهُ الْحُمَّى فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَأَصْبَحَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَأْتِيهِ فِيهِ مُفْطِرًا ثُمَّ إنَّ الْحُمَّى أَتَتْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَنْ عَادَتُهَا الْحَيْضُ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَأَصْبَحَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ طَاهِرَةً فَأَفْطَرَتْهُ ثُمَّ جَاءَهَا الْحَيْضُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لِحُمَّى ثُمَّ حُمَّ، أَوْ لِحَيْضٍ ثُمَّ حَصَلَ) وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُحَمَّ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ حَيْضٌ، وَمِنْهَا مَنْ احْتَجَمَ، أَوْ حَجَمَ غَيْرَهُ فَأَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ حِجَامَةٍ) خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْحَاجِمِ وَلَا عَلَى الْمُحْتَجِمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ، وَمِنْهَا مَنْ اغْتَابَ شَخْصًا فِي رَمَضَانَ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَبْطَلَ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ أَخِيهِ فَأَفْطَرَ عَامِدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يُعْذَرُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ غِيبَةٍ) وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْقَضَاءُ بِدُونِ كَفَّارَةٍ وَقِيلَ: بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَثَالِثُهَا إنْ أَفْطَرَ لِجِمَاعٍ كَفَّرَ وَلِغَيْرِهِ لَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا) فِيهِ شَيْءٌ وَلَوْ جَعَلْنَا الْمُفَاعَلَةَ عَلَى بَابِهَا لَا يُوَافِقُ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا إلَخْ) أَيْ: كَوْنُهُ مِنْ الْبَعِيدِ وَإِنْ كَانَ الْحَطَّابُ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَمْلَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ) بِخِلَافِ الْفِطْرِ نَاسِيًا فَيُبْطِلُ الصَّوْمَ عِنْدَنَا، وَالْمُصْبِحُ جُنُبًا يَبْطُلُ صَوْمُهُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ: أَضْعَفُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) إذْ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ ذَهَبَ أَحَدٌ إلَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي رَمَضَانَ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَكَذَا مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا وَلَمْ نَقِفْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ هَذَا يُنَاقِضُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ (قَوْلِهِ فَالظَّاهِرُ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ) هَكَذَا نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَفِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَجَهْلٍ عَنْ الْجُزُولِيِّ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى شَيْءٍ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ بَعْدَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ، وَقُلْنَا: يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا جَوَازَ الْإِفْطَارِ كَذَا اُسْتُظْهِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَحَرَّرَهُ

. (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت أَخْرَجْته مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا إنْ أَفْطَرَ إلَخْ، ثُمَّ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ: لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) يَقُولُ بِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ تَأْوِيلًا مِنْ الْقَادِمِ لَيْلًا وَمِمَّنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ.

قَالَ عج وَهُوَ فِي هَذَا قَدْ اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ لِمَوْجُودٍ فَلَا يَكُونُ تَأْوِيلُهُ بَعِيدًا اهـ. أَيْ فَإِنَّهُ هُنَا اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا كَفَّارَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَرَآهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الْقَرِيبَ مَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ، وَالْبَعِيدَ بِخِلَافِهِ وَالِاسْتِنَادُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِجَامَةِ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ» أَيْ: فَذَلِكَ الْمُؤَوَّلُ يُبْقِي اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ: سَاغَ لَهُ الْفِطْرُ وَلَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ إنَّمَا الْمُرَادُ فَعَلَا سَبَبَ الْفِطْرِ، أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَصِّهِ الدَّمَ، وَأَمَّا الْمُحْتَجِمُ فَلِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: أَوْ غِيبَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>