فَبِاللَّفْظِ أَيْ: فَبِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا يُوهِمُ عَدَمَ اللُّزُومِ مُطْلَقًا أَيْ: فِي يَوْمِ الدُّخُولِ وَفِي غَيْرِهِ قَالَ: وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ تَأْوِيلَانِ فَهُمَا فِي الْجَوَازِ الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ أَيْ: هَلْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَهُ أَمْ لَا؟ ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا، وَمَا ذَكَرَهُ ق مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلِمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ تَبِعَ فِيهِ ح وَالشَّارِحُ مَعَ أَنَّ سَنَدًا حَكَى الِاتِّفَاقَ فِيمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ زَادَ هـ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلَّفِ عَلَيْهِ.
(ص) وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَاذِرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ يَوْمٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَزِمَ يَوْمٌ أَيْ: وَلَزِمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِسَاحِلٍ أَيْ: بِثَغْرٍ مِنْ الْأَثْغَارِ كَعَسْقَلَانَ وَدِمْيَاطَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَا ذَكَرَ سَاحِلًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ يَكُونَ الثَّغْرُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَأَحْرَى فِي اللُّزُومِ الْإِتْيَانُ إلَى أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِنَذْرِ صَوْمٍ بِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي نَذَرَ فِعْلَهُ بِهَا فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا، وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَالشَّاذِلِيُّ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ وَتَحْقِيقِ الْمَبَانِي.
. (ص) وَالْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ لِنَاذِرِ عُكُوفٍ بِهَا (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى سَاحِلٍ الْمَجْرُورِ أَيْ: وَلَزِمَ إتْيَانُ الْمَسَاجِدِ إلَخْ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَاصٌّ بِهَا لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا فَلَا يَأْتِي السَّوَاحِلَ لِنَذْرِ عُكُوفٍ، وَيَعْتَكِفُ بِمَوْضِعِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَبِمَوْضِعِهِ) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَمْنَعُ الْجِهَادَ وَالْحَرْسَ، وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لُزُومُ الْإِتْيَانِ لِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِلِاعْتِكَافِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ كَمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَنَذَرَ الِاعْتِكَافَ بِمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَوْ مَكَّةَ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْتِيَ مِنْ الْفَاضِلِ إلَى الْمَفْضُولِ كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي نَاذِرِ الصَّلَاةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْذُورَ إمَّا صَوْمٌ، أَوْ صَلَاةٌ، أَوْ اعْتِكَافٌ، وَالْمَحَلُّ الَّذِي عَيَّنَهُ لِفِعْلِهَا فِيهِ إمَّا أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَإِمَّا سَاحِلٌ مِنْ السَّوَاحِلِ، وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا نَذَرَ فِعْلَهُ فِيهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النَّذْرِ أَفْضَلُ فَيَفْعَلُهُ بِمَحَلِّ النَّذْرِ، أَوْ يَفْعَلُهُ فِيمَا نَذَرَ فِعْلُهُ فِيهِ.
وَلَوْ كَانَ مَحَلُّ النَّذْرِ أَفْضَلُ خِلَافٌ يَأْتِي فِي مَبْحَثِ النَّذْرِ، وَإِنْ كَانَ سَاحِلًا لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَا الِاعْتِكَافَ فَيَفْعَلُهُ بِمَوْضِعِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَا ذَكَرَ فَإِنْ بَعُدَ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا نَذَرَهُ مِنْهَا بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ، وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا، فَإِنْ كَانَ الْمَنْذُورُ اعْتِكَافًا، أَوْ صَلَاةً فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ صَوْمًا فَهَلْ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَالَ اللَّقَانِيِّ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ الظُّهْرَ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ ذَكَرَ عج أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَشَبَّثْ بِعَمَلٍ يُبْطِلُ عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا فِي الْجُوَارِ الْمُقَيَّدِ) أَيْ: بِلَيْلٍ فَقَطْ أَوْ بِنَهَارٍ فَقَطْ لَكِنْ بِالنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، وَأَمَّا مَا لَفَظَ فِيهِ بِالنَّذْرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُكْثُهُ اتِّفَاقًا لَكِنْ نَهَارًا فَقَطْ إنْ قَيَّدَ بِالنَّهَارِ فَقَطْ وَلَيْلًا فَقَطْ أَنْ قَيَّدَ بِاللَّيْلِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ نَاوِيَ الْجُوَارِ الْمُقَيَّدِ لَا يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ، وَفِي يَوْمِ الدُّخُولِ تَأْوِيلَانِ وَمَحَلُّهُمَا كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ حَيْثُ نَوَى أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً وَهَذَا بِخِلَافِ نَاوِي الِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْمُعْتَكَفِ.
وَأَمَّا إنْ دَخَلَ فَيَلْزَمُهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَمَنْوِيُّهُ لَكِنْ يَلْزَمُ التَّتَابُعُ إنْ نَوَاهُ، أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فَالِاعْتِكَافُ الْمَنْوِيُّ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ، وَأَمَّا الْجُوَارُ الْمُقَيَّدُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ حَتَّى يَتَلَفَّظَ إلَّا يَوْمَ الدُّخُولِ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهُ لِدُخُولِ الْمُعْتَكَفِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْبِهْ الِاعْتِكَافَ؟ .
(قَوْلُهُ: دِمْيَاطَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَحُكِيَ إعْجَامُهَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي اللُّبِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَمَّى مَا ذَكَرَ سَاحِلًا إلَخْ) السَّاحِلُ فِي الْأَصْلِ شَاطِئُ الْبَحْرِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ الْبَحْرُ رَمْلَهُ أَيْ: فَأَرَادَ بِهِ هُنَا الثَّغْرَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِ بِاسْمِ الْمَحَلِّ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَقْلُوبٌ وَإِنَّمَا الْمَاءُ سَحَلَهُ أَيْ: فَقِيَاسُهُ مَسْحُولٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُصَنِّفِ وَفَسَّرَ تت الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي هُوَ بِهِ أَفْضَلُ كَنَاذِرِهِ بِأَحَدِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ، أَوْ إيلِيَاءُ، أَوْ مَكَّةُ، أَوْ الَّذِي نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَيْهِ أَفْضَلُ.
(فَائِدَةٌ) هَلْ يَحْصُلُ فَضْلُ الرِّبَاطِ لِمَنْ يَسْكُنُ فِي الثُّغُورِ بِأَهْلِهِ، أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ بِنِيَّةِ الرِّبَاطِ؟ هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهَلْ الرِّبَاطُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ، أَوْ الْعَكْسُ؟ قَوْلَانِ
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي نَاذِرِ الصَّلَاةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النَّذْرِ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ: وَمَشَى لِلْمَدِينَةِ، أَوْ إيلِيَاءَ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا فَيَرْكَبُ وَهَلْ، وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهِمَا، أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ خِلَافٌ، فَالشَّارِحُ بَهْرَامُ أَجْرَى أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ هُنَا أَيْ: فِي الِاعْتِكَافِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يُجْرِي الْخِلَافَ فِي الثَّلَاثَةِ: الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالِاعْتِكَافِ فَكَأَنَّهُ رَأَى الْبَابَ وَاحِدًا فَقَاسَ الِاعْتِكَافَ وَالصَّوْمَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا نَذَرَ فِعْلَهُ فِيهِ) أَيْ: مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ صَلَاةً، أَوْ صِيَامًا، أَوْ اعْتِكَافًا وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَا ذَكَرَ أَيْ: غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالسَّوَاحِلِ (قَوْلُهُ بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ) أَيْ: مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ صَوْمًا، أَوْ صَلَاةً فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ قَوْلَانِ) أَيْ: هَلْ يَذْهَبُ بِفِعْلِهِ فِيهِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ مَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ حِينَ النَّذْرِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ فِي سَاحِلٍ مِنْ السَّوَاحِلِ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِي مَحَلِّهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ النَّذْرِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْذُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ كَذَلِكَ؟)