للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يَنْكُثُ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ، أَوْ جَهِلَ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ سَقَطَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الشَّكِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَوْلُهُ: مَا قَلَّ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِكَوْنِهِ لَا يُجْحِفُ بِهِ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ نَحْوُ مَا لِلَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح.

(ص) ، وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ (ش) أَيْ: أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَلَّفُ لَا زَادَ مَعَهُ إذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ تَقُومُ بِهِ لَا تُزْرِي بِحَالِهِ وَيَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ عَدَمَ كَسَادِهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (لِذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ) ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا رَاحِلَةَ لَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) وَظَاهِرُهُ كَاللَّخْمِيِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لَهُ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْبَاجِيُّ اعْتِبَارَهُ (ص) كَأَعْمَى بِقَائِدٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى الْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ إذَا وَجَدَ قَائِدًا؛ لِأَنَّهُ بِهِ كَالْبَصِيرِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ يُوَصِّلُهُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى كَأَقْطَعَ وَأَشَلَّ وَأَعْرَجَ فِي يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ، أَوْ فِيهِمَا وَأَصَمَّ وَأَعْمَى بِقَائِدٍ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يُوَصِّلُهُ اللَّخْمِيُّ أَوْ كَانَ يَتَكَفَّفُ (ص) وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَلَّفُ لَا زَادَ مَعَهُ، وَلَا رَاحِلَةَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ وَلَهُ صَنْعَةٌ تَقُومُ بِهِ فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَشْيِ تَقُومُ مَقَامَ الرَّاحِلَةِ وَصَنْعَتُهُ تَقُومُ مَقَامَ الزَّادِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ، وَلَا زَادَ مَعَهُ أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ حِينَئِذٍ، فَقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَيْ: فِي جَانِبِ السُّقُوطِ، وَالضَّمِيرُ الْمُثَنَّى يَرْجِعُ لِلزَّادِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلِلرَّاحِلَةِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا.

(ص) ، وَإِنْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ يَعْنِي: أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ إلَّا ثَمَنَ وَلَدِ الزِّنَا مِنْ أَمَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ عِتْقُهُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ خِلَافَهُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا لَمْ يَجِدْ مَعَهُ إلَّا مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ عِنْدَ التَّفْلِيسِ مِنْ رَبْعٍ وَمَاشِيَةٍ وَثِيَابٍ، وَلَوْ لِجُمُعَةٍ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَخَادِمِهِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ، وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَمُصْحَفٍ وَآلَةِ الصَّانِعِ عَلَى أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَحُجُّ بِهِ فَقَطْ وَلَا يُرَاعَى مَا يَئُولُ أَمْرُهُ وَأَمْرُ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرُهُ إلَى اللَّهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِافْتِقَارِهِ) أَيْ: يَصِيرُ بَعْدَ الْحَجِّ فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا (أَوْ تَرَكَ وَلَدَهُ) أَيْ: وَنَحْوَهُ (لِلصَّدَقَةِ) ، وَقَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَلَا إشْكَالَ فِي تَبْدِئَةِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَحُكْمُ نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ حُكْمُ نَفَقَةِ الِابْنِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَيُقَدَّمُ الْحَجُّ عَلَيْهَا عَلَى مُقَابِلِهِ وَلَوْ خَشِيَ التَّطْلِيقَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ مِنْ فِرَاقِهَا فِيهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا.

(ص) لَا بِدَيْنٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، أَوْ سُؤَالٍ مُطْلَقًا (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَسْبَابَ الِاسْتِطَاعَةِ ذَكَرَ مُقَابِلَهَا هُنَا وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِالِاسْتِطَاعَةِ بِدَيْنٍ أَوْ بِقَبُولِ عَطِيَّةٍ، أَوْ سُؤَالٍ، أَمَّا الدَّيْنُ فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَقْضِيهِ بِهِ، أَوْ كَانَ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِبُعْدِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِهِ، وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ، وَأَمَّا الْعَطِيَّةُ فَلِأَنَّ فِيهَا مِنَّةً

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ) قَالَ فِي ك: وَمِثْلُ النُّكُوثِ إذَا تَعَدَّدَ الظَّالِمُ (قَوْلُهُ: أَوْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ شَكَّ) لَا شَكَّ أَنَّ جَهْلَ الْحَالِ فِي الْمَقَامِ يَرْجِعُ لِلشَّكِّ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا زَادٍ إلَخْ) أَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ سَحْنُونَ، وَمَنْ وَافَقَهُ بِاشْتِرَاطِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) تَحْقِيقًا، أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: كَأَعْمَى بِقَائِدٍ) أَيْ: ذَكَرٍ وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا زَادَ مَعَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ وَلَا صَنْعَةَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سِيَاقِ نِيَابَةِ النَّائِبِ وَالْمُنَاسِبُ اعْتِبَارُ الْعَجْزِ فِي النَّائِبِينَ أَوْ الْمَنُوبَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَيْ: الْمَشْيِ، أَوْ الزَّادِ (قَوْلُهُ أَيْ: فِي جَانِبِ السُّقُوطِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَجْزُهُ أَيْ: الْعَجْزُ عَنْهُ فَإِنَّ اعْتِبَارَهُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ إلَّا فِي جَانِبِ السُّقُوطِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ الْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ خِلَافَهُ) أَيْ: الْمُسْتَحَبُّ عَدَمُ عِتْقِهِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا فَيَكُونُ، قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُبَاعُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ كَعَكْسِهِ لَا بِأَوْ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ عَطَفَهُ بِأَوْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ بِمَا عَدَا وَلَدَ الزِّنَا لِتَقَدُّمِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ ك وَلَكِنْ جَوَّزَهُ الدَّمَامِينِيُّ بِأَوْ مُخَالِفًا لِمَا فِي التَّصْرِيحِ مُحْتَجًّا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا» وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: ٩٣] .

(قَوْلُهُ: أَوْ بِافْتِقَارِهِ) إنْ قِيلَ قَيَّدُوا هُنَا بِأَنْ لَا يَخْشَى هَلَاكًا عَلَيْهِمْ وَقَالُوا فِي التَّفْلِيسِ يُؤْخَذُ مَالُهُ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَعِيشُونَ بِهِ الْأَيَّامَ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ وَالْهَلَاكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَالَ فِي التَّفْلِيسِ مَالٌ لِغُرَمَاءَ، وَالْغُرَمَاءُ لَا يَلْزَمُهُمْ فِي نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ إلَّا الْمُوَاسَاةُ كَبَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْحَجِّ الْمَالُ مَالُهُ وَهُوَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ: كَأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ، أَوْ تَرَكَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا) أَيْ: أَوْ شَدِيدَ أَذًى.

(تَنْبِيهٌ) : لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْفِيرُ وَالْجَمْعُ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَطِيعًا

(قَوْلُهُ: أَوْ عَطِيَّةٍ) أَيْ: بِغَيْرِ سُؤَالٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: أَوْ سُؤَالٌ إلَخْ أَيْ: أَعْطَى لِأَجْلٍ لِحَجٍّ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ لَمْ يُعْطَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَتْ عَادَةً بِالْأَخْذِ مِمَّنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَأَمَّا إنْ أَعْطَى وَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، سَوَاءٌ أَعْطَى لِأَجْلِ الْحَجِّ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ فَقَدْ قَالَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَهُ؛ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ جِهَةٌ، أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>