للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَفْعَلَ شَيْئًا يُفْسِدُ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَلِذَا كُرِهَ الطِّيبُ لِلصَّائِمِ فَقَطْ، وَيَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَيْضًا أَنْ يُنْكِحَ بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ: يُزَوِّجَ وَلِيَّتَهُ مَحْجُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَحْجُورَةٍ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ، بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ: يَتَزَوَّجَ هُوَ بِأَنْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ (بِمَجْلِسِهِ) مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ، وَلَا طُولٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِمَجْلِسِهِ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ كُرِهَ وَإِنْ كَانَ خَارِجَهُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ.

(ص) وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفْرًا أَوْ شَارِبًا (ش) الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الْإِزَالَةُ وَالْكَافُ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى جُمُعَةٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ إذَا خَرَجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ، أَوْ لِغُسْلِ الْعِيدَيْنِ، أَوْ لِحَرٍّ أَصَابَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ، أَوْ عَانَتِهِ، وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ، أَوْ شَارِبَهُ أَوْ يَنْتِفَ إبْطَهُ، أَوْ يَسْتَاكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَا دَاخِلَهُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي ثَوْبِهِ وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَحْرُمُ حِجَامَتُهُ وَفَصَادَتُهُ فِيهِ كَمَا لَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ فِيهِ فَإِنْ اُضْطُرَّ لِلْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ خَرَجَ، فَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَمَنْ أَبْطَلَ اعْتِكَافَهُ بِكُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَبْطَلَهُ بِهَذَا، وَمَنْ رَاعَى كَوْنَ الذَّنْبِ كَبِيرَةً فَلَا قَالَهُ سَنَدٌ (ص) وَانْتِظَارُهُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفَهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزَاتِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا خَرَجَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ مِنْ جَنَابَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ غَسْلَهُ وَتَجْفِيفَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبٌ غَيْرُهُ، وَلَا وَجَدَ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مِنْ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ فَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فِيهَا وَلَا يَنْتَظِرُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفَهُ أَيْ: يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِيمَنْ لَهُ غَيْرُهُ (ص) وَنُدِبَ إعْدَادُ ثَوْبٍ وَمُكْثُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَعُدَّ ثَوْبًا آخَرَ يَأْخُذُهُ إذَا أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ، وَكَذَلِكَ يُنْدَبُ لِمَنْ كَانَ آخِرُ اعْتِكَافِهِ غُرُوبَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ مُكْثَ لَيْلَةِ الْعِيدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُكْثُ؟ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا عِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصُومُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَنُدِبَ إعْدَادُ ثَوْبٍ آخَرَ لَكَانَ أَوْلَى إذْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ إعْدَادُ ثَوْبٍ لِلِاعْتِكَافِ وَأَنَّهُ لَا يَعْتَكِفُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا جَلَّيْنَا عَلَيْهِ أَوَّلًا.

(ص) وَدُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَنْ يَدْخُلَ مُعْتَكَفَهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي

ــ

[حاشية العدوي]

وَمُقَابِلُهُ مَا لِحَمْدِيسٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَطَيَّبُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا كُرِهَ الطِّيبُ لِلصَّائِمِ) ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ هَيَجَانٌ وَثَوَرَانٌ لِلشَّهْوَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ، وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَطَيَّبَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعْتَكِفَةِ فَقَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ: لَا يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفَةِ أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَلْبَسَ الْحُلِيَّ وَذَكَرَ أَنَّهَا لَا تَتَطَيَّبُ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ تَتَطَيَّبُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُزَوِّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ) وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِهِ: وَفِعْلِ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ وَلَا طُولٍ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ وَجَدَ انْتِقَالَ أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ طَوَّلَ بِدُونِ انْتِقَالٍ كُرِهَ فَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بِمَجْلِسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ ذَلِكَ لِلْمُعْتَكِفِ وَمَنْعِهِ لِلْمُحْرِمِ أَنَّ مَفْسَدَةَ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ، أَوْ بِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُهُ لَهُمَا خَرَجَ الْمُحْرِمُ بِالْحَدِيثِ، أَوْ أَنَّ مَعَ الْمُعْتَكِفِ وَازِعًا وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْمَسْجِدُ أَوْ أَنَّ الْمُحْرِمَ بَعِيدٌ عَنْ الْأَهْلِ بِالسَّفَرِ غَالِبًا فَعِنْدَهُ شِدَّةُ الشَّوْقِ وَالتَّفَكُّرِ.

(قَوْلُهُ: لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْغُسْلِ لَهَا، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ فِي الْمَسْجِدِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ، أَوْ عَانَتِهِ) كَذَا فِي ك إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حَلْقُ الرَّأْسِ إذَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إخْرَاجُ رَأْسِهِ لِمَنْ يَحْلِقُهُ جَازَ وَهَذَا الْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ حِجَامَتُهُ وَفِصَادَتُهُ) عِبَارَةُ الْحَطَّابِ قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحِجَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا الْفِصَادَةُ، وَإِنْ جَمَعَهُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ خَرَجَ إلَى آخِرِ مَا فِي شَارِحِنَا فَمَا ذَكَرَهُ حِكَايَةً بِالْمَعْنَى، وَعِبَارَةُ شب وَتَحْرِيمُ حِجَامَتِهِ وَفَصَادَتِهِ، وَلَوْ أَخَذَ الدَّمَ فِي إنَاءٍ مَثَلًا وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ لَكِنْ قَالَ اللَّقَانِيِّ فِعْلُ الْحِجَامَةِ وَالْفَصَادَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَأَمَّا الدَّمُ فَيَجِبُ طَرْحُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مَكَثَ بِنَجَسٍ وَمَا نَقَلَهُ التَّتَّائِيُّ عَنْ سَنَدٍ غَيْرُ مُحَرَّرٍ اهـ (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت نَصَّ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ لِذَلِكَ حَيْثُ اُضْطُرَّ لَا يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِكَوْنِهِ يُخْرِجُ رَأْسَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَيَحْجُمُهُ، بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ،، وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ لِاحْتِمَالِ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلِذَلِكَ قَالَ يَخْرُجُ.

(تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إذَا خَرَجَ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِمُجَرَّدِ قَصِّ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ، أَوْ يُدْنِي رَأْسَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُصْلِحُهُ (قَوْلُهُ: وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ) أَيْ: عِنْدَ مَنْ يَغْسِلُهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبٌ غَيْرُهُ) فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَنِيبُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ اهـ مِنْ شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ كَانَ آخِرُ اعْتِكَافِهِ غُرُوبَ آخِرِ يَوْمٍ) ظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ قَصْرُ النَّدْبِ عَلَى عِيدِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَا عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ.

(تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْعِيدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اعْتِكَافُهُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ، أَوْ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ مَثَلًا لَمْ يُنْدَبْ لَهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَخْرُجُ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ آخِرَ أَيَّامِ اعْتِكَافِهِ قَالَهُ تت

(قَوْلُهُ: وَدُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ مِنْهَا ابْتِدَاءَ اعْتِكَافِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ فِي اعْتِكَافٍ مَنْوِيٍّ، وَلَوْ يَوْمًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ اهـ (قُلْت) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا دَخَلَ مَعَ الْغُرُوبِ قِيَاسًا عَلَى صُورَةِ اللُّزُومِ كَمَا يَتَبَيَّنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>