للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُكُوبَ الْمُقَتَّبِ مُفَضَّلٌ عَلَى رُكُوبِ الْمَحْمَلِ وَالْمِحَفَّةِ، وَالْمُقَتَّبُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ قَتَبٌ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَالْفَوْقِيَّةِ رَحْلٌ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ السَّنَامِ.

(ص) وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ (ش) أَيْ: وَفُضِّلَ تَطَوُّعُ وَلِيٍّ مِنْ قَرِيبٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ عِنْدَ الْمَيِّتِ، وَكَذَا عَنْ الْحَيِّ بِغَيْرِ الْحَجِّ كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَهَدْيٍ وَعِتْقٍ فَمُرَادُهُ بِالْغَيْرِ غَيْرُ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَمَا ذَكَرَ لَا كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ عَنْهُ بِالْحَجِّ كَمَا يَأْتِي وَلِمَا أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ أَخَذَ يَذْكُرُ أَنْوَاعَ الْكِرَاءِ فِي الْحَجِّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: ضَمَانُ مَضْمُونٍ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، وَضَمَانُ مُعَيَّنٍ بِذَاتِهِ، وَبَلَاغٌ وَجَعَالَةٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَارَةً يَكُونُ مَضْمُونًا فِي السَّنَةِ وَتَارَةً مُعَيَّنًا بِهَا وَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَشَارَ إلَى الْمَضْمُونِ بِقِسْمَيْهِ، بَلْ بِأَقْسَامِهِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ (ش) أَيْ: فُضِّلَ إجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ وَمَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّ الضَّمَانَ أَحْوَطُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِوُجُوبِ الْمُحَاسَبَةِ لِلْأَجِيرِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتِمَّ لِصَدٍّ، أَوْ غَيْرِهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا إذْ لَا ثَوَابَ فِي كُلٍّ لِكَرَاهَةِ كُلٍّ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةُ الضَّمَانِ مَضْمُونَةً بِذِمَّتِهِ مِثْلَ مَنْ يَأْخُذُ كَذَا فِي حَجَّةٍ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنِهِ أَسْتَأْجِرُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَنِّي وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ عَيَّنَ السَّنَةَ فِيهِمَا، أَوْ أَطْلَقَهَا كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَى بَلَاغٍ أَيْ: بِقِسْمَيْهَا أَيْ: كَانَتْ بَلَاغَ جُعْلٍ بِأَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى إتْمَامِهِ، أَوْ بَلَاغَ ثَمَنٍ وَهِيَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ أَيْ: عَلَى بَلَاغِ مَالِي أَوْ بَلَاغِ عَمَلِي أَيْ: عَلَى بَلَاغٍ فِي مَالٍ أَوْ بَلَاغٍ فِي عَمَلٍ (ص) فَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهِ (ش) أَيْ: الْمَضْمُونَةُ فِي الْحَجِّ كَغَيْرِهِ يَحْتَمِلُ فِي الْكَرَاهَةِ، فَضَمِيرُ غَيْرِهِ يَرْجِعُ لِلْمَضْمُونَةِ، وَذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ أَيْ: فَالْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ كَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مِنْ بَلَاغٍ، أَوْ جُعْلٍ فِي الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَرَاهَةِ وَيَحْتَمِلُ فِي اللُّزُومِ، وَفِي كَوْنِ الْفَضْلِ لَهُ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ؛ وَالصِّفَةِ، وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَلَوْ قَالَ فَمَضْمُونَتُهُ كَغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ.

(ص) وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاجِرَ عَنْ الْمَيِّتِ إجَارَةَ ضَمَانٍ إذَا أَطْلَقَ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عَلَى رُكُوبِ الْمَحْمَلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَةِ الْمَحَامِلِ وَالْهَوَادِجِ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْمُتَكَبِّرِينَ الْمُتَرَفِّهِينَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَقْرَبُ لِلشُّكْرِ وَعِظَمِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنَّهُ عَارَضَ ذَلِكَ مَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَجَّ عَلَى مُقَتَّبٍ وَفَوْقَ الْمُقَتَّبِ قَطِيفَةٌ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا لَا رِيَاءَ فِيهِ وَلَا سُمْعَةَ» وَالْقَطِيفَةُ كِسَاءٌ مِنْ شَعْرٍ يُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالْمَحْمَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ كَحَمْلِ الْخَشَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْمَحَامِلَ الْحَجَّاجُ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْمِحَفَّةَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسَ، شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ.

(قَوْلُهُ كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ) فِي ك وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَوْلَى لِوُصُولِهَا إلَى الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَلُ لِقَبُولِهَا النِّيَابَةَ أَيْ: فَوُقُوعُهَا مِنْ النَّائِبِ كَوُقُوعِهَا مِنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْحَجِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْأَصْلِ أَجْرُ الْحَجِّ، بَلْ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ فَإِنْ قِيلَ الْحَجُّ مِنْ غَيْرِ الصَّحِيحِ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا سَيَأْتِي قُلْت لَيْسَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا كُرِهَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ لَا يَقْبَلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُوجِبُ حُصُولَ ثَوَابِهِ لِلْأَصْلِ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَا يَسْقُطُ فَرْضٌ مِنْ حَجٍّ عَنْهُ وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ تت أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ قَبُولِهِ النِّيَابَةَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ: الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّ فِيهَا كُلَّهَا الْخِلَافُ قَالَ عج، وَأَمَّا ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ فَيَصِلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الذَّاكِرُ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ عَدَمُ الْوُصُولِ ثُمَّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الدُّعَاءِ كَأَنْ يَقُولَ اجْعَلْ ثَوَابَ قِرَاءَتِي لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ إجْمَاعًا كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِي ثَوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَرَى فِي ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ يَكُونُ كَثَوَابِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ مَضْمُونٍ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ) أَيْ: إجَارَةٌ مَضْمُونَةٌ أَيْ: مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ كَأَنْ يَقُولَ اسْتَأْجِرْ مَنْ يَحُجَّ عَنِّي بِكَذَا وَقَوْلُهُ: وَضَمَانٌ مُعَيَّنٌ بِذَاتِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ أَنْتَ عَنِّي بِكَذَا.

(قَوْلُهُ: إلَى الْمَضْمُونِ بِقِسْمَيْهِ) أَيْ: مَضْمُونٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، وَمَضْمُونٌ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ:، بَلْ بِأَقْسَامِهِ) وَهُمَا الْقِسْمَانِ مَضْرُوبَانِ فِي مَضْمُونٍ فِي السَّنَةِ وَمَضْمُونًا مُعَيَّنًا فِيهَا (قَوْلُهُ: أَحْوَطُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْبَلَاغِ وَهُوَ الْبَلَاغُ الْمَالِيُّ لَا الْعَمَلِيُّ وَتَفْسِيرُ الْبَلَاغِ هُنَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى إتْمَامِهِ) أَيْ: فَإِنْ أَتَمَّ الْعَمَلَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي مَالٍ) أَيْ: مَعَ مَالٍ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ مُسْتَوٍ مَعَ الْمُشَبَّهِ فِي جَهَالَةِ الْحُكْمِ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ أَحَدِهِمَا مُشَبَّهًا وَالْآخَرِ مُشَبَّهًا بِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَاغٍ، أَوْ جَعْلٍ) أَرَادَ بِالْبَلَاغِ هُنَا الْبَلَاغُ الْمَالِيُّ.

(قَوْلُهُ وَالصِّفَةُ) أَيْ: الْحَقِيقَةُ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فَمَضْمُونَتُهُ كَغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ، أَمَّا الْأَخْصَرِيَّةُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَظْهَرِيَّةُ فَلِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَيْ: وَالْمَضْمُونُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ حَالُهُ مَعْلُومٌ خِلَافُ الْمَضْمُونِ فِي الْحَجِّ فَحَالُهُ خَفِيٌّ فِي ذَاتِهِ فَصَحَّ التَّشْبِيهُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ الْيَسِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ

(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ) قَالَ بَعْضٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَضْمُونَةَ مَضْمُونَةٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَمُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْوَصِيُّ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَالْأَحْوَطُ الْمَضْمُونُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ أَنَّهُ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>