للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَلُزُومِ الْقَضَاءِ تَلَازُمٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَزِمَ مَعَهُ الْقَضَاءُ إنْ كَانَتْ لَهُ) يَعْنِي: أَنَّ مِنْ لَازِمِ الْكَفَّارَةِ الْقَضَاءَ حَيْثُ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ لِلْمُكَفِّرِ لَا لِغَيْرِهِ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا عَلَى مَا مَرَّ، فَالْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا عَلَى الْمُكَفِّرِ إذْ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُكَفِّرِ لَا لِصَوْمِ رَمَضَانَ

. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْكَفَّارَةِ وَشُرُوطِهَا وَكَانَ قَدْ قَدَّمَ ضَابِطًا لِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا ذَكَرَ لَهُ هُنَا ضَابِطًا بِالْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ:.

(ص) وَالْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ بِمُوجِبِهَا (ش) وَالْمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي التَّطَوُّعِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ هُوَ الْفِطْرُ عَمْدًا بِلَا جَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ عَبَثَ بِنَوَاةٍ فِي فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْضِي فِي النَّفْلِ قَالَهُ تت قَوْلُهُ: فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ نَوَاةٌ أَيْ: غَلَبَةً، وَأَمَّا عَمْدًا فَهُوَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَإِيجَابُهُ الْكَفَّارَةَ فِي هَذَا بِالْغَلَبَةِ كَإِيجَابِهَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيَاكِ بِالْجَوْزَاءِ وَيَرِدُ عَلَى مَنْطُوقِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا مَنْ أَفْطَرَ فِي الْفَرْضِ لِوَجْهٍ كَوَالِدٍ وَشَيْخٍ أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي النَّفْلِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِحَسَبِ مَفْهُومِهِ يُفِيدُ أَنَّ مَا لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَمَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ وَيَقْضِي فِي النَّفْلِ

(ص) وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ وَذُبَابٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْقَيْءَ إذَا غَلَبَ عَلَى الصَّائِمِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ خَرَجَ مُتَغَيِّرًا أَمْ لَا مِنْ عِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءٍ وَتَقَدَّمَ مَفْهُومُ " غَالِبِ " وَكَذَا لَا قَضَاءَ فِي دُخُولِ غَالِبِ ذُبَابٍ وَبَعُوضٍ لِلْمَشَقَّةِ، وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: غَالِبِ قَيْءٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: الْقَيْءِ الْغَالِبِ، وَغَيْرُ الذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ لَيْسَ مِثْلَهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ مِنْ أَنَّ الصَّائِمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُ إلَى حَلْقِهِ فَلَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَأَشْبَهَ رِيقَ الْفَمِ

. (ص) وَغُبَارِ طَرِيقٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ غُبَارَ الطَّرِيقِ إذَا دَخَلَ فِي حَلْقِ الصَّائِمِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.

(ص) ، أَوْ دَقِيقٍ، أَوْ كَيْلٍ، أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ (ش) أَيْ:، وَكَذَلِكَ لَا قَضَاءَ فِي غُبَارِ دَقِيقٍ، أَوْ جِبْسٍ، أَوْ دِبَاغٍ أَوْ كَتَّانٍ لِصَانِعٍ مَا ذَكَرَ، وَإِهْمَالُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَيْدَ الصِّنَاعَةِ فِي الدَّقِيقِ اعْتَرَضَهُ الْمُؤَلِّفُ وَقَوْلُهُ:، أَوْ كَيْلٍ أَيْ: مَكِيلٍ مِنْ جَمِيعِ الْحُبُوبِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ:، أَوْ " جِبْسٍ " مَنْ يَكِيلُهُ وَمَنْ يَطْحَنُهُ وَمَنْ يَرْفَعُهُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ وَهَذَا إنْ خُصَّ قَوْلُهُ:، أَوْ كَيْلٍ بِالْحُبُوبِ كَمَا صَنَعَهُ بَعْضُهُمْ وَإِلَّا فَيَدْخُلُ فِيهِ كَيْلُ الْجِبْسِ.

(ص) وَحُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ وَدُهْنِ جَائِفَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحُقْنَةَ، وَلَوْ بِمَائِعٍ مِنْ الْإِحْلِيلِ: وَالْمُرَادُ بِهِ عَيْنُ الذَّكَرِ لَا قَضَاءَ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَشْمَلُ فَرْجَ الْمَرْأَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُقْنَةِ أَنَّ فِيهَا الْقَضَاءَ مِنْ دُبُرِ، أَوْ فَرْجِ امْرَأَةٍ، وَكَذَالِكَ لَا قَضَاءَ فِي دُهْنِ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِلْ إلَى أَمْعَائِهِ أَيْ: لَمْ يَصِلْ إلَى مَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إذْ لَوْ وَصَلَ لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ

. (ص) وَمَنِيٍّ مُسْتَنْكَحٍ، أَوْ مَذْيٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَنِيَّ الْمُسْتَنْكَحَ أَيْ الْكَثِيرَ، وَالْمَذْيَ الْمُسْتَنْكَحَ أَيْ الْكَثِيرَ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَةُ قَوْلِهِ: وَمَنِيٍّ بِالتَّنْوِينِ أَيْ: وَمَنِيٍّ مُسْتَنْكَحٍ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَبِالْإِضَافَةِ أَيْ وَمَنِيِّ شَخْصٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَالَ الْحَطَّابُ وَلَوْ جَرَى فِي هَذَا مِنْ الْخِلَافِ مَا جَرَى فِي الْحِجَامَةِ مَا بَعُدَ لَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهَا إلَّا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ

(قَوْلُهُ: وَكَانَ قَدْ قَدِمَ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَكُلُّ فِطْرٍ عَمْدًا حَرَامٌ فِي النَّفْلِ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَقَوْلُهُ: مُطَّرِدًا إلَخْ أَيْ: إلَّا إذَا كَانَ الْفِطْرُ بِوَجْهٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ، غَلَبَةً إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ إذْ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَسْأَلَةَ، وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَمْدِ أَيْ: نَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ عَمْدًا وَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ إلَّا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ وَإِيجَابُهُ الْكَفَّارَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا نَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ عَمْدًا فَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ وَلَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَوْلَى فِي النَّفْلِ إذَا كَانَ غَلَبَةً، وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَالْقَضَاءُ فَقَطْ أَيْ: فِي حَالَةِ الْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ وَيَرِدُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: وَلَا يَرِدُ مَسَائِلُ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ مَسَائِلَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ لَا قَضَاءَ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ: وَبَعُوضٍ) أَيْ: النَّامُوسَةِ وَقَوْلُهُ: وَالذُّبَابُ يَطِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ الْبَعُوضُ

(قَوْلُهُ وَغُبَارِ طَرِيقٍ) وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْغُبَارُ، وَأَمَّا غُبَارُ غَيْرِ الطَّرِيقِ فَالْقَضَاءُ فِي دُخُولِهِ فِي حَلْقِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَانْظُرْ إذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ حَائِلٍ عَلَى فِيهِ هَلْ يَلْزَمُ بِوَضْعِهِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَانْظُرْ إذَا اُحْتِيجَ لِكَنْسِ الْبَيْتِ هَلْ يُغْتَفَرُ مَا وَصَلَ لِلْحَلْقِ مِنْ غُبَارٍ، أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: أَوْ دِبَاغٍ، أَوْ كَتَّانٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، أَوْ غُبَارِ دِبَاغٍ، أَوْ كَتَّانٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي عِبَارَةٍ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ طَعْمَ الدِّبَاغِ كَغُبَارِ الدَّقِيقِ اهـ.

فَهَذَا إنْ حُمِلَ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ يُقَدَّرُ: وَطَعْمِ دِبَاغٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي كَتَّانٍ أَيْ: طَعْمِ كَتَّانٍ لِمَنْ يَغْزِلُهُ إلَّا أَنَّ ابْنَ قَدَّاحٍ أَفْتَى بِأَنَّ غَزَّالَةَ الْكَتَّانِ إذَا وَجَدَتْ طَعْمَ مُلُوحَتِهِ فِي حَلْقِهَا بَطَلَ صَوْمُهَا، ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: فِي دُهْنِ الْجَائِفَةِ) الْجَائِفَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: مَا أَفْضَى مِنْ الْجِرَاحَاتِ إلَى الْجَوْفِ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ

(قَوْلُهُ: أَيْ، الْكَثِيرَ) أَيْ: بِأَنْ يَكْثُرَ مَجِيئُهُ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ، أَوْ فِكْرٍ مِنْ غَيْرِ تَتَابُعٍ فَإِنْ قَلَّ مَجِيئُهُ أَوْ تَسَاوَى هُوَ وَعَدَمُهُ فَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَيَقْرَأُ الْمُصَنِّفُ بِكَسْرِ الْكَافِ (قَوْلُهُ: وَبِالْإِضَافَةِ) وَعَلَيْهَا فَالْكَافُ مَفْتُوحَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>