للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْضًا الْأَدَبُ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ سَجْنٍ، أَوْ بِهِمَا، وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا كَزِنًا، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَدَبِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ

. (ص) وَإِطْعَامُ مُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لِمِثْلِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ الْمُتَقَدِّمِ وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي أَحْكَامِ الْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ مُدًّا لِمِسْكِينٍ وَيَأْتِي مَعْنَى التَّفْرِيطِ فَلَوْ أَطْعَمَ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَطْعَمَ مُدًّا وَاحِدًا لِأَكْثَرَ مِنْ مِسْكِينٍ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمُدِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ وَبَيَّنَ.

(ص) إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ (ش) هَذَا شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْإِطْعَامِ الْمُتَقَدِّمِ يَعْنِي: إنَّمَا يَلْزَمُهُ إطْعَامُ قَدْرِ الْمُدِّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ إذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ فِي آخِرِ أَيَّامِ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ، فَإِذَا مَرَّ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ خَالٍ مِنْ الْأَعْذَارِ وَجَبَ الْإِطْعَامُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ فَمَرِضَ، أَوْ سَافَرَ أَوْ نَفِسَتْ، أَوْ حَاضَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إطْعَامٌ، وَلَوْ كَانَ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَيَّامِ مُتَمَكِّنًا لَا عُذْرَ لَهُ.

وَقَوْلُهُ: (لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ صَرَّحَ بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ أَيْ: لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ مِنْ مَبْدَأِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ شَعْبَانَ لَا مِنْ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَا جَمِيعِ شَعْبَانَ (ص) مَعَ الْقَضَاءِ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ أَيْ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي إطْعَامِ مُدِّهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ مَعَ الْقَضَاءِ فَكُلَّمَا أَخَذَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ أَطْعَمَ فِيهِ، أَوْ أَطْعَمَ بَعْدَهُ هَذَا، وَقَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ فَيُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُفَرَّقُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمُضِيِّ رَمَضَانَ، الثَّانِي وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ فَرَّقَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ، وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ

(ص) وَمَنْذُورُهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الصَّوْمِ، أَوْ الْمُكَلَّفِ أَيْ: وَلَزِمَ الْمُكَلَّفَ الْوَفَاءُ بِمَنْذُورِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ مِنْ صَوْمٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعَلَى كُلٍّ فَهَذِهِ تَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا.

(ص) وَالْأَكْثَرُ إنْ احْتَمَلَهُ لَفْظُهُ بِلَا نِيَّةٍ (ش) أَيْ: وَيَجِبُ الْأَكْثَرُ احْتِيَاطًا إنْ احْتَمَلَ لَفْظُهُ الْأَكْثَرَ وَالْأَقَلَّ بِلَا نِيَّةٍ لِشَيْءٍ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا وَمَثَّلَ لِمَا يَحْتَمِلُ الْكَثِيرَ وَالْقَلِيلَ بِقَوْلِهِ: (كَشَهْرٍ فَثَلَاثِينَ إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ) فَإِذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ الصَّادِقِ بِثَلَاثِينَ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَيَصُومُ ثَلَاثِينَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَمَّا لَوْ بَدَأَ بِالْهِلَالِ لَزِمَهُ تَمَامُهُ كَامِلًا، أَوْ نَاقِصًا اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: فَثَلَاثِينَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ ثَلَاثُونَ أَيْ: فَاللَّازِمُ ثَلَاثُونَ وَعُورِضَ مَا هُنَا بِمَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَجْزَأَتْهُ شَاةٌ، وَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنْ تَلْزَمَهُ بَدَنَةٌ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهْرِ ثَلَاثُونَ، وَأَمَّا الْهَدْيُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: يُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَدَبِ) إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ رَجْمٍ فَيُقَدَّمُ الْحَدُّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ جُلِدَ لِلْخَمْرِ ثَمَانِينَ، ثُمَّ يُضْرَبُ لِلْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ يَعْنِي: لِلْإِفْطَارِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ رَجْمًا قُدِّمَ الْأَدَبُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: لِمُفَرِّطٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ: وَجَبَ الْإِطْعَامُ عَلَى مُفَرِّطٍ وَاللَّامُ فِي لِمِثْلِهِ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ مُرْتَبِطٌ بِمُفَرِّطٍ وَالتَّقْدِيرُ: لِمُفَرِّطٍ تَفْرِيطًا مُنْتَهِيًا فِيهِ إلَى دُخُولِ مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ أَوْ بِوَجَبَ، وَكُلُّ لِلْجَمِيعِ أَيْ: عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْأَيَّامِ وَقَوْلُهُ: لِمِسْكِينٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِمُدٍّ مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ وَمَلْحُوظٌ فِيهِ إضَافَتُهُ لِمُدٍّ وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِيهًا كَانَ التَّفْرِيطُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَنَاسِي الْقَضَاءِ لَا الْمُكْرَهِ عَلَى تَرْكِهِ وَالْجَاهِلِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى رَمَضَانَ التَّالِي لَهُ فَلَيْسَا بِمُفَرِّطَيْنِ، كَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْرِيطَ الْمُوجِبَ لِلْإِطْعَامِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيهِ لِشَعْبَانَ الْوَاقِعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِي سَنَةَ رَمَضَانَ الْمَقْضِيِّ خَاصَّةً فَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ لَا إطْعَامَ وَلَوْ فَرَّطَ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَطْعَمَ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ) أَيْ: فَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ كَانَ أَعْطَاهُ كُلَّ وَاحِدٍ فِي يَوْمِهِ حَيْثُ كَانَ التَّفْرِيطُ بِعَامٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ بِالْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ مَا كَانَ التَّفْرِيطُ عَنْ عَامٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ عَنْ عَامَيْنِ جَازَ وَكَذَا إنْ تَغَايَرَ السَّبَبُ كَمُرْضِعٍ أَفْطَرَتْ وَفَرَّطَتْ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَالْمُرْضِعُ تُطْعِمُ دُونَ الْحَامِلِ، وَالْحَامِلُ مَرِيضَةٌ مَا دَامَتْ حَامِلًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ لِرَمَضَانَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ اُنْظُرْ فِيمَنْ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ هَلْ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ أَيْ: لِيَوْمٍ أَمْ لَا؟ ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفِسَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إلَخْ) أَيْ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمَّ وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَّقَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ) أَيْ: وَبَعْدَ وُجُوبِهَا كَمَا قَالَ عج فَإِنَّهُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا وَوُجُوبُهَا يَحْصُلُ بِدُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ مَا يَفْعَلُ فِيهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ

(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) حَالٌ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ لَفْظِهِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ النِّيَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ نِصْفَ شَهْرٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ نَذَرَهُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ كَمَّلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ جَاءَ الشَّهْرُ نَاقِصًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ نِصْفِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>