فَلَمْ يَتَقَرَّرْ فِيهِ أَصْلٌ فَأَجْزَأَ أَدْنَاهُ وَبِأَنَّ الْمَالَ يَشُقُّ فَلَزِمَهُ الْأَقَلُّ وَلِذَا لَزِمَ مَنْ قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُلُثُ مَالِهِ تَخْفِيفًا
. (ص) وَابْتِدَا سَنَةٍ وَقَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي سَنَةٍ (ش) يَصِحُّ قِرَاءَةُ ابْتِدَا فِعْلًا أَوْ اسْمًا وَهُوَ الْأَوْلَى لِتُنَاسِبَ الْمَعْطُوفَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ الِاسْتِئْنَافُ وَالِاسْتِقْبَالُ لَا الشُّرُوعُ مِنْ حِينِ النَّذْرِ، أَوْ الْحِنْثِ أَيْ: وَاسْتَأْنَفَ وَاسْتَقْبَلَ سَنَةً أَيْ: عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ سَنَةً كَامِلَةً فِي قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ، أَوْ إنْ فَعَلْت، أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ وَحَنِثَ وَلَا يَجْتَزِئُ بِبَاقِيهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ أَيَّامَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَرَمَضَانَ، وَفِي إطْلَاقِ الْقَضَاءِ تَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لَيْسَتْ أَيَّامًا بِعَيْنِهَا فَاتَتْ تُقْضَى إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ فِي الذِّمَّةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَنَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ، أَوْ مِنْ حِينِ حِنْثِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا، وَقَوْلُنَا: " وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ " يَشْمَلُ رَابِعَ النَّحْرِ وَهُوَ مَا فِي الشَّارِحِ وتت وَالْحَطَّابِ مَعَ أَنَّ صَوْمَهُ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِ النَّاذِرِ وَلَازِمٌ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَصُومُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْهَا وَذَكَرَ عَنْ الْمُخْتَصَرِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَالشَّارِحُ وتت فِي أَنَّهُ لَا يَصُومُ الرَّابِعَ وَيَقْضِيهِ، قَالَ الْمَوَّاقُ: وَهَذَا بَيِّنٌ وَلَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَامُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(ص) إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا أَوْ يَقُولَ: هَذِهِ وَيَنْوِيَ بَاقِيَهَا فَهُوَ وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا كَسَنَةِ ثَمَانِينَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَهَا مِنْ حَيْثُ نَذْرُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ كَيَوْمِ الْعِيدِ وَتَالِيَيْهِ، وَكَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمَا مَضَى مِنْهَا فِي مَرَضِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ قَضَاءَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَلَا مَا مَضَى إذَا أَشَارَ إلَى سَنَةٍ بِأَنْ يَقُولَ: هَذِهِ السَّنَةُ وَقَدْ مَضَى بَعْضُهَا حَيْثُ نَوَى بَاقِيَهَا فَقَوْلُهُ: فَهُوَ وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْوِي بَاقِيَهَا رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ فَهُوَ بِالْوَاوِ وَلَا بِأَوْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ: فَاللَّازِمُ لَهُ حَيْثُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ وَسَمَّاهَا، أَوْ قَالَ: هَذِهِ وَنَوَى بَاقِيَهَا صَوْمَ مَا بَقِيَ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ ثُمَّ إنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي هَاتَيْنِ صَوْمُ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ مَنْذُورٌ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِاسْتِثْنَاءِ دَلَالَةُ مَفْهُومٍ وَدَلَالَةُ مَنْطُوقٍ أَقْوَى، وَقَوْلُهُ: (بِخِلَافِ فِطْرَةٍ لِسَفَرٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ أَيْ: وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا يَصِحُّ كَفِطْرِهِ لِسَفَرٍ أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ إكْرَاهٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ
. (ص) وَصَبِيحَةُ الْقُدُومِ فِي يَوْمِ قُدُومِهِ إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ (ش) هَذَا أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ وَمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ وَوَجَبَ صِيَامُ صَبِيحَةِ الْقُدُومِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يُصَامُ شَرْعًا كَحَيْضٍ، أَوْ مَا تَعَيَّنَ لِغَيْرِ النَّذْرِ كَرَمَضَانَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَلَا) إلَى أَنَّهُ إنْ قَدِمَ نَهَارًا، أَوْ لَيْلَةً لَا يُصَامُ صَبِيحَتُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَسَوَاءٌ فِي الثَّانِيَةِ نَذَرَ يَوْمَ الْقُدُومِ فَقَطْ، أَوْ نَذَرَهُ أَبَدًا أَشْهَبُ لَوْ نَذَرَ يَوْمَ قُدُومِهِ أَبَدًا لَزِمَهُ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ يَوْمًا لَا يَحِلُّ صَوْمُهُ فَلَا يَصُومُهُ وَلَا يَقْضِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ أَبَدًا فَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا، أَوْ لَيْلَةً لَا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ صَبِيحَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمِ الْقُدُومِ فِيهِمَا، لَكِنْ يَلْزَمُهُ صَوْمُ مَا مَاثَلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَبَدًا فِيمَا إذَا قَدِمَ نَهَارًا، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: " عِيدٍ " لَوْ قَالَ: " عُذْرٍ " كَانَ أَوْلَى أَيْ: إنْ قَدِمَ لَيْلَةَ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَابْتِدَا سَنَةٍ) أَيْ: وَمَا صَامَهُ بِالْأَهِلَّةِ احْتَسَبَ بِهِ وَيُكْمِلُ مَا انْكَسَرَ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ أَيَّامَ الْعِيدَيْنِ إلَخْ) وَكَذَا يَقْضِي عَنْ نَذْرِهِ مَا وَجَبَ صَوْمُهُ مِنْهَا بِالنَّذْرِ كَمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا يَصُومُ الرَّابِعَ) مَعَ صِحَّتِهِ إنْ لَوْ صَامَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَيِّنٌ) ؛ لِأَنَّهَا سَنَةٌ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَصَارَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ لَمْ يَنْذِرْهُ بِعَيْنِهِ وَلَا دَخَلَ فِي ضِمْنِ نَذْرِهِ لِكَوْنِ السَّنَةِ مُبْهَمَةً وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت، وَبَعْضُ شُيُوخِنَا اعْتَمَدَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَقَضَى مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَالرَّابِعُ يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ صِحَّةً كَامِلَةً (قَوْلُهُ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَامُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ صَوْمُهُ تَنَاوَلَهُ النَّذْرُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادٍ وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي بَاقِيَهَا) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَاقِيَ فَيَكُونُ كَنَذْرِ سَنَةٍ مُبْهَمَةٍ (قَوْلُهُ وَكَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) وَكَذَلِكَ مَا وَجَبَ كَرَمَضَانَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ) أَيْ: أَوَّلِهَا
. (قَوْلُهُ: إنْ قَدَّمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ) فَلَوْ قَدَّمَ لَيْلَةَ حَيْضٍ فَلَا يَلْزَمُ النَّاذِرَةَ صِيَامٌ فَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَكَانَتْ نَذَرَتْهُ دَوَامًا وَأَصْبَحَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَائِضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْأَيَّامُ الْخَالِيَةُ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَا مَاثَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلَةً لَا تُصَامُ صَبِيحَتُهَا فَإِذَا كَانَ لَيْلَةَ عِيدٍ وَكَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ فَالْمُرَادُ بِالْمُمَاثِلِ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا لَا يَوْمُ عِيدٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، ثُمَّ وَجَدْته عَنْ سَنَدٍ فَقَالَ وَلَوْ قَدَّمَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَهِيَ لَيْلَةُ عِيدٍ فَلَا يَصُومُ صَبِيحَتَهَا وَلَا كُلَّ اثْنَيْنِ يُوَافِقُ مَا لَا يَحِلُّ مِمَّا يُسْتَقْبَلُ وَلَا يَقْضِيهِ اهـ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا إذَا قَدَّمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ مِمَّا إذَا قَدَّمَ لَيْلَةَ عِيدٍ أَنَّ لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّةِ صَوْمِ صَبِيحَتِهَا فَلِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا قَابَلَ يَوْمَ الْعِيدِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ نَهَارًا، فَعَدَمُ صِحَّةِ صَوْمِهِ إنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ وَقْتِ النِّيَّةِ فَلِذَا يَلْزَمُهُ مَا مَاثَلَ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ حَيْضٍ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْيَوْمَ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ الْحَيْضُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute