للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ يَفْعَلُهُ بِمَوْضِعِهِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ ح.

، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ الِاعْتِكَافِ وَأَرْكَانِهِ وَمُفْسِدَاتِهِ شَرَعَ فِي مَكْرُوهَاتِهِ، ثُمَّ جَائِزَاتِهِ ثُمَّ مَنْدُوبَاتِهِ فَقَالَ: (ص) وَكُرِهَ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَأْكُلَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْ: بَيْنَ يَدَيْهِ، بَلْ يَأْكُلُ فِيهِ، أَوْ فِي رِحَابِهِ، أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ قَالَهُ الْبَاجِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَشْيٌ فِي غَيْرِ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ.

(ص) وَاعْتِكَافُهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْتَكِفَ غَيْرَ مَكْفِيٍّ حَتَّى لَا يَخْرُجَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ (ص) وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ، وَإِنْ لِغَائِطٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ السَّاكِنَ فِيهِ أَيْ: الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ: الْبَوْلِ، أَوْ الْغَائِطِ مَخَافَةَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِمَا عَنْ اعْتِكَافِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَالِيًا عَنْ أَهْلِهِ أَوْ كَانَ أَهْلُهُ فِي عُلُوِّ الْمَنْزِلِ وَدَخَلَ هُوَ فِي أَسْفَلِهِ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ زَوْجَتُهُ، وَلَا يُنَافِي تَعْلِيلَ الْكَرَاهَةِ بِمَا ذُكِرَ: جَوَازُ مَجِيءِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ وَأَكْلِهَا مَعَهُ وَحَدِيثِهَا؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَازِعٌ، وَلَا وَازِعَ فِي الْمَنْزِلِ.

(ص) وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وَكِتَابَتِهِ وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْعِلْمِ تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْكِتَابَةِ وَلَوْ مُصْحَفًا وَهَذَا فِي الْكَثِيرِ، أَمَّا الْيَسِيرُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى التَّرْكُ وَبَالَغَ عَلَى الْمُصْحَفِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ كِتَابَتَهُ كَتِلَاوَتِهِ، وَالْوَاوُ فِي وَكِتَابَتِهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا لَمْ يَجِبْ عَيْنًا فَإِنْ قُلْت الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فَلِمَ كُرِهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاسْتُحِبَّ فِيهِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ؟ قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالنَّافِلَةِ مِنْ رِيَاضَةِ النَّفْسِ وَخُلُوصِهَا مِنْ صِفَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ غَالِبًا الْمَطْلُوبَيْنِ فِي الِاعْتِكَافِ مَا لَا يَحْصُلُ بِالْعِلْمِ، وَقَيْدُ الْكَثْرَةِ يَرْجِعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي كِتَابَتِهِ لِلْمُعْتَكِفِ بِقَرِينَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَلَوْ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعِلْمِ مَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ لَا لِمَفْعُولِهِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى قَانُونِ عِبَادَةِ الْمُعْتَكِفِ وَكَرَاهَةِ غَيْرِهَا بِمَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَفِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنْ يُكْرَهَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَفْعَلَ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ اشْتِغَالٍ بِعِلْمٍ وَكِتَابَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالذِّكْرُ يَشْمَلُ: التَّسْبِيحَ، وَالتَّهْلِيلَ، وَالدُّعَاءَ، وَالتَّفَكُّرَ فِي آيَاتِ اللَّهِ، وَفِي مَعْنَى الصَّلَاةِ الطَّوَافُ لِمَنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَدُخُولُ الْكَعْبَةِ فَقَوْلُ تت إنَّ الطَّوَافَ يَدْخُلُ فِي الذِّكْرِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا إنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ الْحُكْمِ، فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُؤَلِّفِ بِالْكَرَاهَةِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَحَرُمَ فِعْلُ غَيْرِهَا، وَقَدْ حُكِمَ بِكَرَاهَتِهِ، وَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا جَائِزًا لَكَانَ فِعْلُ مُقَابِلِهَا كَذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اسْتِحْبَابُ فِعْلِهَا،.

ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ كَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَشْيَاخِ عَجَّ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِفِعْلِهِ بِمَوْضِعِهِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ قَوْلَيْنِ كَمَا عِنْدَ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ فَإِنْ قُلْت: لِمَ جَرَى الْقَوْلَانِ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ دُونَ الصَّوْمِ؟ قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ فِي الْخُطَى لِلْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ الْحَسَنَاتُ، وَالِاعْتِكَافُ مُحْتَوٍ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ: فَلَمْ يَكُنْ الصَّوْمُ مِثْلَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَأْكُلُ فِيهِ، أَوْ فِي رِحَابِهِ) الْمُرَادُ بِالرِّحَابِ الصَّحْنُ لَا الرَّحْبَةُ الْمَعْلُومَةُ وَإِلَّا فَهِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ ك (قَوْلُهُ:، أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ) فِي ك وَإِنَّمَا طَلَبَ بِغَلْقِ الْمَنَارَةِ عَلَيْهِ زِيَادَةً فِي السِّتْرِ وَحَسْمًا أَنْ يَتَشَاغَلَ مَعَ مَنْ يَأْتِي بِالتَّحَدُّثِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ) أَيْ: عَمَّا يُكْرَهُ الْأَكْلُ فِيهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَكْرُوهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكُرِهَ أَكْلُهُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ لَسَلِمَ مِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ لِشُمُولِهِ لِلْأَكْلِ خَارِجَ الْفِنَاءِ أَيْضًا أَيْ: مَعَ أَنَّ الْأَكْلَ خَارِجَ الْفِنَاءِ مَمْنُوعٌ لِإِبْطَالِ الِاعْتِكَافِ، وَالشُّرْبُ مِثْلُ الْأَكْلِ فِي الْكَرَاهَةِ، وَظَاهِرُ النَّصِّ كَالْمُصَنَّفِ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ، وَلَوْ خَفَّ

(قَوْلُهُ وَاعْتِكَافُهُ غَيْرُ مُكَفَّى) فَإِنْ اعْتَكَفَ غَيْرَ مُكَفَّى جَازَ خُرُوجُهُ لِشِرَاءِ طَعَامِهِ وَلَا يَقِفُ يُحَدِّثُ أَحَدًا وَلَا لِطَلَبِ حَدٍّ وَلَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ شَيْئًا لِئَلَّا يَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ وَحُرْمَةِ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَيُسْتَحَبُّ شِرَاؤُهُ مِنْ أَقْرَبِ الْأَسْوَاقِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ الْخُرُوجَ لِحَاجَتِهِ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ بِعِوَضٍ لَا يَشُقُّ مِثْلُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ) الْقَرِيبَ وَبِهِ أَهْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُكْرَهْ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ زَوْجَتُهُ) أَيْ: أَوْ سُرِّيَّتُهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَازِعٌ) أَيْ: مَانِعٌ مِنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ وَلَا وَازِعَ فِي الْمَنْزِلِ اهـ. ثُمَّ إنَّهُ إذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَلَا يُجَاوِزُ الْقَرِيبَ الْمُمْكِنَ فِعْلُهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ.

(قَوْلُهُ: وَكِتَابَتِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ؛ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ لِمَعَاشِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَثُرَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: الْمُصْحَفُ لَا يَكُونُ إلَّا كَثِيرًا فَمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ (قُلْت) : الْمُصْحَفُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أُصْحِفَتْ إذَا جُمِعَتْ الصُّحُفُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَيَصْدُقُ حِينَئِذٍ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الثَّلَاثَةِ وَاجِبًا وَفِعْلُ غَيْرِهَا مَكْرُوهًا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا جَائِزًا لَكَانَ فِعْلُ مُقَابِلِهَا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ فِعْلِهَا جَائِزًا أَنْ يَكُونَ فِعْلُ غَيْرِهَا كَذَلِكَ إذْ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا أَيْ: أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِهَا بِقَيْدِ الْخُصُوصِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْبَحْثُ مُتَوَجِّهٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا قَالَهُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّنِّيَّةَ فَتَدَبَّرْ.

وَقَالَ فِي ك: قَالَ بَعْضٌ: وَلَا يُعْلَمُ عَيْنُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَلْ هُوَ الْوُجُوبُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلْيُقْبِلْ عَلَى شَأْنِهِ، وَقَوْلُ: اللَّخْمِيِّ فَعَلَى مَنْ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ ذَلِكَ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَا يَدَعُ ذَلِكَ إلَّا غَلَبَةً، أَوْ الِاسْتِحْبَابَ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ يَنْبَغِي لَهُ التَّشَاغُلُ بِالذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>