وَصِيَّتِهِ بِأَنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي وَلَمْ يُعَيِّنْ ضَمَانًا، وَلَا بَلَاغًا وَلَا يَسْتَأْجِرُ بَلَاغًا؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ.
(ص) كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَيِّتَ إنْ عَيَّنَ لِلْأَجِيرِ مَوْضِعَ إحْرَامِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ أَطْلَقَ لَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ أَيْ: الَّذِي كَانَ يُحْرِمُ مِنْهُ كَالْجُحْفَةِ لِلْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالشَّامِيِّ وَيَلَمْلَمَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
(ص) وَلَهُ بِالْحِسَابِ إنْ مَاتَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ أَجِيرَ الضَّمَانِ إذَا مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ وَأَبَى وَارِثُهُ مِنْ الْإِتْمَامِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا سَارَ مِنْ الْمَسَافَةِ، وَمَا بَقِيَ عَلَى قَدْرِ صُعُوبَتِهَا وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا لَا بِحِسَابِ الْمَسَافَةِ فَقَدْ يَكُونُ رُبُعُهَا يُسَاوِي نِصْفَ الْكِرَاءِ لِصُعُوبَتِهِ وَعَكْسِهِ فَيُقَالُ: بِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْإِجَارَةِ مِنْ مَوْضِعِ الِاسْتِئْجَارِ، فَإِنْ قِيلَ بِعَشَرَةٍ قِيلَ: وَبِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ مِنْ مَكَانِ الْمَوْتِ فَإِنْ قِيلَ: بِثَمَانِيَةٍ رَدَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا بَقِيَتْ، أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَخَذَ وَارِثُهُ خُمُسَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِمَكَّةَ) إلَى رَدِّ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهَا، قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَضَعُفَ انْتَهَى، وَأَمَّا فِي الْبَلَاغِ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْجَعَالَةِ وَالصَّدِّ بِمَرَضٍ، أَوْ عَدُوٍّ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ كَالْمَوْتِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ صَدٍّ) إلَّا أَنَّ لَهُ هُنَا الْبَقَاءَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَلَا كَلَامَ لِمُسْتَأْجِرِهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُ هُوَ إنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ وَإِنْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ لَمْ تَنْفَسِخْ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْفَسْخَ مِنْهُمَا فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَقَاءِ فَقَوْلَانِ.
(ص) وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ (ش) أَيْ وَاسْتُؤْجِرَ بَدَلَ أَجِيرِ الضَّمَانِ حَيْثُ مَاتَ، أَوْ مَرِضَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ صُدَّ وَاخْتَارَ الْفَسْخَ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ مَحَلِّ الِانْتِهَاءِ لِعَمَلِ الْأَوَّلِ مَنْ يُكْمِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ س فِي شَرْحِهِ وَاعْتَرَضَ، بَلْ يَبْتَدِئُ الْأَجِيرُ الْحَجَّ مِنْ حَيْثُ اُسْتُؤْجِرَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إلَخْ وَلَا يُكْمِلُ عَلَى مَا سَبَقَ، اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ.
(ص) ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطٌ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا لَزِمَهُ هَدْيٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي سَبَبِهِ لِتَمَتُّعٍ، أَوْ قِرَانٍ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ فَسَادٍ، أَوْ تَعَدِّي
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَّا عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالِاسْتِئْجَارِ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ وَقَالَ بِهِ ابْنُ زَرْبٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْبَلَاغِ الْمَالِيِّ لَا الْعَمَلِيِّ
. (قَوْلُهُ: كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ) أَصْلُهُ مُوقَاتُ (قَوْلُهُ يَعْنِي: أَنَّ الْمَيِّتَ إنْ عَيَّنَ لِلْأَجِيرِ) أَيْ: عَيَّنَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجِيرِ فَالْمُعَيَّنُ لَهُ الْوَصِيُّ لَا الْأَجِيرُ وَقَوْلُهُ: بَلْ أَطْلَقَ لَهُ أَيْ: أَطْلَقَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجِيرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُطْلَقَ لَهُ الْوَصِيُّ، وَلَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَفَضَ سُكْنَى بَلَدِهِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مِيقَاتُ الْبَلَدِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ وَإِلَّا فَمِنْ مِيقَاتِ الْبَلَدِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَهُ عج وَمَفْهُومُ الْمَيِّتِ أَنَّ مِيقَاتَ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَيِّ لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ سُكُوتُهُ يَقْتَضِي الرِّضَا فِي الْجُمْلَةِ بِفِعْلِ الْأَجِيرِ.
(فَائِدَةٌ) الْمِيقَاتُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْفِعْلِ وَالْمَوْضِعُ يُقَالُ هَذَا مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُحْرِمُونَ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ بِالْحِسَابِ) لَهُ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَهِيَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِمُلَابَسَةِ حِسَابِ ذَلِكَ ك (قَوْلُهُ: رَدَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْأُجْرَةِ إلَخْ) أَيْ: الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا قَلِيلَةً، أَوْ كَثِيرَةً وَهَذِهِ الْقِيمَةُ إنَّمَا هِيَ مِيزَانٌ لِلْأَخْذِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَلَاغِ إلَخْ) أَيْ: إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ لَوْ حَذَفَ " قَدْرُ " لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: لَهُ مَا أَنْفَقَ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ك فَلَهُ النَّفَقَةُ إلَى مَكَانِ الصَّدِّ، وَفِي رُجُوعِهِ مِنْهُ ثُمَّ نَقُولُ هَذِهِ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي الْمُصَنِّفِ أَيْ: لِأَجِيرِ الضَّمَانِ وَالْبَلَاغِ لَكِنَّ الْحِسَابَ فِي أَجِيرِ الضَّمَانِ حَقِيقَةٌ، وَفِي أَجِيرِ الْبَلَاغِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَا يُحَاسَبُ فِيمَا مَضَى بِحَسَبِ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَإِنَّمَا لَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ فَاسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِمَرَضٍ فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الصَّدِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَعْلَهُ مِنْ أَفْرَادِهِ تَسَمُّحٌ فَلِذَا تَرَى بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَالَ وَمِثْلُهُ خَطَأُ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: كَالْمَوْتِ) أَيْ: فِي أَنَّ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِالْحِسَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ صُدَّ) أَيْ: قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ لَهُ هُنَا الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) أَيْ: فِي الصَّدِّ لَا فِي الْمَوْتِ وَيَحْتَمِلُ أَيْ: فِي بَابِ الْحَجِّ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ اهـ.
وَهَذَا فِي أَجِيرِ الضَّمَانِ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ قِيلَ بِجَوَازِ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ فِيهَا مَعَ وُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ، وَأَمَّا أَجِيرُ الْبَلَاغِ فَلَيْسَ لَهُ الْبَقَاءُ، وَانْظُرْ ك (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ) فَإِنْ لَمْ يَشُقَّ تَعَيَّنَ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْحَجِّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْبَقَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَيْ: فَسْخُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي صَارَتْ فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ فِي مَنَافِعِ السَّنَةِ الَّتِي تَقَعُ بَدَلًا وَالْجَوَازُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ أَخَفُّ مِنْ الْإِجَارَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلِأَنَّهُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، وَقَدْ صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَمُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْجِرَ بَدَلُ أَجِيرِ الضَّمَانِ إلَخْ) هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ وَاحِدًا مِنْ أَنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ مِنْ الِانْتِهَاءِ فِي إجَارَةِ الْبَلَاغِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ: مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهِ الْأَجِيرُ الثَّانِي، وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَلَ الْأَجِيرُ الْأَوَّلُ وَيُوَافِقُهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ مِنْ الِانْتِهَاءِ أَيْ: انْتِهَاءُ سَيْرِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ انْتِهَاءَ سَيْرِ الْأَوَّلِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الَّذِي بَعْدَ مَعَ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَيُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ أَيْ: انْتِهَاءُ السَّفَرِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَاحْرِصْ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ وَلَا تَغَيُّرَ فِيهِ وَلَا تَبَدُّلَ
(قَوْلُهُ: إذَا لَزِمَهُ هَدْيٌ) أَيْ: إذَا قَدَّرَ