للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ (ش) قَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَصِحَّتُهُمَا بِالْإِسْلَامِ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ فَلَا يَجِبُ عَلَى عَبْدٍ، وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ، وَلَوْ قَلَّ جُزْؤُهُ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا عَلَى صَبِيٍّ، وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَمَجْنُونٍ وَضَعِيفِ عَقْلٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَعْتُوهِ فِي كَلَامِ بَعْضٍ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ فَرْضًا، وَلَوْ نَوَوْهُ نَعَمْ يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَقَوْلُهُ: (وَقْتَ إحْرَامِهِ) وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِرِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَقْتَهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ الْفَرْضُ، وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ كُلِّفَ الصَّبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَصَحَّ نَفْلًا، وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا، وَلَا يُرْتَفَضُ إحْرَامُهُ وَلَا يُجْزِيهِمْ إرْدَافُ إحْرَامٍ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: (بِلَا نِيَّة نَفْلٍ) قَالَ بَعْضٌ حَالٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِمَّاذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ الْمُضَافِ أَيْ إحْرَامٍ أَيْ: شَرْطُ وُقُوعِ الْحَجِّ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ خَالِيًا مِنْ نِيَّةِ نَفْلٍ بِأَنْ نَوَى الْفَرْضَ، أَوْ الْحَجَّ، أَوْ أَطْلَقَ، وَيَنْصَرِفُ لِلْفَرْضِ قَالَهُ سَنَدٌ فَلَوْ نَوَى النَّفَلَ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْفَرْضِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَيُكْرَهُ تَقَدُّمُ النَّفْلِ، وَكَذَا النَّذْرُ عَلَى الْفَرْضِ قَالَ بَعْضٌ: وَلَوْ قَرَنَ نِيَّةَ النَّفْلِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا قَالَ آخَرُ، وَهُوَ فِي عُهْدَةِ هَذِهِ وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ.

(ص) وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِطَاعَةُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ، ثُمَّ أَبْدَلَ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، قَوْلُهُ (بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ رَاجِلًا، أَوْ رَاكِبًا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ، وَقَوْلُهُ: (بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فِي مَنْسَكِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَادِحَةٍ بِالْفَاءِ وَالدَّالِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ: ثَقِيلَةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ فَدَحَهُ الدَّيْنُ إذَا أَثْقَلَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُطْلَقِ الْمَشَقَّةِ فَإِنَّ السَّفَرَ لَا يَخْلُو عَنْهَا، وَلِذَلِكَ رُخِّصَ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: وَاسْتِطَاعَةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " حُرِّيَّةٌ " لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَوْ تَكَلَّفَهُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ وَقَعَ فَرْضًا، وَقَوْلُهُ بِإِمْكَانٍ إلَخْ أَيْ: إمْكَانًا عَادِيًا فَمَنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ بِطَيَرَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ فَعَلَهُ أَجْزَأَهُ وَحَيْثُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ دَخَلَ فِيهِ إمْكَانُ السَّيْرِ وَأَمْنُ الطَّرِيقِ فَقَوْلُهُ (وَأَمِنَ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ مِنْ لُصُوصٍ جَمْعُ لِصٍّ، مُثَلَّثُ اللَّامِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ السَّارِقُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْمُحَارِبُ، أَمَّا السَّارِقُ الَّذِي يَنْدَفِعُ بِالْحِرَاسَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَجُّ قَالَهُ بَعْضٌ (ص) إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لَا يَنْكُثُ (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَالٍ أَيْ:، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى الْمَالِ سَقَطَ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ لِصٍّ، أَوْ عَشَّارٍ مَا قَلَّ أَيْ: لَا يُجْحِفُ وَيَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ:، وَلَا يَعُودُ إلَى الْأَخْذِ ثَانِيًا فَلَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ إلَى مَا أَفْهَمَهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ عَدَمُ سُقُوطِ الْحَجِّ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ لَا إلَى قَيْدِ عَدَمِ النَّكْثِ لِمَا عَلِمْت مِنْ السُّقُوطِ مَعَ النَّكْثِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَوْلُهُ: لَا يَنْكُثُ أَيْ: عَلِمَ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي عِبَارَةِ شب

. (قَوْلُهُ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ) وَاسْتِطَاعَةٌ كَمَا سَيَقُولُ وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ فَالِاسْتِطَاعَةُ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي الْوُقُوعِ فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَهُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ لَوَقَعَ فَرْضًا (قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالشَّرْطُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ، أَوْ مِثْلِ جُزْئِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُوبِ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ: الْحُرِّيَّةُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالِاسْتِطَاعَةُ وَهَكَذَا عَدَّهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَزَادَ الْإِسْلَامَ وَنُوزِعَ فِيهِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَيُدْخِلُ فِي كَلَامِهِ السَّفِيهَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ اشْتَرَطَ فِي الْوُجُوبِ الرُّشْدَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: اتَّفَقَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالُ، بَلْ يَصْحَبُهُ الْوَلِيُّ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَنْصِبَ فِيمَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ مَنْ يُنْفِقُ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَالْمُنَاسِبُ الْوَاوُ أَيْ: وَأَطْلَقَ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ عَنْ الْفَرْضِ) أَيْ: وَالْفَرْضُ بَاقٍ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بِشِرَاءٍ، أَوْ كِرَاءٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّاحِلَةِ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، بَلْ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ: ثَقِيلَةٍ عَظِيمَةٍ) أَيْ: خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَأَنْ يَحْمِلَهُ جَانٌّ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ: بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ لِلتَّصْوِيرِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا " بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ "، وَقَوْلُهُ دَخَلَ فِيهِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ: بِاسْتِطَاعَةٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ: بِاسْتِطَاعَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَشَّارٍ) أَيْ: مَكَّاسٍ يَأْخُذُ الْعُشْرَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ (قَوْلُهُ وَيَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ:) أَيْ: يَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ: آخُذُ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا غَيْرَهُ أَيْ: وَعُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ عَادَةً كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: ظَالِمٍ مِنْ أَخْذِ الدَّالِّ عَلَى الطَّرِيقِ أُجْرَةً مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَلَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلُ الظَّالِمِ وَيَكُونُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمُسَافِرِينَ دُونَ أَمْتِعَتِهِمْ إذْ مَنْ مَعَهُ دَوَابُّ وَلَوْ كَثُرَتْ؛ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا فِي انْتِفَاعِهِمَا بِهِ، وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ عَدَدِ رُءُوسِ التَّابِعِينَ لَا الْمَتْبُوعِينَ فَقَطْ وَإِذَا جَرَى عُرْفٌ بِشَيْءٍ عَمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ اُنْظُرْ عب.

(قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَوَجْهُ مَا قَالَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَاجِعًا لِقَيْدِ عَدَمِ النَّكْثِ لَكَانَ الْمَعْنَى أَيْ: أَنَّ أَخْذَ الظَّالِمِ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَنْكُثُ عَلَى الْأَظْهَرِ لَا يُسْقِطُ الْحَجَّ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ هُنَاكَ خِلَافَ الْأَظْهَرِ يَقُولُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ يَنْكُثُ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْكُثُ يَسْقُطُ الْحَجُّ اتِّفَاقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>